اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

لا يختلف أحد على فكرة أن هذه الحرب الدائرة حالياً في المنطقة ومركزها غزة، هي جزء من صراع أكبر. فالصراع مع العدو لم يبدأ في السابع من تشرين الأول، ولن ينتهي بنهاية هذه الحرب، لأن هذا الصراع بطبيعته لا يَقبل القِسمة على إثنين، يعني إما أصحاب الأرض وإما المُحتَل، بمعنى إما فلسطين للفلسطينيين وإما فلسطين مُحتَلة، لذا تَستخدم كل الأطراف القوّة المتاحة لديها عسكرياً وسياسياً وإقتصادياً وإعلامياً، من أجل أن تضمن النتيجة النهائية لهذه الحرب أن تكون في صالحها.

من ناحية المقاومة، هي معنية بأن تكون الحصيلة السياسية لهذه المعركة، أكثر من سابقاتها في صالحها وفي صالح القضية الفلسطينية، لأن نتائجها المباشرة ستؤثّر في الصراع العام، خاصة وأن انتصار المقاومة على مختلف جبهاتها، سيُثبِّت حقائق أن مشروعها أخذ مساراً تصاعدياً وأثبت قدرته وجدواه، وحدّ من الفاعلية الأميركية ودفعها الى الخلف، وأكد المأزق الوجودي ومسار الإنحدار والإنهيار "الإسرائيلي"، وبالتالي تضمن أنها قوّة وازنة إقليمياً ودولياً. في المقابل، إذا تمكّن "الإسرائيلي" ومن خلفه الأميركي من فرض واقع سياسي بنتيجة هذه الحرب، فهذا سيَعني بالضرورة تراجعاً في حساب القضية الفلسطينية وانتكاسة في مسارها، وكذلك في عموم حسابات المقاومة.

من بداية الحرب كانت أميركا تعرف ماذا تريد، والمقاومة أيضاً تعرف ماذا تريد. فالطرفان كانا يعلمان أن هذه الحرب وجودية وأن القضية مُعقَّدة وطويلة:

- من ناحية ماذا يريد الأميركي، بغض النظر عن قدرته، هو يريد أن يذهب في هذه الحرب الى نهايتها لتصفية المقاومة الفلسطينية، ولإنتاج منطقة جديدة ليس فيها أثر لهذه القضية، حتى وإن كان هذا الأمر تحت عنوان حل الدولتين، الذي لا أحد يعرف مضمون هذا المشروع ومعناه، فمن الواضح أن القضية الفلسطينية هي عبء على الأميركي و"الإسرائيلي" وعلى عرب التطبيع أيضاً.

- من ناحية محور المقاومة، كان واضحاً بالنسبة له أن لا بدّ أولاً من حماية المقاومة وغزة، ومنع تحقيق أهداف العدو، وتثبيت واقع القوّة للشعب الفلسطيني، وقلب المعادلة نحو تثبيت القضية الفلسطينية ومنح الشعب الفلسطيني حق تقرير مصيره، فوضعت مجموعة ممنوعات: منع إلغائه وإلغاء دولته وعاصمته، ومنع توطينه وتهجيره.

أما في الأسلوب، فالأميركي أراد من أجل تحقيق الهدف العام أن يمنع اتساع الصراع في المنطقة، لكن بمفهومه فهو كان يقصد أن يمنع تدخّل أحد للدفاع عن الفلسطينيين، أو لمناصرة الشعب الفلسطيني أو القتال الى جانبه، بينما اعتبر أن من حق أميركا أن تذهب لكي تُقاتل في أي جبهة يُمكن أن تتحرّك بهذا الهدف. واقعاً هكذا تعاملت عسكرياً مع العراق واليمن، ما يعني أنها تقصّدت الإستفراد بأهل غزة، وحاولت منع أي تدخل لإسنادهم... فعندما لم يتحقق هدف الإستفراد وتحرّكت جبهات المساندة، حاولت ردعها وتوقيفها بـ ثلاثة أساليب:

١ - السياسة.

٢- التخويف.

٣- الإشتباك.

وعندما ذهب الأميركي لقتال هذه الجبهات، كذّب نفسه بنفسه عندما كان يقول إنه لا يريد اتساع الحرب، ما يعني أن قصده هو أنه ممنوع على جبهات محور المقاومة دعم غزة عسكرياً، ومسموح لأميركا أن تدعم "إسرائيل"، وتقوم بقتل أي عربي يريد أن يدعم أهل غزة في مواجهة الكيان، لكن بعد خرق الخطوط الحمراء الأميركية، بدأ النقاش بالتقنيات والأدوات والأساليب والوسائل، التي يُمكن للأميركي أن يُحقّق هدفه من خلالها.

من هنا، يُمكن القول إنه إذا ضمنت الولايات المتحدة أن الحرب بنطاقها الواسع ستؤدي الى إضعاف جبهة المقاومة، ولن تكون عواقبها كارثية على المصالح الأميركية وعلى الكيان، لن تتردد في الأمر، ولكن يبقى الرادع الأساسي والوحيد هو القاعدة التي رسمها الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في خطابه الأول وهي أن الكلمة للميدان...

وبما أنه من هناك تبدأ الحرب وتنتهي، لا بدّ من سؤال، متى وكيف ستنتهي الحرب واقعاً ووفقاً لمسار الأحداث؟ وبما أنه يصعب تحديد التوقيت، يُمكن تحديد ذلك وفقاً للنتائج: تنتهي الحرب عندما يُعجِز أحد الطرفين الطرف الآخر، وهذا ليس مرتبطاً بزمن وإنما بنتيجة، فعندما يصل أحد الطرفين أي الأميركي و"الإسرائيلي" الى الحائط المسدود، ويُدرِك أنه عاجز وغير قادر بقدرة المقاومة، وأنه لا يمكنه القضاء على الشعب الفلسطيني، وقتها فقط تتوقف‏ الحرب‎...

الأكثر قراءة

بطة عرجاء لتسوية عرجاء