اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

بدأ الحديث عن إمكانية أن يحمل شهر آذار المقبل معه انفراجاً على الوضع اللبناني المجمّد، لا سيما لجهة إنتخاب رئيس الجمهورية. وينطلق تفاؤل البعض هذا من أنّ "هدنة طويلة الأمد من 142 يوماً على 3 مراحل، سوف يتمّ التوافق عليها في غزّة قريباً"، رغم محاولات إفشالها من قبل رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو، الأمر الذي سينعكس إيجاباً على الوضع الأمني في جنوب لبنان، كما على الملف الرئاسي. علماً بأنّ الجديد في حركة "اللجنة الخماسية" الأخيرة، كان التأكيد على ضرورة فصل ملف انتخاب الرئيس عن الحرب في غزّة وعن الجبهة الجنوبية الحدودية، الأمر الذي لا يُحبّذه حزب الله المنخرط في جبهة المساندة جنوباً.

تقول مصادر سياسية مطّلعة انّه ليس من مؤشّرات جديّة لانتهاء الحرب في غزّة، رغم الانسحاب "الإسرائيلي" الأخير من شمالي القطاع، لا سيما مع تأكيد نتنياهو أنّه لن ينهي الحرب ولن يسحب جيوشه منه، وحديثه عن فرض حكم عسكري في غزّة، وعن أنّه سيتجه الى منحى آخر للإفراج عن الأسرى المحتجزين. غير أنّه من جهة ثانية، يُعلن أنّه يسعى للتوصّل الى صفقة التبادل مع حماس، ولكن ليس بأي ثمن. إلّا أنّ مواقف نتنياهو المتناقضة تدلّ على التضعضع الذي يمرّ به، والتي يمكن أن تتبدّل مع حصوله من قطر على الردّ الرسمي من حركة حماس حول صفقة التبادل المقترحة.

في المقابل، تُصرّ واشنطن، على ما تابعت المصادر، عبر جولة وزير خارجيتها أنتوني بلينكن الحالية على عدد من دول المنطقة، لا سيما السعودية، مصر، قطر و "إسرائيل" والضفّة الغربية، على إقناع حماس و "إسرائيل" بالذهاب الى هدنة إنسانية طويلة الأمد في غزّة تستمرّ لأكثر من 4 أشهر، تسمح بدخول المساعدات الى أهالي القطاع، وللإفراج عن الأسرى المحتجزين على مراحل ثلاث، وتمنع بالتالي توسّع الصراع في المنطقة. هذه العناوين نفسها بحثها مستشار الرئيس الأميركي لشؤون أمن الطاقة آموس هوكشتاين مع "الإسرائيليين" خلال زيارته يوم الاثنين الى "تلّ أبيب"، سيما أنّها تُمهّد لإتمام مهمّته السياسية والديبلوماسية المتعلّقة بالتهدئة جنوباً وبتطبيق القرار 1701 و "إظهار" الحدود البرّية الجنوبية.

من هنا، تجد المصادر نفسها أنّ كلّ هذه الأمور من شأنها دفع المسؤولين اللبنانيين الى التفكير الجدّي نحو الذهاب الى انتخاب الرئيس الجديد من جهة، والى التفاوض غير المباشر مع "الإسرائيليين" للانسحاب الفوري من الأراضي اللبنانية المحتلّة، لا سيما من القسم الشمالي من بلدة الغجر وتلال كفرشوبا، والنقاط الـ 13 الخلافية ونقطة الـ "بي. وان" من جهة ثانية. فضلاً عن إيجاد حلّ لمزارع شبعا التي احتلّها "الإسرائيلي" على ثلاث مراحل، ولا بدّ له من أن ينسحب من الأراضي التي احتلهّا خلال المرحلتين الثانية والثالثة، وتسوية أمر المرحلة الأولى مع سوريا لأنّه احتلّها بحجّة وجود مركز للجيش السوري فيها يراقب الحدود بين البلدين، في حين أنّ الأرض المقام عليها هذا الأخير هي لبنانية.

