اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

"الجميلة أتت" هذا هو معنى اسمها "نفرتيتي" وهي إحدى أشهر ملكات مصر الفرعونية، والتي توصف بأنها أجمل ملكة على وجه الأرض؛ لكن تلك الملكة بعيدة عن وطنها بآلاف الأميال، بعد إخراجها من بلدها "تل العمارنة" في صعيد مصر، إلى ألمانيا قبل أكثر من 100 عام.

100 عام خارج مصر

تم اكتشاف تمثال رأس نفرتيتي زوجة الملك إخناتون على يد بعثة ألمانية للتنقيب عن الآثار في محافظة المنيا بمصر، عام 1912، يرأسها لودفيغ بورخاردت بدعم مالي من الألماني اليهودي جيمس سايمون، رئيس "المعهد الألماني للدراسات الشرقية" في ذلك الوقت.

أخفى بورخاردت التمثال وقت اكتشافه عن البعثة المصرية ثم زيّف بياناته عند تقسيم الآثار حتى تستطيع ألمانيا الاستحواذ عليه.

وعلى مدار أكثر من 100 عاما طالبت الحكومات المصرية المعاقبة باستعادة الرأس، لكن كل المحاولات كانت تبوء بالفشل، أحياناً لأسباب سياسية، وأحياناً أخرى لتعنت الجانب الألماني.

لكن من مسقط رأسها أتت عالمة المصريات مونيكا حنا لتعيد البحث والتنقيب عن وثائق تعود لأكثر من 100 عام ستساعد في إثبات أحقية مصر في استعادة التمثال، والتي وثقتها في رسالة دكتوراه عملت عليها منذ عام 2018 نشرت في دورية International Journal of Cultural Property في كانون الأول عام 2023.

لماذا رأس نفرتيتي؟

رغم أن حركة استعادة الآثار حركة عالمية نشطت في سبعينيات القرن الماضي، إلا أنه في السنوات العشر الأخيرة انتبه المصريون إلى تهريب أكثر من 30% من آثارهم إلى بلاد أوروبا وأميركا، علماً أن بعضها يباع في مزادات علنية، وأحد تلك القطع الثمينة، رأس نفرتيتي.

وخرجت رأس نفرتيتي بخديعة من الأثري بورخاردت حينما أخفاها عن لجنة تقسيم الآثار، وقال إنه تمثال لأميرة من "تل العمارنة" ومن الحجر الجيري وغير ذي أهمية. لكن رغم تغير الظروف السياسية خلال القرن الماضي وتعاقب الحكومات مصرية وأوروبية، بقي الفكر الاستعماري، بحسب مونيكا حنا، يحكمه منطق السيطرة ويرفض إعادة رأس نفرتيتي، رغم مطالبات مصر وتهديدها بوقف أعمال تنقيب البعثات الألمانية، وكشفها للمراسلات المتعلقة برأس نفرتيتي بين الحكومات المصرية وبين قوات الحلفاء بعد خسارة ألمانيا الحرب، لكن كل تلك المحاولات باءت بالفشل.

جهات مختلفة تطالب بعودة التمثال

لم تتوقف المطالبات باستعادة رأس نفرتيتي، لكن ما فتح الجرح هو ثورة يناير عام 2011، حين ظهرت حملة باسم "رحلات نفرتيتي" عام 2012 أطلقتها جمعيات ثقافية ألمانية ووزعوا بطاقات عليها صورة التمثال ومكتوب عليها "العودة إلى المرسل".

من جانبه، يعتبر زاهي حواس، عالم الآثار ووزير الآثار الأسبق، أن الرأس سُرقت من مصر لأن بورخاردت زيف الأوراق بسبب وجود قانون كان ينص على أن أي قطعة ملكية من الحجر الجيري لا تغادر مصر، لذلك كتب وقتها العالم الألماني اليهودي إن القطعة من الجبس ثم خبأها في بيته 10 سنوات.

وطالب حواس مرات عدة بإعادة رأس نفرتيتي، حتى أنه في العام 2005 طالب منظمة "اليونيسكو" بإعادتها، ثم في العام 2007 هدد بحظر معارض الآثار المصرية في ألمانيا إذا لم تقرض برلين تمثال نفرتيتي لمصر لكن من دون جدوى. ثم عاود حواس المطالبة بذلك مرة أخرى عام 2012 لتكون الرأس لدى مصر عند افتتاح المتحف المصري الجديد بالقرب من أهرامات الجيزة.

ورغم أنه لا يوجد ما يجبر الجانب الألماني على رد التمثال، إلا أن مونيكا حنا ترى أن الرأي العام الألماني الذي بات يتغير مؤخراً، خاصة من جيل الشباب، له ثقل في المعادلة. كما أكدت على جهود رسمية مصرية ستبذل قريباً استناداً إلى رسالتها لتسير على جانبين سياسي ودبلوماسي للضغط والمطالبة باسترداد رأس نفرتيتي.


الأكثر قراءة

ماذا يجري في سجن رومية؟ تصفيات إسلاميّة ــ إسلاميّة أم أحداث فرديّة وصدف؟ معراب في دار الفتوى والبياضة في الديمان... شخصيّة لبنانيّة على خط واشنطن وطهران