تستعجل قبرص لبنان لتعديل الحدود البحرية بينهما وفق الخط 23 ، الذي تمّ الإتفاق عليه في "إتفاقية ترسيم الحدود البحرية" التي وُقّعت بين لبنان والعدو الإسرائيلي في 27 تشرين الأول 2022. ولهذا زار مدير المخابرات القبرصي تاسوس تزيونيس لبنان في كانون الثاني الماضي في زيارة استمرّت لأيّام، بهدف التوصّل الى تفاهم سريع بين لبنان والجزيرة على الحدود البحرية. ودعا لبنان الى ترسيم حدوده مع سوريا، بما يُساعد على تحديد الحدود البحرية بين الدول الثلاث. غير أنّ استعجال قبرص قابله تريّث من قبل لبنان، إذ أبلغ المسؤولون اللبنانيون الموفد الرئاسي القبرصي بأنّ الوقت غير مناسب حالياً لترسيم الحدود مع قبرص أو مع سوريا، وأنّ الأمر يتطلّب المزيد من الدراسات القانونية والتقنية، لتجنّب وقوع لبنان مرّة جديدة في الأخطاء التي حصلت في السابق، وأدّت الى خسارته مساحة كبيرة من المنطقة الإقتصادية الخالصة التابعة له.
أوساط ديبلوماسية مطّلعة على ملف ترسيم الحدود تحدّثت عن أنّ الإتفاق الذي وُقّع بين لبنان وقبرص حول "تحديد المنطقة الإقتصادية خالصة للبلدين" في 17 كانون الثاني من العام 2007 لم يعطِ لبنان كامل حقوقه، وأدّى الى خسارته بين 2643 كيلومتراً مربعاً و1600 كيلومتر مربع من المنطقة الاقتصادية الخالصة. والسبب يعود بالدرجة الأولى الى أنّ الوفد اللبناني ذهب الى مفاوضات الترسيم البحرية آنذاك، والتي هي مسألة قانونية، من دون أن يضمّ اليه أي خبير قانوني تقتضيه مسألة التفاوض على الحدود، الأمر الذي أدّى الى وقوع لبنان في خطأ دفع ثمنه، فضلاً عن أنّ الطرف الثاني قد استفاد من هذا الأمر على حساب لبنان.
وأوضحت الاوساط أنّه صحيح أنّ لبنان قد وقّع اتفاقاً ثنائياً مع قبرص لتحديد المنطقة الإقتصادية الخالصة للبلدين في العام 2007، غير أنّه لم يتمّ إبرامه في البرلمان، بسبب الخلاف الذي كان قائماً بين لبنان و"اسرائيل" على المنطقة البحرية المتنازع عليها، والتي تبلغ مساحتها نحو 860 كلم2. ولهذا سارع الوفد القبرصي الى بيروت بعد ساعات من توقيع إتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع لبنان، بهدف تثبيت الإتفاق.
فالمادة الخامسة من الإتفاق بين لبنان وقبرص، على ما أشارت الأوساط نفسها، نصّت على أنّ الاتفاق يبرم وفق الأصول الدستورية المتبعة في كل بلد، ويصبح ساري المفعول عند تبادل الطرفين وثائق الابرام، فيكون الاتفاق بين لبنان وقبرص لم يدخل حيّز التنفيذ حتى تاريخه، لعدم المصادقة عليه أصولاً من مجلس النواب وفق قواعد القانون الدولي.
كما نصّت الاتفاقية مع قبرص في المادة الثالثة منها على ما تابعت الاوساط، أنّه "إذا دخل أي طرف من الطرفين في مفاوضات تهدف إلى تحديد المنطقة الاقتصادية الخالصة مع دولة أخرى، يتعيّن على هذا الطرف إبلاغ الآخر والتشاور معه قبل التوصّل إلى اتفاق نهائي مع الدولة الاخرى، إذا تعلّق التحديد بإحداثيات النقطتين 1 أو 6". وقد قامت قبرص بتوقيع إتفاق مع "إسرائيل" لتحديد المنطقة الإقتصادية الخالصة لكلّ منهما في العام 2010، ودخل حيّز التنفيذ في العام 2011، من دون أن تُبلغ لبنان بذلك. واعتمد الإتفاق على النقطة 1 كأساس للتحديد من دون مراعاة الموقف اللبناني، الذي اعتمد النقطة 23. واعتبر النقاط من 1 الى 6 الوارد ذكرها في الاتفاق مع قبرص نقطتين ثلاثيتين مؤقتتين، لهذا اعترض لبنان لدى الأمم المتحدة على الإتفاق الموقّع بين قبرص و"إسرائيل"، لا سيما على اعتماد النقطة 1.
