اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


حين قلنا لمحمد الماغوط "قد نكون بحاجة الى الصدمات الكهربائية، للخروج من هذه الغيبوبة العثمانية" (تصوروا أن نعرّض عظام يعرب بن قحطان للصدمات الكهربائية)، علّق بمنتهى الجدية "يا صاحبي ... قد نكون بحاجة الى الصدمات النووية للخروج من هذه الغيبوبة الأبدية". أيها السيد عميحاي الياهو، أو ايها السيد أفيخاي أدرعي، أين قنبلتكم النووية؟

لنسأل لماذا الاصرار على الوقوف في وجه خطة بنيامين نتنياهو (وهي الخطة الأميركية) لتغيير الشرق الأوسط؟ لا نعتقد أن الوضع في لبنان أو في سوريا  أو في اليمن  أو في ليبيا  أو في السودان، يمكن أن يكون أكثر كارثية مما هو عليه الآن. من نجا من هذه الغرنيكا الدموية، اما أن يكون قد سقط بمرور الزمن أو سقط في السلة الأميركية، حيث الاستنزاف والاستهلاك الدراماتيكي للثروات وللأزمنة، وهي رهان الأمم على الانتقال حتى الى ما بعد الكائن البشري،  لنذكّر بقول لليفي أشكول، رئيس الوزراء "الاسرائيلي" ابان حرب حزيران 1967، "الاستهلاك جنة الحمقى"!

ما رأيكم، ونحن ندخل في العالم ما بعد التكنولوجي، أن تستعين دولة عربية بخبراء بريطانيين لاقامة مزارع للدجاج (الدجاج النووي)، وأن تستعين دولة أخرى بخبراء من هولندا والدانمرك لبناء مصنع لـ"تخصيب" الألبان!

فليتغيّرالشرق الأوسط كما يتغير (هل هو من صنعنا أساساً؟). لا نتصور أن ثمة أزمنة آسنة أكثر من هذه الأزمنة. اجترار شائن لثقافة القبائل ولثقافة الأزقة. حتى الآن، وتذكّروا اننا في القرن الحادي والعشرين، حيث تدجين الكواكب الأخرى على قاب قوسين أو أدنى، تهدد العشائر الشيعية بالتصدي لقرار مجلس الوزراء (تراه حقاً مجلس الوزراء اللبناني؟)، لتواجهها العشائر السنية بتبني القرار، فيما يلوّح النائب نديم الجميّل وبفصاحة النابغة الذبياني، بشارع مقابل شارع. يا رجل، هل أنت ممثل الأمة، وهل أنت ابن بشير الجميّل الذي رفع شعار الـ 10452 كيلومتراً مربعاً، وبالدولة الواحدة؟ فهل مساحة لبنان ووحدة لبنان بالشارع المسيحي وبالشارع السني وبالشارع الشيعي؟ زقاق قبالة الزقاق؟ يا لعارنا...

الطريف حين نحذر من الزمن الأميركي، كما لو أن هناك زمناً لبنانياً في لبنان، وزمناً عربياً في العالم العربي. المستشرق الأميركي برنارد لويس رأى فينا "الحالة الدروينية الضائعة". هكذا ينظر الينا الأميركيون حقاً...

انهم فوق أكتافنا، بل فوق ظهورنا، بل فوق جثثنا، منذ أن أزاح دوايت ايزنهاور الأمبراطورية البريطانية والأمبراطورية الفرنسية عن المسرح على ضفاف السويس عام 1956. الأمبراطورية السوفياتية لم تنتج لا مارلين مونرو ولا الكوكا كولا، لتسويق ايديولوجيتها  كايديولوجيا للحياة  في العالم. انتجت شاربي ستالين، وطائرات الميغ التي لا تعدو كونها الطناجر أو الطنابر الطائرة.

عندما يقول الأميركيون بتغيير الشرق الأوسط، المسألة لا تتعدى عملية تغيير أثاث الحانة (الحانة الأميركية). كل ما يفعله دونالد ترامب، وهو لاعب وعاشق الغولف، انه يلاعبنا بالعصا كما يلعب بكرة الغولف. لا ندري اذا كنا نستحق بقاماتنا العالية العصا الأميركية. اسألوا أولياء أمرنا...

قائد أحد الأحزاب حزم بسيف قسطنطين الأكبر، أن ثمة حزباً واحداً في لبنان ثابر على مدى 40 عاماً على تخريب البلاد، باعتباره هو من من باع الجنوب وأهل الجنوب الى ياسر عرفات، وهو من نثر الورود على دبابات آرييل شارون، وهي تختال في شوارعنا الغراء، وباعتبار أن الأحزاب الأخرى التي حملت القضية الطائفية والطوائفية بأكثر مظاهرها بشاعة، هي الأحزاب المقدسة (كل حزب يتولى التأجيج الغرائزي هو حزب قاتل للبنان).

كان يفترض بحزب الله الذي خرج من هذه الأرض، لا من سراويل القناصل، أن يترك الأقدام الهمجية تعبث دمويأً بأرضنا وبأهلنا، بغياب دولة لم تعرف الا في سنوات قليلة المعنى الحقيقي، لا المعني القبلي ولا المعنى الطوائفي للدولة. رجاء، اشفقوا على هذا البلد ولو مرة واحدة. لسنا شيئاً في لعبة الأمم، ولسنا شيئاً في لعبة القبائل. أشد هولاً من الكانتونات الطائفية، الأزقة الطائفية، وهي المقابر الطائفية. هل هكذا، ايها الشيخ نديم يستقيم لبنان، زقاق مقابل زقاق؟

يبدو أننا كلنا أبتلينا بعدوى الأزقة لكي نحفر الخنادق، لا لكي نحفر الصخر من أجل بلد، على الأقل يستحق البقاء، بعيداً عن التسكع على أبواب القصور، أو على أبواب الصناديق.

كم يبدو المشهد رائعاً حين ينعقد مجلس وزرائنا تحت المسيرات "الاسرائيلية"، وهي تلاحق حزب الله بالقنابل، لكي يطارده وزراؤنا الأفاضل بالسكاكين. هذا الجيش الذي أمامكم جيش للبنان، لا "لاسرائيل" ولا لأميركا، ولا الى من يهددنا بالجوع وبالعوز اذا لم نطأطئ رؤوسنا، واذا لم نضع ظهورنا بتصرف "حاخامات" العصر، سواء تكلموا لغة اشعيا أم لغة الأصمعي.

هنا أميركا لا "اسرائيل". المشهد أمامكم. هل تمكن بنيامين نتنيياهو بمئات القاذفات الأميركية،  وبآلاف الأطنان من القنابل الأميركية أن يحتل وعلى مدى عامين من القتل اليومي، قطعة زجاجية من الأرض لا تتعدى مساحتها مساحة بلدة لبنانية؟

الشرق الأوسط، و كما شاء العرب وكما شاء "الاسرائليون"، حانة أميركية. كل ما يفعله "الاسرائيليون" واشقاؤهم العرب، اليوم تغيير الديكور الداخلي للحانة. لا فارق بين قهقهات الكاوبوي وقهقهات "الحاخام". ماذا عن شيخ القبيلة؟!

الأكثر قراءة

اول غيث العناد اهتزاز «ميثاقية» الحكومة بري يخرج عن «السمع» يدبروا راسهم... وتصعيد متدرج للـ«الثنائي» الحكومة تقرّ مقدمة ورقة براك وتعد بإنقاذ الاقتصاد!