اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

بين التهويل "الاسرائيلي" بالحرب المدمّرة، والتحذير الاميركي من مخاطر كبيرة وواقعية لإمتداد الحرب إلى جميع أنحاء الشرق الأوسط ، بعدما تقدم ملف اليمن على قضية غزة بفعل مخاطره الاقتصادية على دول العالم، ودخول جبهة لبنان في دوامة الروتين ، يتحضر المحور الديبلوماسي لاطلاق جولة اتصالات ومفاوضات في محاولة جديدة لاخراج لبنان من عنق زجاجة الازمات الامنية والسياسية، بدءا بفصل مساره عن مصير غزة وصولا الى انجاز الاستحقاق الرئاسي.

ويبدو ان زمن انقلاب التوازنات وتغيير التحالفات قد بدأ فعليا في الداخل وعلى الحدود، خصوصا بعد انتهاء معركة التمديد لقائد الجيش العماد جوزاف عون، تماما كما الاوضاع على الجبهة الجنوبية التي تقترب يوما بعد يوم من تغيير مفترض للمعادلات وقواعد الاشتباك، في ظل رفض "تل ابيب" مواجهة اي سيناريو يأتيها من لبنان مشابه لما حصل في القطاع، رافعة من وتيرة ضغوطها لخلق منطقة عازلة على الحدود، قطبتها المخفية مستوطنو الشمال، وذلك بالتزامن مع محاولة ديبلوماسية غربية - اميركية تثبت تطبيق القرار 1701 وتبعد الحرب.

في الاثناء، كشفت مصادر ديبلوماسية  بانه بعد "الستاتيكو" الذي وصلت اليه التطورات الميدانية في ظل الاستنزاف القائم، والذي بدأ مردوده العسكري يتراجع مع صعوبة ادخال اسلحة جديدة الى ساحة المعركة، نتيجة قواعد الاشتباك القائمة غير المرغوب بكسرها حاليا، باتت الورقة الاقوى في يد حارة حريك مستوطنات الشمال وسكانها، مع ما خلفه "تهجيرهم" من ازمات على الداخل "الاسرائيلي"، بعدما تبين ان خطط الاخلاء الموضوعة منذ عام 2012 لم تعد صالحة في ظل المواجهة الحالية.

فقد بينت الوقائع إنه في حين يتم إيواء سكان الجنوب في فنادق، تقوم الخطة الحكومية على تركيز سكان مستوطنات الشمال في مدارس ، دون أي قدرة على ممارسة الحد الأدنى من الحياة الطبيعية، حيث تبيّن أنها غير مناسبة في الحرب الحالية، لأنه حتى في الفنادق التي توفّرت فيها المرافق الأساسية، يجد السكان الذين تم إخلاؤهم صعوبة في البقاء هناك لفترة طويلة متواصلة. علما ان نصف سكان تلك المستوطنات يرفضون العودة قبل ايجاد حل نهائي لتهديد حزب الله من جهة، فضلا عن انه في ذروة عمليات الإجلاء استقبلت الفنادق المنضوية تحت "اتحاد الفنادق الإسرائيلية" نحو 120 ألف نازح موزعين على 45 ألف غرفة في الفنادق.

امر ان دل على شيء فإلى حجم التأثير الذي تركته العمليات العسكرية التي ينفذها حزب الله طوال المئة يوم ، وما خلفه ذلك من اهتزاز للثقة بين المستوطنين والجيش وعدم قدرة الاخير على حمايتهم، وأنّ المناطق المتاخمة للحدود اللبنانية غير آمنة، فيما كانوا من قبل يتفاخرون في السكن والعمل بالقرب من السياج، مستندين إلى ما يرونه تفوقاً رادعاً لقوة جيشهم. فالوجود العسكري "الإسرائيلي" على الحدود الشمالية، وفقا لوضعه الحالي المستند الى القرار 1701،  من غير المرجح أن يُقنع "الإسرائيليين" الذين يعيشون في المنطقة بالعودة إلى المستوطنات، إضافةً إلى أنّه لن يُقلّل من التهديد الذي تشكله أسلحة حزب الله "الأكثر تقدماً".

واشارت المصادر انه استنادا الى ذلك، فان "تل ابيب" لن توقف عملياتها على الجبهة اللبنانية، قبل تطبيق هدفها وفقا لشروطها، وهو ما ابلغته للوسطاء العرب والاجانب، بان عودة المستوطنين وضمان امنهم امر لا نقاش فيه، بما في ذلك فتح حرب مع لبنان، وهو ما يقلق الاوروبيين، خصوصا ان مسألة تعطيل الحياة في مستوطنات الشمال خلفت ازمة زراعية كبيرة، اضطرت معها "اسرائيل" الى الاستعانة بالمنتجات الزراعية التركية لسد هذا العجز والنقص.

وختمت المصادر بالدعوة إلى عدم الاستهانة بما تحقق على الحدود، إذ يكفي ان الاخلاء الذي حصل كان "أكبر حركة للإسرائيليين منذ عقود"، وفقا للإعلام "الاسرائيلي"،  والذي لم يشهد له مثيلا "لا في عام 67، ولا في عام 73، ولا في عام 82، ولا في عام 2006"، إذ أصبحت منطقة الحدود الشمالية لـ"إسرائيل" فارغة، حيث يبدو إن المستوطنين غير مستعدين أبداً للعودة إلى مناطقهم.


الأكثر قراءة

العلويّون ضحايا العلويين