اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

سقطت الثوابت. الاجواء المشحونة داخليا والضغوط تتزايد على حزب الله سواء من قوى لبنانية او خارجية. لبنان دخل في مسار سياسي جديد لا يشبه المسار في المرحلة السابقة او حتى في الماضي القريب. واشنطن و»تل ابيب» تضغطان دوما ضد حزب الله وترسانته العسكرية الا ان ديبلوماسيا عربيا كشف ان الضغط الذي مارسته جهة عربية فاق الضغط الاميركي و«الاسرائيلي» بعدما كانت المعلومات قد ذكرت ان الاتصالات التي اجرتها تلك الجهة هي التي كانت وراء البلبلة في تصريحات المبعوث الاميركي توم باراك، والتي انتهت بورقة تجاهلت كليا المحادثات التي أجراها مع الرئيس نبيه بري والتي حفلت بافكار يمكن ان تنتهي بمعالجة سلاح حزب الله على نيران هادئة، لا كما يحدث حاليا. اما اليوم يتداخل قرار مجلس الوزراء مع التصعيد السياسي والاعلامي الذي بدا جليا امس والذي قد يؤدي الى تداعيات خطيرة في حال حصلت اي محاولة لنزع سلاح حزب الله تحت النيران وبالقوة.

وفي سياق متصل، سلط احد الوزراء الضوء على جلسة مجلس الوزراء يوم الثلثاء الماضي بأن اجهزة الهاتف لدى بعض المشاركين في الجلسة بقيت شغالة بصورة لافتة ولمدة طويلة. ويبدو ان كان هنالك اشخاص من الخارج يضغطون لعدم ارجاء الجلسة، او لاتخاذ قرار حمال اوجه، في حين كانت التعليمات «التي ظهرت في المواقف الصادمة والمفاجئة، التي طرحت باصرار واكدت على ان ينص القرار على وضع خطة او للمباشرة العملانية في التنفيذ في مسألة نزع سلاح حزب الله».

بموازاة ذلك، ترجح مصادر عسكرية في حديثها لـ«الديار» ان الجيش «الاسرائيلي» لن ينسحب من المواقع اللبنانية التي احتلها مؤخرا اضافة الى 18 نقطة المتنازع عليها بين لبنان والكيان العبري. وتابع ان كل الوعود خالية من اي ضمانات.

وهنا تكمن العقدة في هذه المعادلة المطروحة اليوم خاصة بعد كلام سموتريتش عن عدم انسحاب من لبنان، وسيستمر الاحتلال لفترة كبيرة من الزمن لا يمكن تحديدها في حين ان الجميع يصوبون نحو سلاح المقاومة بينما هذا السلاح لا يشكل العائق امام بناء دولة ومؤسسات. فمن هي القوى التي تستطيع مقاومة الاحتلال الاسرائيلي؟ واذا كان الاحتلال الاسرائيلي يمنع عودة المواطنين اللبنانيين الى بيوتهم، فبأي منطق تطرح مسألة تسليم حزب الله سلاحه؟

المواجهة الميدانية الخيار الاكثر احتمالا في حال.....

وامام هذه الوقائع، فان المعركة المقبلة اتية لا محالة رغم عدم وضوح ملامحها حتى اللحظة والمؤشرات تدل على أن لبنان مقبل على تطورات ميدانية خطيرة يصعب تجاهلها. ذلك ان المعطيات تشير إلى أن احتمال اندلاع مواجهة ميدانية يظل الخيار الأكثر ترجيحاً إذا وصلت الأمور إلى محاولة نزع سلاح حزب الله بالقوة.

ويقول مصدر عسكري لـ«الديار» ان هناك مجموعات موجودة في الداخل اللبناني مستعدة للتحرك عسكريا عندما يحين الوقت بوجه حزب الله وما التوقيفات التي نفذتها الاجهزة الامنية اللبنانية الا خير دليل على استعداد خلايا ارهابية الى تفجير الشارع اللبناني. وتبين ان التنظيمات الأصولية تنشط في مناطق التماس، لا سيما في شمال البقاع، عكار، ومناطق أخرى.

هذا الواقع بطبيعة الحال يثير القلق في نفوس اللبنانيين الذين خبروا مرارة الحرب الأهلية وتحويل وطنهم إلى ساحة صراع وصندوق بريد لتصفية حسابات إقليمية ودولية..

