اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

منذ فترة طويلة يعاني لبنان من مشكلة تفشي سرقات كابلات الكهرباء في عدة مناطق، ومن ضمنها تبرز منطقة شمسطار البقاعية بواقعها الخاص وتحدياتها المميزة. إنها مشكلة تتطلب انتباها فورياً وتدخلاً فعّالاً للحفاظ على الأمن العام واستقرار المجتمع المحلي.

رئيس بلدية شمسطار الحج سهيل الحج حسن اكد لـ "الديار" تزايد حالات السرقات في المنطقة، ولفت إلى أن هذه الظاهرة ليست محصورة في شمسطار فقط، بل تمتد إلى مناطق أخرى من لبنان، مما يجعل هذا التحدي يستدعي استراتيجيات وتدابير فعّالة للتصدي له.

ومن الواضح أن السرقات الكهربائية ليست مجرد جريمة بسيطة، بل هي جريمة تؤثر بشكل كبير على الحياة اليومية للمواطنين واقتصاد البلاد. فالكهرباء تعتبر عصب الحياة الحديثة، ولا يمكن للمجتمع الازدهار أو التقدم دون وصولها بشكل مستقر وموثوق. ومع ذلك، فإن مواجهة هذه الجريمة تتطلب تعاوناً وتنسيقاً بين القطاعين الحكومي والمجتمعي. وهنا يظهر تقاعس السلطات المعنية وضعف التدخل الحكومي في تأمين الحماية وتطبيق القانون. ففي العديد من الحالات، تلقت البلدية شكاوى حول حالات السرقة، ولكن تجاوب الأجهزة الأمنية كان ضعيفًا أو غائبًا تمامًا.

وتشير مصادر متابعة أن الأجهزة الأمنية قد تسلمت قائمة تضم أسماء السارقين لكن دون جدوى، مع العلم أن السارقين معروفون بالأسماء، وهذا يعكس مدى عجز النظام الأمني عن تقديم الحماية اللازمة للمواطنين وممتلكاتهم، مما يثير تساؤلات حول جدوى الجهود الحكومية في مواجهة الجريمة المنظمة.

وفي واقع يفتقر إلى الأمن، تظهر قصصٌ فريدة من نوعها تلقي الضوء على حالة اليأس والفوضى التي تخيم على منطقة شمسطار. وفي حادثة مثيرة للدهشة، أن أحد سكان المنطقة نجح في إيقاف سارق كان يحاول سرقة ممتلكاته، وهو من بلدة محازية لشمسطار. وما أثار الدهشة أكثر هو توصّلهما إلى صلح بعد حدوث خلاف، والذي أسفر عن وضع حدٍ للنزاع وتناول الطرفان الولائم. هذه الحادثة تكشف عن مدى اليأس الذي يعم المجتمع اللبناني، حيث يصل الأمر إلى درجة يقوم فيها المواطن بتصويب النار على السارق في محاولة يائسة للدفاع عن ممتلكاته، وهنا يبرز سؤال السخرية من لفظة "القدر"، فهل هذا هو مصير الناس في ظل غياب الأمن وضعف التدخل الحكومي؟

هذه القصة تعكس واقعاً مريراً يعاني منه سكان المنطقة، حيث يجدون أنفسهم عالقين بين انعدام الأمن وغياب الحماية اللازمة، ما يدفعهم إلى اتخاذ إجراءات يائسة للحفاظ على ممتلكاتهم وسلامتهم الشخصية. وتجسد هذه الحالة ضغوطاً نفسية واجتماعية يفرضها غياب الأمن وضعف الإجراءات الأمنية في المنطقة.

وبينما تعاني المنطقة من جرائم سرقة كبلات الكهرباء التي تنمو بسرعة، فإن الاستجابة الرسمية لهذه الظاهرة تبدو متأخرة وغير فعّالة. وتقول المعلومات أنه تم التواصل أكثر من مرة مع شركة كهرباء لبنان، للتبليغ عن حالات السرقة وتحديد هويات المشتبه بهم، إلا أن الردود كانت مخيبة للآمال، قائلين: "ما شفت شي"!

وفي ظل هذا الوضع، تبقى البلدية عاجزة عن مواجهة هذه الجرائم بمفردها. فماذا يمكنها أن تفعل في ظل ضعف التعاون من جهات أخرى؟ القوى الأمنية، التي تشمل مخفر شمسطار ومخابرات أبلح، لم تتمكن من القيام بواجباتها بشكل فعّال، مما يثير تساؤلات حول مدى قدرتها على توفير الأمن والحماية للمواطنين. كما يثير تفشي جرائم السرقة واستمرار الغياب الأمني مخاوف حقيقية بشأن ارتفاع معدلات الجريمة وانتشار العنف. هل يجب على المواطنين أن ينتظروا حدوث جرائم دم؟ هل ينبغي على المجتمع الانتظار حتى يتواجه مع هذه الأزمة؟

وبالنظر إلى تحديات الوضع الراهن، فإن الحلول المطروحة لهذا التحدي ليست بالأمور السهلة. يشير رئيس بلدية شميطار الى أن "مواجهة جرائم السرقة تتطلب تحركًا جادًا من الحكومة المركزية والسلطات المحلية، بالتعاون مع القوى الأمنية والمجتمع المحلي". وطالب "بتكثيف الجهود لتعزيز التواجد الأمني في المنطقة المتضررة، وتعزيز العقوبات على المتورطين في جرائم السرقة".

على المستوى السياسي، ينبغي على حكومة تصريف الاعمال تبني استراتيجيات متكاملة لمكافحة الفساد وتعزيز سيادة القانون. كما يجب أن تكون هناك زيادة في الاستثمارات في البنية التحتية وتحسين خدمات الأمن وتوفير فرص العمل للشباب، للحد من الجريمة وتعزيز الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي.

في الختام، فإن مواجهة سرقات كابلات الكهرباء في منطقة شمسطار البقاعية ، تمثل تحديًا شاملاً يتطلب تضافر الجهود والتعاون بين الحكومة والمجتمع المحلي والقوى الأمنية. إنها مسؤولية جماعية نحو تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة، وتوفير بيئة آمنة ومستقرة للجميع. 

الأكثر قراءة

الأميركيّون "الاسرائيليّون"... العرب الأميركيّون