غير أنّه حتى الآن، وما هو قائم على الساحة اللبنانية، أنّه ليس من توافق بين المكوّنات السياسية على الحوار لاعتبارات عديدة. وهذا الأمر من شأنه تعقيد مساعي الموفدين الأميركيين، كما "اللجنة الخماسية"، ومهمّة الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان الذي سيزور لبنان بعد اجتماع اللجنة، إلاّ في حالة واحدة وهي إذا قدّمت هذه الأخيرة مقترحاً جديداً يمكن أن يُقنع مختلف المكوّنات السياسية، ويؤدّي الى حلحلة للملف الرئاسي تُفضي الى انتخاب الرئيس.

فالأمر يتوقّف إذاً، على ما سيحصل في غزّة، وفق المصادر نفسها، وما يمكن أن يستتبعه من تسوية إقليمية للتوصّل الى حلّ سياسي في المنطقة، أو ما يسمّى حالياً بسيناريوهات "اليوم التالي لحرب غزّة". علماً بأنّ وزير دفاع العدو يوآف غالانت قد أكّد أخيراً أنّ "إسرائيل لن توقف إطلاق النار مع حزب الله حتى لو توقف إطلاق النار في قطاع غزة". وقد ردّ عليه الحزب بطريقة غير مباشرة، بأنّ ليس هو من يقرّر استكمال المواجهات العسكرية حنوب لبنان أو يوقفها إنّما المقاومة.

كذلك يرى هوكشتاين، على ما أكّدت المصادر عينها، أنّه بالإمكان التفاوض على تطبيق القرار 1701، وترسيم الحدود البريّة، من دون وقف إطلاق النار بشكل نهائي في غزّة، إنّما خلال فترة الهدنة التي لا بدّ وأن تنعكس تهدئة عند الجبهة الجنوبية. وهذا الهدوء الأمني جنوباً لفترة أشهر، من شأنه تأمين الذهاب الى انتخاب رئيس الجمهورية. وتقول المصادر انّ التسوية التي سيتمّ التحضير لها خلال شهر شباط الجاري، على ما تتوقّع هذه المصادر، ستشمل حلّ الدولتين في فلسطين، وحلّ الأزمة الرئاسية في لبنان. الأمر الذي يجعل انتخاب رئيس الجمهورية يحصل في آذار المقبل، لما لهذا الاستحقاق من أهمية على الوضع الداخلي اللبناني، كما على موضوع "إظهار الحدود البريّة الجنوبية" وتطبيق القرار 1701.

وتقول المصادر انّ دول "اللجنة الخماسية"، هي نفسها التي تعمل اليوم من أجل إنجاح صفقة التبادل في غزّة التي تقودها قطر، وحلحلة الملف الرئاسي في لبنان. ولهذا، فإنّ الدول المعنية تبذل الجهود من أجل حلّ ملفات المنطقة تباعاً، ما يُمهّد الى إحلال السلام في منطقة الشرق الأوسط. ولهذا نجدها اليوم قد توافقت على عدم الدخول في لعبة الأسماء في ما يتعلّق بالمرشّحين للرئاسة، وتركت الخيار للقوى السياسية للتوافق فيما بينها على اسم الرئيس الذي يريده الشعب اللبناني، والذي لا يُعتبر مرشّح هذا الفريق أو ذاك، لكيلا يكون هناك "غالب ومغلوب".

كذلك طرحت "الخماسية" فصل الاستحقاق الرئاسي عن حرب غزّة، على ما عقّبت المصادر، كونها تريد أن يتمكّن لبنان من مواكبة أي مؤتمر دولي سيُعقد من أجل الاتفاق على التسوية المرتقبة ممثّلاً برئيس جمهوريته، كونها تسعى وتصبّ الجهود من أجل أن تسير الأمور في المنطقة في هذا الاتجاه. فالمرحلة السياسية المقبلة تقتضي وجود رئيس للبلاد، ليوقّع على أي إتفاق دولي سيحصل على صعيد "إظهار الحدود البريّة" وتطبيق القرار 1701. فإذا جرى التوصّل الى بوادر اتفاق أولية، فقد يتمّ انتخاب رئيس جمهورية لبنان في آذار المقبل، وإلّا فسننتظر نحو شهرين أو ثلاثة أشهر أو أربعة مقبلة لاكتمال عناصر التسوية الشاملة.

الأكثر قراءة

من الكهوف الى الملاهي الليلية