اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

لا يزال موضوع الطلاب النازحين من القرى الحدودية يحظى باهتمام واسع من قبل الأسرة التربوية بعناصرها كافة، لا سيّما في ظلّ عدم حصول كلّ الطلاب على التعليم سواء الحضوري أو " عن بعد"، إذ يبلغ عدد التلامذة الذين لم يلتحقوا بمدارسهم الأساسية نحو 6800 تلميذ، ونحو النصف تقريبا لم يلتحق حتى الآن، فيما المسألة تزداد تعقيدا عند صفوف الشهادات الرسمية.

وفي إطار التصدّي لهذه الأزمة، كان وزير التربية والتعليم العالي في حكومة تصريف الاعمال عباس الحلبي، قد أطلق في السابع والعشرين من تشرين الثاني من العام 2023، بالشراكة مع المركز التربوي واليونيسف واليونسكو والوكالة الألمانية للتعاون الدولي وبرنامج الغذاء العالمي، خطة لاستحداث مدارس الإستجابة للطوارىء في المناطق التي انتقل إليها النازحون... بمعدل 10 مدارس للتعليم العام، و10 للتعليم المهني والتقني، يتوافر في صفوفها أجهزة كمبيوتر محمولة... وتأمين مال نقدي لتغطية انتقال التلاميذ إليها وتغذية ومياه شرب من قبل برنامج الغذاء العالمي.

إلى ذلك، وبتاريخ 11 كانون الأول 2023، شدّد المدير العام للتربية عماد الأشقر في تقرير سلّمه للحلبي ،على ضرورة أن يعملَ مديرو المدارس على تسجيل جميع التّلامذة والمعلمين في مدارس الإستجابة على الرابط : https://sta.mehe.gov.lb/login.aspx للحصول على بدلات النقل، ولفت إلى أن "اليونيسف" بدأت بتحويل بدلات النقل لنحو 943 تلميذاً و 163 معلماً مسجلين على المنصة، وأنّ أسماء المُعلّمين والمتعلّمين موجودة على نظام "سيمز" لإدارة المعلومات التربويّة...وأنّه تمَّ توزيعُ أجهزة كمبيوتر محمول على 8 مدارس...إلخ.

وبعيدا عن نوايا الجهات المانحة من سرعة دعم الطلاب النازحين من المناطق الحدودية على غير عادتها، وبعيدا عن تقييم مدى فعالية الخطة الرسمية للتعامل مع النزوح التربوي، فإنّ "رياح الإستجابة لم تأت كما تشتهي سفن الوزير"، إذ لم يلتحق كلّ الطلاب النازحين ولم تتوفر لهم سبل ذلك الإلتحاق بنوعيه "الحضوري وعن بعد" على مستويات عدّة.

الدولة لا تكترث لوضع النازحين

حاله كحال معظم النازحين من الحدود الجنوبية، لم تصله أيّ مساعدة تربوية لضمان متابعة دراسة أبنائه، حسن ٤٥ سنة من بلدة عيتا الشعب الحدودية، موظّف وأب لأربعة أولاد،( Kj3 ، ثامن، ثالث ثانوي "إقتصاد وإجتماع"، LT معلوماتية إدارية)، يتابعون دراستهم حاليا عبر الـ on Line، نزح مع أسرته مع بداية الإعتداءات الصهيونية عند أحد أقاربه في بيروت، ثمّ عاد مجددا إلى الجنوب وتحديدا إلى منطقة "معروب"، ليستقر في منزل مستقل مع أسرته، في ظلّ حالة نفسية غير جيدة يفاقمها عدم اكتراث الدولة لوضع النازحين على حدّ تعبيره، ما اضطره مجبرا للإعتماد على بعض الخيّرين من أبناء بلدته لتأمين بعض الإحتياجات، فضلا عن جهده الشخصي من خلال عمله، على أنّ ما يفاقم معاناة أسرته هو "عدم توفر أيّ وسيلة تدفئة في هذا الطقس البارد ما يشكل عبئا نفسيا إضافيا يؤثر سلبا على حالتنا الصحية عموما ودراسة أولادي خصوصا".

