اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

تتصدّر في الأيام الاخيرة على واجهة القضايا الدولية القضية الفلسطينية، ولا سيما بعد الافعال الاسرائيلية التي تشن حربا منذ 4 اشهر على قطاع غزة لم يسبق لأي حرب معاصرة ان اتخذت نية سافرة لتطهير عرقي كما يحصل في غزة وهي مستمرة حتى يومنا هذا.

ولكن العنوان القانوني  لافعال العدو الاسرائيلي في غزة هو الابادة الجماعية وليس التطهير العرقي الذي  قد يكون له معنى في تفسير عمليات اسرائيل تجاه اهل غزة، الا ان هذا التعبير غير مدرج في قائمة اختصاصات المحاكم الجنائية الدولية، وكذلك محكمة العدل الدولية، فالجرائم الدولية هي اربعة: جريمة الحرب، جريمة ضد الانسانية، الابادة الجماعية والاعتداء، ومن الملفت ان هذه الجرائم الدولية الاربع تحاسب الاشخاص الطبيعيين والافراد في الدول بينما محكمة العدل الدولية التي تعتبر احدى مؤسسات هيئة الامم المتحدة تحاسب الدول حصراً في المسائل التالية: تفسير المعاهدات، مسائل في القانون الدولي، تحقيق واقعة تثبت خرقا لالتزام دولي و نوع ومدى التعويض.

فهل للابادة الجماعية التي ترتكبها اسرائيل في غزة سبيل تجاه محاسبتها عبر محكمة العدل الدولية؟

لا يمكن رفع دعوة لمحكمة العدل الدولية بتهمة الابادة الجماعية لانها من اختصاص المحكمة الجنائية الدولية، فهي قد تتعرض للرد بدعوة عدم الاختصاص، بينما تركز محكمة العدل الدولية على الواجب والمسؤولية الدولية تجاه حقوق الانسان وحفظ السلم والامن الدوليين بالمقاضاة القانونية، فالسبيل الذي يمكن سلوكه بالدعوة الدولية في لاهاي هو دعوة على اسرائيل بارتكابها واقعة تثبت بها خرقها للالتزام الدولي في (اتفاقية منع ومعاقبة الابادة الجماعية) التي اعتمدت بالاجماع كأول معاهدة لحقوق الانسان في الجمعية العامة للامم المتحدة عام 1948 ودخلت حيز التنفيذ عام 1951، وان ارتكاب واقعة تثبت الخرق للالتزام الدولي هو من صميم عمل محكمة العدل الدولية.

وبالفعل  رفعت جنوب أفريقيا  الدعوى بشأن انتهاكات إسرائيل لالتزاماتها بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية في غزة وعدم تطبيقها لاتفاقية منع جريمة الابادة الجماعية وهي لم تمنع التحريض عليها، في مقر المحكمة في لاهاي – هولندا.

بررت الدعوة المرفقة بوثائق من 84 صفحة بان إسرائيل ترتكب عملية تدمير للفلسطينيين في غزة كجزء من القومية الفلسطينية، اضافة الى الفصل العنصري منذ 75 عاما وحصار 16 عاما مفروض على غزة، و سلوك إسرائيل الان كدولة ووكلائها والأشخاص والكيانات التي تتبع تعليماتها أو تحت توجيهها او سيطرتها  يشكل انتهاكا لالتزاماتها الدولية بموجب اتفاقية منع الإبادة الجماعية، وان اسرائيل فشلت في منع الإبادة الجماعية ولم تقاض في التحريض العلني على الإبادة.

طلبت جنوب أفريقيا من المحكمة الإشارة إلى تدابير مؤقتة من أجل حماية الفلسطينيين في غزة من أي ضرر جسيم إضافي وغير قابل للإصلاح بموجب الاتفاقية، وضمان امتثال إسرائيل لالتزاماتها بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية بعدم المشاركة في الإبادة والتحرك لمنعها والمعاقبة عليها. وبعد الجلسات اصدرت المحكمة أمراً لاسرائيل يوم الجمعة في 26 -1- 2024 لاتخاذ التدابير المؤقتة لحماية الفلسطينيين، باعتبار انهم مجموعة محمية وفق المادة الثانية من اتفاقية منع الابادة الجماعية .

ولكن في النهاية المحكمة لم تحكم على اسرائيل بقرار قضائي بتهمة الابادة الجماعية واعتبرت ان هذا الامر يحتاج لعدة سنوات من المداولات والاجراءات القضائية، فان اكتفاء المحكمة بعبارات يجب على اسرائيل ان تلتزم باتفاقية منع الابادة الجماعية بشكل فوري ويجب ان تضمن عدم اجراء قواتها المسلحة بارتكاب مخالفة هذا الالتزام وكذلك يجب ان تفتح المجال للاغاثة الانسانية وتامين مقومات الحياة في غزة، هذه العبارات قد لا تُفرح الفلسطينيين ولكنها تعتبر معقولة وخجولة في الوقت نفسه، فهي لم ترد دعوة جنوب افريقيا بل وافقتها ورفضت دعوة اسرائيل برد الدعوة، ولم تتأخر باشارة اسرائيل الفورية باتخاذ تدابير لمنع الابادة الجماعية، ولكنها لم تصدر قراراً قضائيا صارماً ضد اسرائيل ولا حتى بوقف الحرب والقتال.


الأكثر قراءة

الأميركيّون "الاسرائيليّون"... العرب الأميركيّون