أما بشأن بعض القوى اللبنانية التي تعوّل على دعم الولايات المتحدة وتظن أن واشنطن لن تسمح بانزلاق لبنان إلى الفوضى، فيؤكد مصدر دبلوماسي أن هذه الرهانات في غير محلها. فالإدارة الأميركية الحالية، بحسب المصدر، لا تضع لبنان ضمن أولوياتها، ولا تُبدي اهتماماً كبيراً إذا ما غرق هذا البلد في أحداث دموية أو شهد انهياراً أمنياً شاملاً..

مهلة أب: اخر محاولة لتجنب شرب «الكأس المر»

في هذا السياق، رأى دبلوماسي عربي أن المهلة الممنوحة للجيش اللبناني لوضع خطة لنزع سلاح حزب الله، والتي تنتهي مع نهاية شهر آب الجاري، ليست سوى محاولة لشراء الوقت، لتفادي مواجهة حتمية وصعبة. وشبّه الأمر بما قاله السيد المسيح: «يا رب، أبعد عني هذه الكأس»، في إشارة إلى مرارة الخيارات المطروحة.

لكن الدبلوماسي نفسه أبدى تشاؤمه، مشيراً إلى أن لبنان بات فعلياً ساحة صراع، وأن اللبنانيين، للأسف، لن يتمكنوا من تفادي تجرّع «الكأس المرّة» التي تلوح في الأفق. وأضاف أن «إسرائيل» تعمل على تحييد نفسها عن هذا النزاع، وتسعى لترك المهمة للولايات المتحدة، لتقوم بالدور وتحرّك الأوراق بالنيابة عنها. وفي النهاية، تطمح تل أبيب إلى قطف ثمار هذا التصعيد، دون أن تتورّط مباشرة في ميدانه.

اما من جهة حزب الله، لا يزال يتمتع بقوة سياسية وشعبية لافتة، مدعوماً بقاعدة شيعية راسخة، تقف بثبات في وجه الحصار والضغوط المتزايدة. ورغم التحديات، لم تهتزّ هذه القاعدة، بل استمرت في التعبير عن ولائها ودعمها لحزبها وحلفائه.

لكن ما يميّز حزب الله، إلى جانب قوته الميدانية، هو نضجه السياسي الواضح، إذ يدرك أن الانزلاق إلى مواجهة داخلية سيكون بمثابة مغامرة خاسرة للجميع. لذلك، لن يزجّ بجمهوره في معركة داخلية سيدفع فيها اللبنانيون، دون استثناء، أثماناً باهظة، في وقت يحتاج فيه البلد إلى التماسك لا الانقسام، وإلى الحوار لا التصادم.

دمشق جاهزة لاي عملية عسكرية في لبنان

في تطور لافت، تشير المعطيات إلى أن الجهات نفسها التي دفعت سابقًا نحو إشعال صراع داخلي في لبنان وفشلت آنذاك، تعود اليوم بزخمٍ أكبر، بعدما أصبحت سوريا تحت نفوذها، ما يضع دمشق في موقع الجاهزية لتنفيذ أي عملية عسكرية على الأراضي اللبنانية إذا استدعى الأمر.

وبات المشهد الإقليمي والمحلي مهيئًا إما لحصار خانق أو لمواجهة مباشرة، قد تصل إلى حدود الدفع نحو إخراج الوزراء الشيعة من الحكومة، تكرارًا لما حدث إبان حكومة فؤاد السنيورة، التي استمرت رغم انسحاب الوزراء الشيعة منها، وأحالت حينها ملف المحكمة الدولية الخاصة باغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري إلى مجلس الأمن.

يُذكر أن رئيس مجلس النواب نبيه بري وصف تلك الحكومة في حينه بـ»الحكومة البتراء»، في إشارة إلى فقدانها التمثيل الطائفي المتوازن، ما شكّل سابقة سياسية في تاريخ الحكومات اللبنانية.

