اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


يُواصل سفراء "اللجنة الخماسية" جولتهم الثانية على القوى السياسية بعد عطلة عيد الفطر، بسبب سفر كلّ من السفراء العرب ضمنها، أي السعودي وليد البخاري والقطري سعود بن عبد الرحمن آل ثاني والمصري علاء موسى، الى بلادهم بمناسبة شهر رمضان لتمضية العيد مع أفراد عائلاتهم، وليس لأي سبب آخر. وبعد عودتهم، يستأنف السفراء جولتهم على القوى السياسية كافة من دون إستثناء، بهدف الإستماع الى المواقف والآراء، على أمل إحداث خرق ما يصل الى الذهاب الى التشاور والحوار، ومن ثم الى انتخاب رئيس الجمهورية. فما الجديد الذي ستحمله الجولة الثانية لسفراء "الخماسية" بعد عيد الفطر، وما سيتبعها من جولات أخرى؟ وما الرابط بين حَراك "الخماسية" ومبادرة كتلة "الإعتدال الوطني" الرئاسية؟

تقول أوساط ديبلوماسية مطّلعة بأنّ السفراء حريصون على لقاء جميع الكتل والقادة السياسيين بشكل جماعي، لهذا جرى تعليق استكمال لقاءات الجولة الثانية الى ما بعد عطلة عيد الفطر. ولكن فور عودتهم سيلتقون بالقوى التي لم يزوروها بعد، على أن تتمّ خلال هذه الفترة تحديد المواعيد النهائية مع كلّ منها. كما أنّ جولتهم لن تكون الأخيرة، بل سيليها جولة ثالثة ورابعة على المسؤولين أنفسهم بهدف تبادل الآراء والأفكار، للوصول في نهاية الأمر الى مخرج ما للأزمة الرئاسية.

فخلال المحادثات الأولية للسفراء مع القوى والكتل السياسية، على ما أوضحت الاوساط، ظهر بوضوح أنّ المشكلة تكمن في غياب الحوار أو التشاور بين بعضها البعض، الأمر الذي عقّد مسألة الذهاب مجدّداً الى مجلس النوّاب لانتخاب رئيس الجمهورية. ولهذا شجّع سفراء "الخماسية" الكتل النيابية، على ما ورد في المبادرة الرئاسية لكتلة "الإعتدال الوطني"، من الدعوة الى التشاور أولاً، ما يُسهّل الذهاب الى الإنتخاب. ولكنّ السفراء في الوقت نفسه، لا يريدون أن تُشكّل هذه الدعوة مخالفة للدستور، ما جعل البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي يرى في التشاور ضرباً للدستور، ويُطالب بتطبيق ما ينصّ عليه أي الذهاب مباشرة الى مجلس النوّاب للإنتخاب. لهذا سيدعون الأفرقاء الى إيجاد آلية ما لا تمسّ بالدستور من جهة، وتؤدّي في نهاية الأمر الى انتخاب الرئيس في أسرع وقت ممكن.

أمّا المخاوف أو الهواجس التي لدى البعض، على ما لفتت الأوساط نفسها، من أن يُشكّل التشاور أو الحوار قبل الإنتخاب سابقة من نوعها، وقد تُصبح عُرفاً مع الوقت خلال انتخاب رؤساء الجمهورية المقبلين، فيودّ السفراء أن يبدّدونها خلال محادثاتهم المقبلة. ولهذا يُمكن عندها مثلاً، التوافق على أنّ "لقاء التشاور يحصل لمرة واحدة وإستثنائية فقط"، فضلاً عن التفاهم على شكله، سيما وأن هناك اعتراضا من قبل البعض، لا سيما من كتلة "القوّات اللبنانية" على ترؤسه من قبل رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي.

غير أنّ الإتصالات والمشاورات بهدف الحوار، على ما ألمحت الاوساط، كانت غالباً ما تجري بين الكتل النيابية قبل انتخاب رئيس الجمهورية. لكن الفارق اليوم هو أنّ الدعوة الى التشاور ستتمّ من قبل الأمانة العامّة لمجلس النوّاب، وأنّ رئيس المجلس أعلن عن ترؤسه للقاء التشاوري، وأنّه قد يبحث ربّما أن يرأسه نائبه النائب الياس بو صعب. ما جعل التشاور يأخذ هذه المرّة منحى آخر، ويثير الحساسية لدى البعض لا سيما في ظلّ الشغور الرئاسي.

من هنا، أكّدت الأوساط عينها أنّ سفراء "الخماسية" يُحاولون الترويج أولاً لفكرة ضرورة تحاور الكتل النيابية في ما بينها، والإستحصال على الموافقة منها على المشاركة في التشاور من دون الخوض في التفاصيل، والإلتزام بموقفها، انطلاقاً من أنّهم لمسوا أنّه أمر أساسي لحصول أي تفاهم بين الأفرقاء. ومن ثمّ يتمّ الإنتقال الى مرحلة المشاورات والمداولات والإجتماعات في حال كان "اللقاء التشاوري" في مجلس النوّاب يُشكّل عقدة للبعض. يليها الذهاب الى مجلس النوّاب لانتخاب رئيس الجمهورية.

وفي ما يتعلّق بأسماء المرشّحين، اعتبرت الاوساط أنّه شأن داخلي متروك بيد اللبنانيين، أي أنّه على الكتل السياسية غربلة الأسماء خلال اجتماعاتها وتشاورها، مشدّدة على أنّ لم يكن هناك أي تداول بأسماء المرشّحين من قبل "الخماسية"، سواء خلال لقاءاتها في الداخل أو في الخارج، حتى وإن كان البعض يتحدّث عن أنّ كلّ من الدول الخمس تميل الى هذا المرشّح دون ذاك. فما يهمّ "الخماسية" هي مواصفات الرئيس، وهذه الأخيرة تسلّمها الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان كتابة من الكتل، خلال إجاباتهم على الأسئلة التي سبق وأن طرحهم عليها. ولهذا فهي لا تسمّي أحداً ولا تُرشّح أي إسم على آخر، ولا تضع بالتالي "فيتو" على أي إسم يُمكن للكتل أن تتوافق عليه.

وبرأي الاوساط، أنّه متى تمكّن السفراء من خلق الأرضية للتفاهم، فإنّ الأسماء لن تُشكّل أي عقبة. كما أنّه في حال حصول التوافق بين جميع الأفرقاء، فإنّه باستطاعتهم عندئذٍ إيجاد آلية للتشاور لا تُخالف الدستور، فضلاً عن التفاهم على مواصفات الرئيس وإسمه وبرنامجه للمرحلة المقبلة.

الأكثر قراءة

العلويّون ضحايا العلويين