اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

أكثر من مئة يوم مرّ على العدوان الصهيوني على غزة، ولم يحقِّق العدو أي هدف من أهدافه المعلَنة، ولا الأهداف الموجودة بنياته المبيّتة، إنما كانت كفيلة بإظهار ما كان حريصاً "الإسرائيلي"على إخفائه في ما يتعلّق بالوضع الداخلي للكيان، وبالعلاقة مع الولايات المتحدة، ففي الأولى خرجت الانقسامات الى العلن، وفي الثانية خرجت الخلافات الى العلن، حتى ولو لم تكن على المستوى الاستراتيجي والأهداف الكبرى.

كما التقييم الذي أجراه أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله حول ما حقّقه العدو من خيبات وإخفاقات خلال ١٠٠ يوم، أيضاً للعدو تقييمه الذي يؤكد على ما قاله السيد نصرالله، حيث ركّز الإعلام "الإسرائيلي" على هذه النقطة، وظهر واضحاً الاقتناع التام والعام بعدم تحقيق أي هدف وضعته القيادة الصهيونية، فلا استطاعوا استعادة أسير واحد، ولا تم القضاء على حماس، بل على العكس رغم القصف العنيف والقتل والتدمير والدخول الى غزة، استطاعت حماس تغيير نمط عملها باستنزاف الجيش الصهيوني، وتحويل القطاع الى مستنقع سيَغرق فيه الصهاينة إذا فكّروا في احتمال البقاء فيه.

حالة من الإحباط تسود الشارع الصهيوني، فالرأي العام بات يُجمِع على أن هذه الحكومة غير قادرة على تحقيق الأهداف التي وضعتها للحرب، لذا تكوّنت قناعة لديه بضرورة إيقافها لإستعادة الأسرى الصهاينة، فالإستمرار بالحرب يُعتبر خسارة للكيان، وسيأتي بالخراب عليه أكثر، بعد أن بلغت الأمور اليأس من تحقيق الأهداف التعجيزية، التي وضعتها القيادة من بداية العدوان، وما يُعقِّد المشهد أكثر هو الانطباع العام الذي بدأ يَظهر حول بنيامين نتنياهو وأهدافه الشخصية بالاستمرار في المعركة، خوفاً من محاكمته بعدها...

تصميم نتنياهو على الاستمرار في المعركة ومعه الفريق اليميني في الحكومة لاختلاف الأسباب، يزيد الانقسام أكثر داخل الكيان ويُعمِّق الخلاف مع الولايات المتحدة، فمن الطبيعي أن يتعمّق الانقسام، وبخاصة أن الفريق المعارض للحكومة يريد إيقاف الحرب لعدم جدواها، ومع كل فشل ترتفع الأصوات الداخلية للضغط على الحكومة باتجاه إنهاء العدوان، باعتبار أن المكسب الوحيد الذي يمكن تحقيقه الآن هو استعادة الأسرى، حتى ولو كان بالتفاوض مع حركة حماس أي وفقاً لشروطها، ما يعني أن حالة الإحباط واليأس والعجز وصلت الى حدودها القصوى، حتى القبول بمكسب هو في الحقيقة يُعتبر تتويجاً لأعظم هزائم العدو.

أما لناحية الأميركي فهو بدأ ينزعج من موقف نتنياهو ويَقلق، وفي الوقت نفسه يبحث عن مَخرج للحرب، وبخاصة أن ما يطرحه من حل سياسي غير مقبول لدى نتنياهو وفريق حكومته قبل الطرف الآخر، لكن في الوقت نفسه واشنطن لا تريد كسر "إسرائيل"، وهنا الوضع الأميركي ليس أفضل من "الإسرائيلي"، فأيضاً هو وقع بمأزق عدم القدرة على الحسم، بحيث أنه غير قادر على الضغط أكثر على الكيان، ولا يستطيع أن يترك نتنياهو يستمر في الحرب حتى النهاية، ولا يريد إيقاف الحرب دون نتائج. مع العلم أنها بدأت تتكون قناعة لديه أنه أمام حرب عبثية دون جدوى، بل أكثر يجد نفسه أمام حرب استنزاف يمكن أن تتطور حيث لا يريد هو.

إذاً، يحاول الأميركي و "الإسرائيلي" التعويض عن حالة الإحباط والقلق بترجمتها بالتهديد والتهويل على محور المقاومة، إلا أن تهديداتهم لا تلقى صدى ولا تأثيراً على مختلف الجبهات، والدليل العمليات النوعية التي تسير بوتيرة تصاعدية لا يوقفها تهديد ولا ترهيب، وإنما تتوقف بإيقاف العدوان على غزة، كما أكّد السيد نصرالله في خطابه الأول والأخير.

الأكثر قراءة

اكثر من حجمه