الجيش اللبناني يظهر قوته

والامر اللافت الذي يستحق التوقف عنده هو قيام الجيش اللبناني باستخدام مسيرة له وقصف مطلوبين متورطين في تجارة المخدرات ما ادى الى مقتل عنصرين من آل زعيتر. وهذا الامر يؤكد ان الجيش لديه مسيرات وقادر على توظيفها في عمليات عسكرية له في لبنان وهنا اراد الجيش توجيه رسالة لجميع القوى اللبنانية على حد سواء بأنه ليس جيشا ضعيفا بل لديه تكنولوجيا متطورة اضافة الى انه سيرد ولن يبقى مكتوف الايدي اذا تعرض لاعتداء. اما الاهم في استهداف الجيش شخصين من عشيرة آل زعيتر هي ان طريقة حل الامور مع المخربين تبدلت ولم تعد عبر تسوية او بالتراضي بين الجيش والعشائر بل سيعتمد الجيش المواجهة العسكرية مع من يكون خارج عن القانون ولن يرضى بانصاف الحلول.

خطة جاهزة للتنفيذ

لم يعد خفيا ان اجواء الثنائي الشيعي المشحونة شعبيا وسياسيا، تتوجس من اي مفاجأة قد تحدث سواء عبر الحدود او داخل الحدود بعدما وردت معلومات لا تزال ضبابية حتى اللحظة وهي تتحدث عن خطة متكاملة وضعت بين قوى خارجية وقوى محلية، وهي جاهزة للتنفيذ وان كان ثابتا ان رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون يرفض كليا اللجوء الى العنف ليبقى الخوف من ان تتجاوز الخطة السلطة اللبنانية وتنفذ في اكثر من شارع ، بخاصة في المناطق الحساسة من البلاد والتي يمكن ان تؤثر سواء على وضع حزب الله او على البيئة الحاضنة للمقاومة.

ومن جهتها، قالت اوساط مقربة من الثنائي انه حتى الان لا يوجد قرار بخروج وزراء الثنائي الشيعي من حكومة الرئيس نواف سلام. ولكن الاقدام على هذه الخطوة يتسارع ساعة بعد ساعة خصوصا بعد اعتبار حزب الله الذي اشارت وحدة المعلومات فيه، الى ان حكومة سلام ارتكبت «خطيئة كبرى» في اتخاذ قرار يجرد لبنان من سلاح مقاومة لبنان للعدو الاسرائيلي. ولكن الاتصالات التي حصلت امس حدت من هذا الاتجاه بانتظار جلسة مجلس الوزراء التي تنعقد اليوم.

سلام قاد الصقور

في غضون ذلك، تبين من التصريحات التي صدرت امس ان رئيس الحكومة نواف سلام هو من قاد فريق الصقور خلال جلسة الثلثاء الماضي. في المقابل، صرح وزير الصحة ركان ناصر الدين بـ»اننا حاولنا في جلسة الثلثاء الخروج بصيغة جامعة لتجنب المشكل ولكن الامر لم يحصل بعدما اصر سلام على الصيغة التي طرحها لحصر السلاح.» ولفت ناصر الدين الى «ان رئيس الجمهورية حاول لعب دور الميزان بين الرأيين على طاولة مجلس الوزراء، لكي نصل الى جلسة ايجابية اليوم (الخميس)».

واشارت معلومات الى ان اتصالات هامة جرت بين قصر بعبدا وعين التينة، ليصدر بيان عن حركة امل لحظت فيه «ان الحكومة تعمل عكس ما جاء في خطاب قسم رئيس الجمهورية، ومخالفة لبيانها الوزاري، وبالتالي جلسة الغد (اليوم ) فرصة للتصحيح وعودة التضامن اللبناني كما كان».

وهنا يجدر التساؤل ما اذا كانت جلسة مجلس الوزراء اليوم ستدخل تعديلا على صيغة قرار جلسة الثلثاء الماضي وما اذا كان الرئيس سلام سيوافق على ذلك بعدما لاحظ وجود تداعيات خطيرة يمكن ان تحدث على امن ووجود البلاد اذا ما ظل متمسكا بالقرار الذي وصف بـ»القرار التفجيري» حتى ان بعض الوزراء المناهضين لحزب الله يتخوفون من انعكاسات هذا القرار الخطير على الارض.


الأكثر قراءة

جلسة بلا ثنائي؟ علامات استفهام تسبق اجتماع الحكومة لبنان مقبل على تطورات ميدانية خطيرة يصعب تجاهلها تحركات شعبية مرشّحة للتصاعد... وحرص على تفادي الصدام بين الجيش والمتظاهرين