اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


ما الأشياء الخطرة التي يمكن أن يقدم عليها بنيامين نتنياهو، خلال الشهرين المقبلين، لاقفال الطريق أمام كامالا هاريس؟ هذا هو تحذير توماس فريدمان في "النيويورك تايمز"، لكأن ذلك الرجل هو من يملك مفاتيح البيت الأبيض، بل ومفاتيح الأمبراطورية.

هاريس بين خيارين. كل منهما قد يكون، أو لا يكون، لمصلحتها. اذا انحازت، ولو قيد أنملة، الى الضحايا في غزة تكسب الناخبين العرب، لا سيما في ولاية ميتشيغان، وهي احدى ولايات "حزام الصدأ" الهامة بأصواتها الـ 15 في المجمع الانتخابي ( 538 صوتاً)، لكنها تخسر اللوبي اليهودي الذي احترف اللعب، أخطبوطيأً، وحتى اللحظة الأخيرة ليكون حجر الزاوية في العملية الانتخابية.

في المقارنات "النوعية" التي يبدو ألاّ أثر لها لدى الناخبين، كامالا هاريس، ابنة المؤسسة، وتمتلك مواصفات الـ Statesman، أي رجل الدولة. دونالد ترامب الآتي اما من أزقة، أو من ناطحات السحاب، في نيويورك، بانتهاج سياسات نعثر على مصطلح لها في الكتب الأكاديمية العسكرية "استراتيجية نهش الكلاب"، حيث النهش العشوائي، أو المقاربة العشوائية (بالتغريدات الشهيرة) للقضايا الكبرى. غالباً ما يكون ذلك لمصلحة النخبة البيضاء، أو النخبة الثرية.

للمرة الأولى، الشرق الأوسط، ككمية بشرية مهملة، مركز الاستقطاب الرئيسي لمسار الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة. واذ تحاول القوى المناوئة للسياسات الأميركية الحد من التوترات لأن "الساعة الكبرى" لا تزال بعيدة، وحتى لا يستثمرها المرشح الجمهوري، يبدو بنيامين نتنياهو مستعداً للذهاب بعيداً في رهاناته اذا كان من شأن ذلك اعادة المرشح اياه الى المكتب البيضاوي.

المثير والصادم هنا أن ادارة جو بايدن، كبطة عرجاء، باتت تنظر، وهي تلفظ أنفاسها الأخيرة، بعقلانية ما الى المشهد الشرق أوسطي، والى ما يمثله الائتلاف الحاكم في اسرائيل من خطورة على المصالح الأميركية.

أمام نتنياهو أكثر من خيار لازاحة المرشحة الديموقراطية. ضربة واسعة النطاق ضد ايران، بذريعة أنها تجاوزت العتبة النووية، حتى إن القنبلة باتت على وشك الظهور تحت عمامة آية الله خامنئي، أو لكونها تدير، كما تمد القوى المعادية للدولة العبرية بكل "أسباب الحياة". من الخيارات أيضاً شن حرب ضد لبنان، يمكن أن تشعل الجبهات كافة، بالتداعيات الكارثية حتى على الوجود الأميركي في المنطقة، ثم هناك اجتياح الضفة الغربية لتخلو من سكانها االعرب، كما تظهر الخريطة التي رفعها نتنياهو أمام العالم من المبنى الزجاجي في نيويورك.

هي يقظة اللحظة الأخيرة لدى الادارة الأميركية التي بعثت أكثر من اشارة حول استعدادها لاستئناف المفاوضات الخاصة بالاتفاق النووي مع ايران التي تتوجس من فوز دونالد ترامب، كما أنها أعطت الضوء الأخضر لكل من باريس والرياض لفعل ما يلزم من أجل اعادة الانتظام الدستوري، والانتظام السياسي، الى لبنان، باعتبار أن استمرار المواجهة مع "حزب الله"، وقد أظهر الكثير من التفهم لمساعي واشنطن بعدم توسيع الحرب، لا بد أن تبقي المنطقة على حافة الانفجار.

من هنا التحرك السعودي والفرنسي، وفي ظل ما يحكى عن تمني طهران على أصدقائها في لبنان، التجاوب مع ذلك التحرك، ولكن دون المس بالمواصفات التي حددها الحزب للرئيس العتيد. البعض يرى أن هذه المواصفات قد تنطبق على أكثر من مرشح. البعض الآخر لا يرى أي امكان للتراجع عن المرشح الوحيد.

لا اغفال لأصوات بعض القوى اللبنانية التي تراهن على عودة دونالد ترامب لاعادة ترتيب، أو تفجير، المعادلات السياسية، والاستراتيجية، الراهنة. بطبيعة الحال في تناغم مباشر، أو غير مباشر، مع زعيم الليكود الذي يعرف كيف يقتل الأيام مثلما يقتل الأطفال.

المنطقة تعيش مرحلة في منتهى الحساسية، وفي منتهى الخطورة، في ظل الارتباك الأميركي على أبواب الانتخابات الرئاسية، وما دامت الكلمة الأخيرة، والرصاصة الأخيرة، لتلك الثلة من الذئاب التي تستعيد، بالدم، ثقافة حائط المبكى بكل ايحاءاته التاريخية والايديولوجية.

شهران (هائلان) على "الثلاثاء الكبير". ربما الاشارة التي ينبغي التوقف، والتأمل فيها، قول البنتاغون انه لا يستطيع ابقاء حاملات طائراته، وتوابعها، في المنطقة الى ما لا نهاية. ولكن ألا يتصرف نتنياهو كما لو أن رأس كامالا هاريس، ورأس دونالد ترامب، بين يديه؟!

الأكثر قراءة

الكمّاشة المالية الدولية تحاصر لبنان... ماذا ينتظر البلاد؟ هل يتمّ الإفراج عن سلامة غداً؟