مدارس الإستجابة ليست الحل!

"الديار" تواصلت مع مدير إحدى المدارس الرسمية المقفلة في الجنوب، الذي أشار إلى أنّ الوزارة تأخرت في وضع خطط مدارس الإستجابة وأنّها غير مجدية خصوصا بعد نزوح الأهالي والتلامذة والأساتذة إلى مناطق مختلفة في بيروت والبقاع والشمال وصور، ما جعل التحاقهم يتطلب بدل نقل وكتب غير متوفرة، فيما التحق بعض الأساتذة بمدارس رسمية قريبة من منازلهم وفضّلوا عدم الإلتحاق بمدارس الإستجابة لصعوبة تأمين النقل أو تغيير مكان السكن، ومعوقات أخرى كالمنازل التي تأوي 3-4 عائلات وأخرى لا يتوفر فيها كهرباء وإنترنت، مؤكدا على أنّ مدراس الإستجابة ليست الحل المناسب، لذا كان الخيار الأنسب هو التعليم "أون لاين" علما أنّه ليس متاحا للجميع هو الآخر.

لم يتّم توزيع الأجهزة بعد!

وفق مدير المدرسة المقفلة قدّمت اليونيسيف للطلاب النازحين بدل نقل لـ 3 أشهر، بمعدل 20 دولارا عن كلّ شهر، لافتا إلى اللقاء الذي جرى بعد أكثر من 3 أشهر على بداية الحرب، بتاريخ 11 من هذا الشهر بين الوزير ومدير التعليم الإبتدائي ورؤساء المناطق التربوية ومدراء المدارس المقفلة في الجنوب، وإلى التأثير السلبي للتأخير على المنقطعين و المتابعين "أون لاين"، ومؤكدا أنّه لم يتم توزيع أي شيء للمدارس رسميا حتى الآن، متطرقا إلى مبادرة النائب أشرف بيضون، بمساعدة الأحزاب السياسية والمجتمع المحلي، لتشجيع الأهالي على تسجيل أولادهم على منصة الوزارة، كي تصلهم المساعدات، لافتا إلى معضلة أخرى هنا تعيق المعلومات الدقيقة وهي تغيّر أماكن النازحين، فيما قبض الأساتذة رواتبهم وبدل الإنتاجية، ووعدهم الوزير بأن يستمر البدل لنهاية العام الحالي.

صفوف الشهادات: المعضلة الأهم

شدّد مدير المدرسة المقفلة على التمسك بإجراء الإمتحانات الرسمية لكنها لن تكون عادلة نظرا لاختلاف ظروف الطلاب، مقترحا في حال أصرت الوزارة على إجراء الإمتحانات الرسمية فيمكن إجراء دورة إستثنائية كما حصل سابقا في الشمال أثناء الأحداث الأمنية فيها، متمنيا على الوزارة أن تستمر في إعطاء الأساتذة حقوقهم وتسرع عملية المساعدات المادية للتلامذة من بدل نقل وتأمين أجهزة لهم وللأساتذة وإشتراك إنترنت لمن لا يستطيع، وإلا سيكون هناك مشكلة في ضمان التحصيل العلمي الصحيح واستمراريته.

جواد: تبقى العبرة في التنفيذ"

أطلعنا رئيس رابطة معلمي التعليم الاساسي في لبنان الأستاذ حسين جواد في حديث لـ "الديار" إلى أنّ عدد الأيام التعليمية بلغ ٤٦ يوما حتى تاريخ(12 كانون الثاني)، من دون تعطيل باستثناء يومين أقفلت فيهما المدارس رسميا تضامنا مع غزة واستنكارا لحرب الإبادة، فيما يبلغ عدد المدارس الرسمية المقفلة 26 مدرسة في محافظة النبطية، و6 مدارس في محافظه الجنوب، فيما يقارب عدد المعلمين (ملاك ومتعاقدين) 800 أستاذ، وعدد التلاميذ 6800 تلميذ بحسب إحصاء وزارة التربية.

