كان ضجيجا لبعضهم، وصوتا بأنغام مختلفة لبعضهم الآخر، يعبر شوارع العواصم والمدن فيتجمهر خلفه الشباب والشابات طالبي التغيير وصياغة الحياة الجديدة . كان صوتا جهْوَريا يلعلع قي الشوارع والباحات الواسعة ، يدخل المنازل دون استئذان، يترك فيها عطره ،وبعض روحه تركن في الزوايا كمزارات تبعث الحياة لكل من زارها حاملا بيده كأسا فارغا ، وفي قلبه نبضا ربيعيا وفي عقله نية للإيمان .
كان أملا يحيا في كل نفس طيبة رأت الحياة بالإيمان بقيم الحق والخير والجمال ، وأودعت كل حديث آخر في صندوق المقتنيات القديمة ،وأقفلته بجنزير من حديد .
كان آخر الشتاء وأول الربيع، تُقبل اليه براعم الحياة ، تتزود منه بزاد الرحلة وطيب الأريج وتغادر الى رحاب الحياة وكأنها فراخ النسور السارحة على القمم والسفوح المنتظرة الريش ليكون لها مع كل صباح رحلة عطاء .
سرُّ ولادته في نغم الصرخة الأولى ، في نظرة عينيه وهما يتفحصان الوجوه وكأنهما يريدان أن يشكرا من منحهما الحياة ، فتنطقا بعد الصرخة لتؤكدا أن الحقيقة وجود ومعرفة ولا يتحقق الوجود إلا بالمشاهدة بوجهيها الملموس والمكشوف للعقل .
كان قامة بلون المطر يراها القاصد بنيته ، فيجعلها دالية يقطف حصرمها ليصنع خلّه، وعنبها ليصنع خمره والزبيب ،وبعضهم أرادها سُلّمه لتحقيق مبتغاه .
ساقهم الراعي إليه قطيعا برتب ووظائف ومهام ، فكانوا لمن وظّفهم أوفياء ، حفظة أذكياء ، بلعب أدوارهم نجباء ، سمعوا بشغف لمن كتب، وأطاعوا من أخرج ، فكانوا أبطال التمثيلية بجدارة ، واستحقوا الاطراء وجوائز الألقاب من فريق الإنتاج .
ما أراحه في مثواه الأخير أنه كان في كفة، والعالم في كفة ، ولأنه كان مُقدّرا أن تكون كفته الراجحة كانت المؤامرة عليه من العالم ، أي أنها كانت بحجمه .
أشرق وحيدا حين كانت السفوح تمشي نحو المساء ، أمطر وحيدا حين كانت الأرض جدباء ، أزهر حين كان الصقيع يملأ صباحات الربيع ، كان الصباح حين كانت الأمة تعيش لحظات الزحف نحو العتمة ، فأوقف الزحف وأطلق بُقع النور لينير الدروب الطبيعية بعد أن غزتنا مناخات المقابر على صورة أعراس .
أقدم حين تردد الكثيرون ، هاجم حين اختبأ الكثيرون في العباءات المشبوهة ، وحين استسلم الضعفاء للأمر المفعول ، وحين استسهل الجبناء دروب الطعن والخيانة .
اختار الآخرون تعبيد الطرقات التي شقها الأجنبي ، أما هو فقد شق طريق الخلاص بنور عينيه وبنات أفكاره وأظافر أصابعه ، وعبّدها بعرقه ودمه ومواقف البطولة المؤيدة بصحة مبادئه .
كان سعادة، وكانوا تعاسة ، والفرق بينهما كالفرق بين ثبات النخيل وارتفاعه وطيب ثمره ورائحة المغافير الكريهة ، كالفرق بين شموخ الأرز ووضاعة الطحالب .
في تلك الليلة عاتب الضوء الشمس، عاتب الليل العتمة، عاتبت الشرفات القمر، انتشر الخبر أولد في الأرض بشريا برتبة معجزات الكون ، لقد أعاد مولود الأول من آذار ترتيب العالم على قواعد سورية جديدة .
سامي سماحة 29 شباط 2024
يتم قراءة الآن
-
هوكشتاين يُحذر «إسرائيل» من حرب فاشلة... ومحور المقاومة يُفعّل خطط الردّ صاروخ «فلسطين2» يُغيّر قواعد الإشتباك... هل لدى حزب الله «الفرط صوتي»؟
-
مشكلتان مستحيلتان تفجّران العالم
-
لماذا اجتماع الشويفات السياسي - الأمني الموسّع الأحد في ٢٢ أيلول ؟
-
تخبّط «إسرائيلي» في التعامل مع جبهة الشمال لودريان في بيروت قبل نهاية الشهر الجاري: ... لا حلول جاهزة! القوات اليمنية تقصف «يافا»... والدفاعات «الإسرائيليّة» تخفق باعتراض الصاروخ
الأكثر قراءة
عاجل 24/7
-
11:45
وزيرة الخارجية الألمانية: تقديم مساعدات إضافية بقيمة 100 مليون يورو لأوكرانيا لدعمها خلال فصل الشتاء
-
11:45
يديعوت أحرونوت نقلاً عن مصادر: الإجراءات التي تخطط حكومة نتنياهو لاتخاذها على الحدود الشمالية ستتضمن تصعيداً كبيراً ومتعمداً بما في ذلك شن عملية برية داخل الحدود اللبنانية
-
11:19
الجيش "الإسرائيلي": إغتيال قائد الوحدة الصاروخية لحركة الجهاد في منطقة رفح "أحمد عايش سلامة الحشاش" خلال غارة وقعت أمس الإثنين
-
11:10
الدفاع المدني في غزة: عشرات الشهداء والجرحى والمفقودين في قصف إسرائيلي على عدة منازل شرق مخيم البريج وسط القطاع
-
11:09
الصمت الدولي والخذلان العربي يشجعان العدو الصهيوني على مواصلة جرائمه البشعة ضد شعبنا
-
11:02
"أ ف ب" عن مسؤول في مالي: مسلحون هاجموا في الصباح معسكرا في باماكو