اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

الحياة حافلة بالتحديات والصعوبات، ولا شك أن الإنسان يمر بأوقات صعبة قد تجعله يشعر بالإحباط والضياع. وفي تلك اللحظات الصعبة، يجب علينا أن نعيد تنشيط أنفسنا ونصب تركيزنا نحو ما هو إيجابي ومفيد، وأكثر يجب ان نغوص في داخلنا لنقيمه من سباته القاتل.

دع داخلك يقوم من الموت، عبارة تحمل في طياتها الكثير من الدلالات والمعاني. تأمل قليلا في هذه العبارة، وسوف تجد أنها تعبر عن القدرة الكبيرة التي وهبت للإنسان على البقاء والصمود في وجه الصعاب والمحن. إذ إن في داخل كل واحد منا بذور من الإيمان والإيجابية والقوة، وضعها الله فينا لحماية جوهرنا من اهوائنا الأرضية، ولكن قد تبدو مدفونة تحت طبقة من الضعف واليأس. لذلك، يجب علينا أن نتذكر أن الحياة لا تأتي دائما بالسهولة واليسر، بل تجلب أحيانا لنا الصعاب والتحديات التي قد تجعلنا نشعر بأننا عاجزون عن التغلب عليها. وهنا بيت القصيد. هل يترك المتعب داخله يموت وهو متفرج؟ ماذا ينبغي أن يفعل كل محبط لإنقاذ داخله من الهلاك؟

القصة تبدأ من الداخل لأن الموت يبدأ من الداخل. لذا عملية إنقاذ الذات تبدأ ايضا من الداخل. فإذا كنت تشعر بالإحباط والضياع، لابد أن تعيد تنشيط هذه القوة الكامنة بداخلك. كن على يقين أنك تمتلك القوة الكافية لمواجهة التحديات والصعوبات، ولا تدع الشك واليأس يسيطران على حياتك. قم وانتفض لإحياء داخلك. دع داخلك يقوم من الموت، واستعد لمواجهة الحياة بكل قوة وإيجابية. لا يفوتك أن كل ما يحدث لك في الحياة هو فرصة للنمو والتطور، وليس سببا لليأس والانكسار. وتذكر دائما أن الرب راعيك في كل مفاصل الحياة. فما عليك الا ان تثق به وبنفسك كل حين.

كن واثقا من قدرتك على تحقيق النجاح والتقدم، ولا تدع الصعوبات تحطم عزيمتك. فالحياة قصيرة ولا يجب أن نضيعها في الوقوف عند العقبات، بل يجب أن نتحدى أنفسنا ونسعى لتحقيق أهدافنا.

في بعض الاحيان يكون الموت هو لخلاص الإنسان من هلاك الروح فتكون اللحظة الأخيرة في حياة هذا الانسان هي بداية لرحلة جديدة. فلنعش الحياة بكل قوة ومثابرة، ولندع داخلنا يقوم من الموت بعد موت الشر فيه حتى نصل إلى ما نصبو اليه وهو تمجيد الرب.

إن تفكير الإنسان في الدخول في الحياة الآخرة قد يكون كبداية لحياة أفضل وأكثر سلاما للروح. ويمكن أن يتم هذا الدخول قبل موت الروح وهنا دور كل منا في إنقاذ روحه من الهلاك عبر إنقاذ داخله من الموت الحقيقي. فبتمويت بذور الشر الكامنة في انساننا واحياء بذور الخير الموضوعة بداخلنا عند تكويننا، نكون قد بدأنا مشوار ملاقاة الله. وهنا نرى بوضوح اهميتنا عند الرب إذ انه خلقنا احرارا ووضعنا امام مفرقي طريق، واحدة سهلة وملونة وأولها ملذات لكن آخرها موت للداخل وأخرى تبدو صعبة وقاتمة اولها تخلي عن كل ما هو من صنع البشر وآخرها سعادة ابدية من صنع الرب. ربما يكون إنقاذ الداخل من الموت هو البوابة التي تفتح أمام الإنسان أفقا جديدا، حيث يتمكن من ترك كل همومه ومشاكله اليومية البائدة ومشاغله الدنيوية الهالكة والانطلاق نحو عالم آخر، خالٍ من العذاب وشقاء النفس.

لذلك، لا بد على الإنسان من أن يترك داخله تزيل كل ما يعيقها عن الارتقاء إلى مرحلة جديدة من الحياة بعد موت الشر وإحياء روح الله فينا. وهذا لن يتم إن لم نتخلص من الغضب والحسد والحقد والتكبر والشهوة وخلق مساحة جديدة في داخلنا يديرها قلب نقي وفكر نير وروح مجبولة بالمحبة والسلام.

فلندع داخلنا يقوم من الموت، ونتخلص من كل ما يثقل كاهلنا ويعيقنا عن النجاح والتقدم. لنجعل قلوبنا مفعمة بالإيمان والطمأنينة والحب والرحمة ولنكن مستعدين إلى رحلة الحياة الأبدية بعد الموت. فلا ننظر إلى الموت كنهاية، بل كبداية جديدة لحياة ابدية مع الرب.

إذا تمكن الإنسان من أن يحيا حياة طيبة زاخرة بالعطاء والخير قبل الموت، فإنه سيكون له حياة ابدية مباركة بعد الموت.

إذا كنت تعاني من شعور باليأس أو الاكتئاب أو حتى الإحباط، فقد تكون بحاجة ماسة إلى تغيير في نمط حياتك وفكرك. من الضروري أن تدع داخلك يقوم من الموت، وأن تبدأ في إعادة بناء نفسك من جديد.

بيروت في ١ نيسان ٢٠٢٤ 

الأكثر قراءة

التوغل البري يتحول الى كابوس: قوات النخبة في «مصيدة» المقاومة الحلول الداخلية تصطدم بالفيتو الاميركي... هوكشتاين «مش عالسمع» اسرائيل تنتقم بتوسيع نطاق التدمير... حزب الله لن يرفع «الراية البيضاء»