اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

تصعيد بلغ اشده على جبهة جنوب لبنان، استهداف الغازية او "مرحلة ما بعد صيدا" بدأت تدحرج على مستوى نوعية الاستهداف، مشهد جديد يتم صياغته واعداده في المنطقة، انطلاقاً من جنوب لبنان.

هندسة الشرق الاوسط ترسمها العمليات العسكرية على جبهات المحور من غزة وجنوب لبنان وصولاً الى اليمن، هي معركة بالنقطة بدأت في غزة، لكنها لن تبقى في حدود فلسطين الطبيعية لتمتد على كامل جغرافية الحضور الايراني من المتوسط الى الخليج.

الجيل الخامس من الحروب، اعلنته الولايات المتحدة الاميركية منذ سنوات، وتستخدمه اليوم "اسرائيل" في حربها الاقليمية، عبر تلازم التعقب والمتابعة والوصول الى الاهداف. هي اول معركة في الشرق الاوسط تستخدم فيها التكنولوجيا، ومختلف وسائل وتطبيقات الذكاء الاصطناعي في المجالات العسكرية والاعلامية. والواضح ان عصر الحروب التقليدية انتهى لمصلحة الحروب المركبة، وقد شهدت المنطقة طلائعها بمراحل متعددة ومختلفة، منذ "مبادرة الرباط" في العام 2000 ، مروراً بحرب تموز العام 2006، وصولاً الى حروب غزة المتلاحقة والمتتابعة، والحرب على سورية وليبيا واليمن، وما بينهما "معركة سيف القدس" في العام 2021 ، التي تقاطع فيها البعد القومي "الاسرائيلي" والمصالح الاميركية.

تقاطع المصالح والامن عبّر عنه الكونغرس الاميركي في العام 2019 ، يوم ربط بين الامن القومي الاميركي والغاز ومصادر الطاقة في الشرق المتوسط، ومن خلال الصراع على مصادر وممرات الطاقة والتجارة، وقرار الولايات المتحدة ملاحقة الحضور الروسي في المتوسط والخليج، وكذلك الاستثمارات الصينية التي تحميها الشركات الامنية الخاصة.

هي حرب جيو- استراتجية بين القوى الكبرى للسيطرة على ثالوث الممرات مصر – تركيا – ايران، واذا كانت العقوبات المالية والاقتصادية الاطار لانتاج ليبرالية مالية جديدة في المنطقة، فإن مشهد الانهيار المالي في لبنان وسورية ليس الا جزءا من توجه اقليمي، نهايته اخراج الحرس الثوري الايراني من جغرافية المدن.

لقد اصبح لبنان على حدود الحلف الاطلسي، وجنوبه جزءا من الامن القومي الاميركي، اما نتنياهو "الثور الهائج" فهو بين ان يكون حاجة مترافقة ومتوافقة للرؤية الكبرى، ام انه مشروع لمتطرفين دينيين معركتهم ابعد من رفح، وهذا ما تكشّف من الوثائق والاجتماعات التي عقدت يوم الاحد الماضي، والتي بموجبها وبغطاء تحريض للرأي العام "الاسرائيلي"، اتخذ قرار توسيع الحرب في شهر رمضان، ولا خوف من فتح جبهة الضفة وجبهة القدس، التي ستشهد خلال الاسابيع المقبلة اكبر واخطر تصعيد.

امام "اعصار رمضان" الاتي، كيف ستكون مسار العمليات العسكرية على الجبهة الجنوبية في لبنان؟ امام خيار الاستفزاز والتوسع الجغرافي للعمليات، اصبح من الواضح ان المستهدف ليس ردع حزب الله في لبنان، بقدر ما تستهدف العمليات التحضير لفتح جبهة اوسع، ربما تكون عملية الغازية وكونين في جنوب لبنان، والعصف الذي نتج من ضرب الاهداف مشابها لضرب مرفأ بيروت، واستكمالا لحصار "سورية" واخراج الحرس الثوري الايراني من المنطقة.

والسؤال الاساسي: ماذا سيفعل حزب الله في اليوم الاول لاعلان الحرب عليه في لبنان والمنطقة؟ وكيف سيفتتح المشهد خلال شهر آذار في المنطقة؟

وفق المعطيات الدولية، "كابينت" الحرب يدعم نتنياهو المستعد لتجاهل تحذيرات بايدن بعدم توسيع الحرب، في ظل تقاطع مصالح مصرية – "اسرائيلية" ضيقة، وتخادم فرنسي – الماني حاصل يحضر لمسرح عمليات مشتعل. في مقابل شركاء خليجيون بدؤوا تقييد استخدام الولايات المتحدة لقواعدها العسكرية لشن عمليات ومفاوضات مع الجانب العراقي، ستؤدي الى خروج اميركي مع نهاية عام2024، لتصبح المملكة الهاشمية في الاردن مقر القوات الاميركية في المنطقة.

مشهد مقبل يمتد حتى حزيران، ترسمه العلاقة بين بايدن ونتنياهو. وبعكس كل الرؤساء الاميركيين، فإن بايدن ضد فرض اي عواقب على التصرفات "الاسرائيلية"، وهذا مؤشر يشجع نتنياهو على تنفيذ المزيد وتجاهل كل القوانيين الدولية، و52 دولة تدعم موقف محكمة العدل الدولية ضد جرائمه في غزة.

الاطراف الاطلسية اتخذت القرار، "شرق اوسط جديد" خال من حركة حماس وحزب الله، الخلاف والاختلاف بين الشركاء والحلفاء بينهما متعلق بالمدة والكيفية في انهاء الوضع للانتقال الى مرحلة "نيوم".

باحث في الشؤون الامنية 

الأكثر قراءة

صرخة معلولا: أيّها الأسد أنقذنا