واقعا لم يلتحق الجميع بالمدارس في المناطق التي هجروا اليها بناء لقرار وزارة التربية، إذ التحق عدد قليل من المدرسين -وفق جواد- الذي أبدى استغرابه من قرار وزير التربية وسأل: " كيف يُطلب إلى من تهجّر وهام على وجهه ولا يدري أين يذهب أن يلتحق بالمدرسة كذا أو كذا، وهمّه الأول تأمين احتياجات عائلته لذلك نجد عدم إلتزام بالقرار!"، كما أشار إلى أنّ وضع التلاميذ لا يقلّ سوءا، فالتحاقهم بالمدارس مرتبط بالأهل الذين يسعون لتأمين مسكنهم ومعيشتهم قبل إرسالهم الى المدارس، فيما تشير إحصاءات الوزارة إلى أنّ 3500 طالب التحقوا إمّا بـ"التعليم عن بعد" أو بمدارس الإستجابة أو بالمدارس القريبة من أماكن تهجيرهم، على أنّ ما يوازي هذا العدد لا يعرف مصيرهم ولم يلتحقوا إطلاقا.

ولفت إلى أنّ رابطة معلمي التعليم الأساسي في لبنان طالبت بإعطاء بدل الإنتاجية ( 300 دولار) لكلّ أستاذ وإن لم يلتحق، لأنّ إقفال المدارس قرار قسري، وإذ شكر جهود وزارة التربية لتأمين التعليم للتلاميذ، اعتبر أنّها لم تفِ بالغرض نظرا لبعد أماكن التهجير عنها، وأردف أنّ نحو 30 تلميذا من مناطق عيتا الشعب وبيت ليف وغيرهما، التحقوا بمدرسة "الغسانية" التي يديرها، لانتقال أهلهم إليها وتفاديا لكلفة النقل، فأقرب مدرسة إستجابة توجد في الغازية.

جواد تطرّق أيضًا إلى "التعليم عن بعد"، موضحا أنّه" قد أبلغنا وزير التربية في الإجتماع الأخير ( 11 كانون الثاني) أنّه سيتم توزيع " لابتوب" لكلّ مدرّس و"تابلت" لكلّ تلميذ ليتمكن كلّ منهم من متابعة "التعليم عن بعد"، فيما يتردّد أنّ كلفة مدارس الإستجابة مع التعويضات المقترحة للتلاميذ للإنتقال إليها تبلغ 2 مليون دولار، وأنّ كلّ تلميذ سيستفيد من بدل الإنتقال بما يعادل 60 دولار شهريا، كما أنّ هناك بدلات نقل للمعلمين، ولكن وتبقى العبرة بالتنفيذ" على حدّ تعبيره.

أمّا بموضوع إمتحانات الشهادة المتوسطة خلص الاجتماع الأخير لرابطة معلمي التعليم الأساسي إلى اقتراح ستناقشه المديرية العامة للتربية قريبا، يتضمن إجراء إمتحانات موحّدة في كافة المدارس، ويؤخذ بعين الإعتبار العلامات المدرسية ٦٠% و علامات الإمتحان الموحّد ٤٠% ويشرف على سير هذا الإمتحان الموحّد في المدارس مراقب من قبل الوزارة في كل مدرسة، وهناك مواد اختيارية وسيتم إعادة النظر في علامات التثقيل.


الأكثر قراءة

«اسرائيل» تواصل التهويل: انسحاب حزب الله او الحرب الشاملة تعديلات بالشكل لا بمضمون «الورقة الفرنسية» لا بروفيه وامتحان موحد لـ«الثانوية»