اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

تختلف التوقعات في شأن مصير الهدنة الإنسانية في قطاع غزة، على الرغم من رأي الغالبية ان الهدنة ليست إلا استراحة أيام قبل ان يعاود أطراف المعركة لاستئناف القتال، الذي يتوقع ان يشهد جولات جديدة لن تقل عنفا وضراوة عن الجولة الأولى ما قبل الهدنة، وعليه يتم اليوم في الوقت القصير مما تبقى من الهدنة المستقطعة، إحصاء المكاسب والأضرار من قبل الأطراف قبل الانتقال مجددا الى مرحلة أخرى.

فمن جهة المقاومة تحتسب الهدنة انتصارا كاملا لها، كما ان المقاومة في جهوزية دائمة لاستئناف المعركة لاحقا، وفي قراءة دقيقة لمسار الحرب يؤكد مطلعون على مسار العمليات في الجنوب، ان حزب الله اقترب كثيرا من تحقيق الأهداف التي وضعها من بداية الحرب، فهو أولا منع العدو الإسرائيلي من الاستفراد بحركة حماس، من خلال إشغال وإسناد جبهة الجنوب لإلهاء وتشتيت تركيز جيش العدو الإسرائيلي، وفرض مبدأ وحدة الساحات، وانه المرجعية الإقليمية التي يعود إليها الجميع في المفاوضات.

يُظهر تتبع الأحداث ان حزب الله نجح في تخطي الألغام الداخلية، ومحاولة تأليب الرأي العام في الداخل ضد عمل المقاومة، فأبرز المدافعين عن حزب الله اليوم من خصومه ومَن لا يلتقي معه حول مواقف كثيرة، وفي طليعتهم النائب السابق وليد جنبلاط الذي أعاد وصل علاقته مع الحزب، فأصدر مجموعة مواقف متضامنة مع حرب غزة وعدد من التوصيات لحزب الله، كما كان جنبلاط أول المعزين بشهداء المقاومة بعد غارة بيت ياحون التي استشهد فيها خمسة مقاومين منهم نجل النائب محمد رعد. واللافت في التعزية ان جنبلاط قفز فوق الاعتبارات السياسية متجاوزا الاختلاف السياسي بينه وبين الحزب.

مواقف جنبلاط شكلت مفارقة، بحسب مصادر سياسية متابعة، وأهميتها في توقيتها ومضمونها ونتائجها المستقبلية، فهو رفض استعداء حزب الله في مرحلة دقيقة ومفصلية، واستطاع أن يؤمن الغطاء الداخلي لعمل المقاومة ويحمي ظهرها.

المفارقة ان الموقف من الحزب يأتي من شخصية سياسية تصادمت لفترة طويلة مع حزب الله من دون مهادنة، حيث كان الحزب "الاشتراكي" جزءا من الفريق المواجه للحزب. واللافت أيضا في هذا السياق ان ارتقاء شهداء حزب الله لاقى تفاعلا واحتضانا لبنانيا، خصوصا ان استشهاد رجال المقاومة يحصل اليوم على أرض لبنان، وليس في سوريا او غزة.

ومن أهم مفاعيل حرب غزة والجنوب انها وحدت المواقف والساحة الداخلية، تضيف المصادر، وأفرزت تقاربا بين الضاحية والمختارة. فحزب الله اليوم "ممتن" بقوة لمواقف جنبلاط من حرب غزة وجنوب لبنان، مقابل حالة انعدام استقرار نشأت لدى حلفاء "الاشتراكي" الذين يتخوفون من تغيير او انقلاب يؤدي الى خلط الاوراق السياسية عندما تنتهي الحرب، فجنبلاط يتعامل بواقعية مفرطة مع الأحداث، وينتظر التطورات في قطاع غزة ولبنان لبناء استراتيجيته المقبلة، التي لن تكون معادية للمقاومة بالتأكيد، خصوصا انه على المدى البعيد متخوف على مستقبل المنطقة وما يرسم من خرائط، وليس متفائلا بالهدنة في قطاع غزة، كما يعتبر ان العدوان على غزة لا يزال في بداياته.

مع ذلك، فان أداء جنبلاط أربك حلفاءه وخلق حالة غموض في الداخل، فجنبلاط الأب عاد متصدرا الساحة رغم انكفائه وتسلم نجله تيمور "القيادة الاشتراكية"، ومع ان واقع الأمور يدل على ان موقف جنبلاط من أحداث غزة لن ينعكس على موقفه الرئاسي مستقبلا، فإن الامور متروكة لأوقاتها، فجنبلاط لم يصدر اي إشارات في الموضوع الرئاسي، وان كان الأرجح البقاء على تقاطع رئاسي مع المعارضة، في حين ان السير بمرشح حزب الله الرئاسي سليمان فرنجية مطروح في حالة واحدة فقط، وهي حال التحولات الإقليمية الكبرى.

 


الأكثر قراءة

بكركي ترفض «دفن الديمقراطية وخلق السوابق» وبري يعتبر بيان «الخماسية» يُـكمل مبادرته شرف الدين يكشف لـ«الديار» عن لوائح للنازحين تنتظر موافقة الامن الوطني السوري تكثيف معاد للإغتيالات من الجنوب الى البقاع... والمقاومة مستمرة بالعمليات الردعية