اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

الأولوية لأوكرنيا أم "لاسرائيل" في الأمن الاستراتيجي للولايات المتحدة. ايديولوجياً، الأولوية لمن في العقل السياسي الأميركي، لأوكرانيا المسيحية أم "لاسرائيل" اليهودية؟

وكان ادوار سعيد قد لاحظ أن اللوبي اليهودي عمل، على مدى عقود، وربما على مدى قرون، لاشاعة الفوضى في اللاوعي الأميركي، لا سيما لدى النخبة، كوسيلة لاختراق هذا اللاوعي والاقامة فيه.

هل من فوضى الآن أكثر اثارة من الفوضى الأميركية، ما ينعكس على مجمل العلاقات، والمعادلات، الدولية، لا سيما في الشرق الأوسط الذي سبق لليو شتراوس، ووصفه، بتلك الفظاظة، بـ "أريكة الشيطان"، وان عاد وتنبه الى حساسية الثروات النفطية التي فيه، والتي تحتاج اليها واشنطن في ادارة الكرة الأرضية ...

ما يتبين من النقاشات التي تجري، حالياً، في تلة الكابيتول، أو في الأجهزة التنفيذية، اضافة الى الصحف والشاشات، أن الأمبراطورية تقف حائرة أمام أزمتين دون أفق هما الأزمة الأوكرانية والأزمة الاسرائيلية.

وكان جوزف ستيغليتز، الحائز نوبل في الاقتصاد، قد تنبأ بوقوع الزلزال المالي عام 2008، كنتيجة لانفاق نحو 3 تريليونات دولار على الحرب في أفغانستان والعراق، لتكون الحصيلة الاستراتيجية أدنى من الصفر. أوكرانيا نموذج آخر لـ "الضياع في الأزقة الضيقة"، كما كان وزير الدفاع الفرنسي السابق جان ـ بيار شوفنمان يرى "السقطات الأميركية العظمى".

اسئلة في الكونغرس "الى أين نحن ذاهبون ؟"، بعدما تحولت الحرب في أوكرانيا الى دوامة للدم الذي يذهب هباء وللمال الذي يذهب هباء، دون أن يعود بالامكان ضمها الى حلف الأطلسي ونصب صواريخ كروز على أرضها في اطار الخطة الخاصة بفرض الحصار ألأوروبي، والآسيوي، على الاتحاد الروسي. فولوديمير زيلينسكي يصرخ. قناة "فوكس نيوز" قالت لكأنه صراخ رجل تحت الأنقاض، وهو تحت الأنقاض فعلاً.

رهان جو بايدن على "خلع" فلاديمير بوتين سقط بالكامل ليسقط معه ذلك السيناريو الجهنمي لتفكيك بلاده. المساعدات العسكرية التي أدت الى تفريغ التراسانات، والى تفريغ الاقتصادات الأوروبية، انتهت الى الفشل.

ما يحدث على المستوى الديبلوماسي يثبت أن الولايات المتحدة تدور في حلقة مفرغة. ها أن القيصر يلتقي ابراهيم رئيسي حول استيعاب الاحتمالات العاصفة في الشرق الأوسط، لنراه في الخليج حيث تقول مصادر موثوقة أنه أجرى محادثات على مستوى عال من الحساسية حول أزمات المنطقة.

بوتين يعتبر أن الولايات المتحدة دأبت على تعقيد تلك الأزمات، وخصوصاً ما يتعلق بالصراع الفلسطيني ـ الاسرائيلي، ودون أن يكون الستاتيكو الطريق السوي، والمنطقي، لحل أي من الأزمات، حتى أن الرئيس الروسي أبلغ من التقاهم، وتبعاً للمصادر الديبلوماسية، بأن ادارة جو بايدن (والآن كبطة عرجاء) عاجزة عن تنفيذ وعودها بدفع التطورات نحو ولادة الدولة الفلسطينية، هذا اذا لم تكن، اساساً، ضد قيام هذه الدولة...

ألم يكتب المفكر الروسي ألكسندر دوغين عن الخطط الأميركية لـ "اغتيال الزمن" في منطقة تقول الكتب المقدسة أن الزمن ولد فيها، لتبقى هكذا رهينة تلك "الشقوق الميتة في التاريخ"!

مثلما اقترب الأميركيون من خط النهاية في الشرق الأوروبي، ليراقصوا التنين في الشرق الآسيوي، يقتربون من خط النهاية في الشرق الأوسط حين يستطيع بنيامين نتنياهو "أن يجر الأمبراطور من أذنيه"، ليرى جورج بولتون أن سياسات بايدن اقرب ما تكون الى التزلج، وهو عاري القدمين، على الحرائق.

رفض كامل من قبل الائتلاف لحل الدولتين، أياً كان شكل الدولة الفلسطينية. الجنون في ذروته. لم يعد المؤرخون يقولون "ما بعد هيروشيما"، بل "ما بعد غزة" التي استخدمت لتدميرها أشد القنابل ألأميركية هولًا. الاسرائيليون واثقون من عودة وشيكة لدومينو التطبيع. بوتين قال، في لقاءاته الأخيرة كلاماً خطراً حول ما يمكن أن يأتي به التواطؤ الأميركي ـ الاسرائيلي. بوابات الدم في غزة هي بوابات الشرق الأوسط الآخر.

عربياً، الوضع لا يقتضي قرارات استثنائية فحسب، وانما قادة استثنائيين أيضاً. لنبدأ البحث في دفاتر... شهرزاد!!


الأكثر قراءة

لا دولة فلسطينيّة... لا دولة لبنانيّة