اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

عند كل محطّة مفصلية تتّجه الأنظار الى الحراك المسيحي بشكل عام، والماروني منه بشكل خاص. فالطائفة التي كانت في أساس تكوين لبنان، تعتبر حكماً مسؤولة خلال الأزمات، في المبادرة للحفاظ على الكيان، والعمل لإخراجه من أزماته. فكيف إذا كانت هذه الأزمات متشعّبة ومتداخلة، سياسياً واقتصادياً ونقدياً واجتماعياً.

وجاءت حرب غزة وامتداداتها الجنوبية، لتزيد من الهواجس والمخاوف، فالجمهورية بلا رئيس، والشغور المستمر يترك بصماته وتداعياته على أكثر من ملف، كما وعلى أداء السلطتين التشريعية والتنفيذية، حتى بدت الجمهورية وكأنها تعاني من تعطيل الأعمال، كلّما طالت فترة تصريف الأعمال.

يأتي موقف البطريركية المارونية ليطلق جرس إنذار مستمر. يضع النواب أمام مسؤولياتهم، والقوى السياسية على مختلف تلاوينها أمام واجباتها، لعدم الاستسلام للأمر الواقع والرضوخ لمنطق إضاعة الوقت الذي يزيد من تصدّعات بنيان الكيان المترهّل أصلاً.

وفي هذا السياق، تنشط الاتصالات البطريركية بعيداً من الإعلام، تضاف إليها حركة الأبرشيات المارونية، لا سيما في مناطق النزاع في الجنوب، بحيث أتت الزيارة الأخيرة للسفير البابوي إلى بلدتي رميش وعين إبل الحدوديتين وإلى المناطق المجاورة لمناسبة عيد الميلاد، لتحمل معها رسالة صمود وثبات في الأرض رغم كل التحديات والمخاطر المحدقة.

وفي هذا الإطار، يقول "رئيس تجمّع موارنة من أجل لبنان" المحامي بول كنعان، الذي كان مع التجمّع الذي يمثّل حاضراً في المناطق الحدودية، "إن البطريركية المارونية حاضرة بقوة في صلب ما يجري، تبادر سياسياً كما اجتماعياً وتعاضدياً، وهي تنشط من خلال الأساقفة والكهنة على تأمين الإيواء لمن يحتاج، والمساهمة في الصمود لمن بقي في أرضه، وما القداديس والريسيتالات والزيّاحات والصلوات التي رافقت عيد الميلاد، إلا الدليل على أن المسيحيين لم ولن يتركوا أرضهم، كما أن الكنيسة ناشطة في المناطق المختلطة، أو تلك غير المسيحية، لأنها تعتبر أنها مسؤولة عن كل لبناني، كما أن الأم مسؤولة عن أبنائها".

وأكد أن "رسالة الصمود هذه ستستمر في الفترة المقبلة، وستكون هناك مبادرات عديدة من خلال الكنيسة والمؤسّسات التابعة لها أو التي تدور في فلكها، وتجمّع موارنة من أجل لبنان من بينها".

وحول مستقبل المسيحيين في البلد، شدّد كنعان، والذي تربطه علاقات وطيدة بدوائر الفاتيكان، "أن الحضور المسيحي في لبنان ليس متروكاً، ووفق المعلومات والمعطيات، فإن دوائر الفاتيكان ناشطة لدعم لبنان وقضيته لدى دول القرار، بديبلوماسية ناشطة خارجياً لتأمين انتخاب رئيسٍ جديد للجمهورية، يعيد انتظام العمل المؤسساتي والدستوري في البلد".

ويكشف في هذا السياق، "أن قداسة البابا فرنسيس الأول والكرادلة لا يكتفون بحمل لبنان في صلاتهم، بل في اتصالاتهم وحراكهم المستمر مع كافة الدول الكبرى المعنية بالملف اللبناني، فانتخاب رئيس للجمهورية يشكّل مفتاح الحلول وإعادة تكوين السلطة التنفيذية وملء الشواغر واستعادة حيوية الإدارات والمؤسسات". من هنا، يتابع المحامي كنعان، أن "العمل على تكوين هذه المظلّة المساعدة على وصول رئيس حامل لمشروع إنقاذي وقادر على تطبيقه والسير بالإصلاحات المالية والاجتماعية والسياسية التي يحتاج اليها لبنان".

وحول الحراك الرئاسي المستقبلي لبكركي مع بداية العام الجديد، يشير إلى أن "الأيام الأولى من العام الجديد ستحمل معها دينامية جديدة ستتعاطى على أساسها بكركي مع الملف الرئاسي المتعثِّر، وحركة مستجدة تتبلور شيئاً فشيئاً، لأن سياسة الإبقاء على الأبواب الموصدة بين القوى والأفرقاء السياسية الداخلية، يعني استمرار الأزمة، أما المعالجة فتحتاج إلى تواصل وتلاق ومبادرة وتفكير جديد".


الأكثر قراءة

إنهم يقتلون أميركا...