وعن أسباب ضغط قبرص على لبنان اليوم من خلال مطالبته بإنهاء ترسيم الحدود البحرية بين البلدين، تكشف مصادر سياسية مطلعة بأنّ المفاوض القبرصي وسبب وقوع لبنان في خطأ النقطة 1، لا يزال هو نفسه. فمستشار الأمن القومي ومدير جهاز المخابرات القبرصية تاسوس، هو الذي حَمَل رغبة بلاده بإنهاء إتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وقبرص، إذ سارع لزيارة بيروت على رأس وفد فور توقيع لبنان على "إتفاقية ترسيم الحدود البحرية" مع العدو الإسرائيلي. وأجرى محادثات مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بحضور عدد من الوزراء والمسؤولين المعنيين، بهدف تنفيذ صيغة مشتركة جديدة لتثبيت الحدود بين لبنان والجزيرة. وبدا تزيونيس يومها متفائلاً بقوله إنّه "لا توجد مشكلة بين لبنان وقبرص لا يُمكن حلّها بسهولة".. غير أنّ الأمور في الواقع لم تكن بالسهولة التي تحدّث عنها، إذ عاد بـ "حُفّي حنين" بعد أن أبلغه المسؤولون أنّه لا بدّ من إعادة التفاوض، واعتماد آلية ترسيم وإحداثيات جديدة للحدود.
وتابعت الاوساط: "كما أنّ تاسوس نفسه هو الذي رأس الوفد القبرصي المفاوض عند ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وقبرص، ومن قام بالتالي بهذه "العثرة" المتمثّلة بالنقطة 1 والنقطة 23. وهذا هو الشخص نفسه الذي جاء الى لبنان في كانون الثاني الفائت، مطالباً المسؤولين اللبنانيين بإنجاز مسألة ترسيم الحدود بين لبنان وقبرص، وذلك من أجل هدفين:
1- الأول: تثبيت النقطة 23 لإراحة "إسرائيل"، كونها نقطة ثلاثية. فقد اتفق لبنان مع العدو الإسرائيلي على هذه النقطة خلال مفاوضات ترسيم الحدود البحرية، لكنّها لا تزال غير مثبتة مع قبرص. ويريد تاسوس إنهاء هذه المهمّة الأولى، لكي تُصبح هذه النقطة مُوافق عليها من قبل الدول الثلاث المعنية، لكي لا يتمكّن لبنان لاحقاً من المطالبة بتغييرها والذهاب الى جنوب هذه النقطة.
2- يعلم تماماً أنّ لبنان لم يُوافق بعد على الحدود الغربية مع قبرص، وسمع بعض الضجيج حول إعادة النظر فيها.
أمّا إعادة التفاوض مع قبرص فيتطلّب، وفق الاوساط عينها، انتخاب رئيس الجمهورية أولاً، كون التفاوض في الإتفاقيات والمعاهدات الدولية من صلاحيات الرئيس، ولا يُمكن بالتالي لحكومة تصريف الأعمال، أو مجلس النوّاب القيام بهذا الدور في المرحلة الراهنة قبل انتخاب الرئيس.
يتم قراءة الآن
-
آخر ابتكارات حلفاء «إسرائيل» للضغط على لبنان: حرب شاملة بعد رفح... وعقوبات ؟! سيجورنيه سيتبلّغ التمسّك «بوحدة الساحات»...وجيش الإحتلال غير جاهز للحرب الدولة تزداد تحلّلا والشلل يتمدّد... «النفاق» السياسي يُطيّر الإنتخابات البلديّة
-
طوفان الأجيال في أميركا
-
وزير الخارجية الفرنسي يعرض ورقة معدلة حول تخفيف التصعيد جنوباً القيادي بحماس خليل الحية: اذا تم حل الدولتين نتحول لحزب سياسي ونسلم سلاحنا
-
طريقنا... طريق واشنطن ـ طهران
الأكثر قراءة
عاجل 24/7
-
11:51
جعجع: الأمور تتجه نحو الأعظم ولا نستطيع أن نبقى متفرجين على ما يحصل وحسب التقارير والمعلومات من الممكن أن تتطور الأمور جنوبًا إلى وضع "لا تحمد عقباه"
-
11:49
جعجع: أقصى تمنياتي أن تقوم إيران أو حزب الله باحتلال تل أبيب ولكن هذا ليس الواقع
-
11:48
جعجع: كنّا نجتمع للبحث في كيفية معالجة بعض المشكلات ولكن إمساك بعضهم بالسلطة يعيق ما نطمح إليه من نمو اقتصادي وفي الفترة الأخيرة طرأت مشكلة جديدة وهي العمليات العسكرية في الجنوب
-
11:47
جعجع: لبنان خسر الكثير من المزايا التي كان يتحلى بها سابقاً مثل تطبيق سيادة الدولة بشكل عام والمعارضة لا تملك أدوات تنفيذية فهي بيَد الموالاة
-
11:46
جعجع: تعطيل الانتخابات الرئاسية أدى إلى تعطيل كافة المؤسسات في الدولة والمشكلة هو وجود دويلة تصادر القرار العسكري في لبنان
-
11:44
جعجع: العمليات العسكرية في الجنوب بدأت بقرار من حزب الله وحده والحكومة لم تتّخذ أي قرار ولا يحقّ لأي أحد أو لأي حزب أن يرمي شعباً في الحرب