أما كان يفترض برجب طيب اردوغان، هو مولانا أمير المؤمنين، أن يدرك، ومنذ سنوات، أن التعامل مع بنيامين نتنياهو هو التعامل مع الشيطان، لكن الزبائنية السياسية، حدت به الى تكثيف علاقاته العسكرية، والاقتصادية، معه، ودون أن يصغي الى نصيحة الصحافي قدري غورسل بأن اسرائيل مثلما ترفض قيام ايران القوية، ولذلك لا تسعى الى تقويض النظام فقط بل والدولة في ايران، تقف في وجه أي محاولة تركية لتحقيق ذلك الحلم السيزيفي باحياء السلطنة العثمانية. لا قوة هناك في المنطقة سوى الدولة العبرية!
وكنا قد لاحطنا مدى الضغط الذي مارسه اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة والحؤول دون موافقة دونالد ترامب على طلب الأمير محمد بن سلمان انشاء مفاعل نووي في السعودية، ليقول سفير بريطاني في الخليج ان الضرورة الأميركية القصوى تستدعي سقوط نتنياهو عن عرشه، بعدما ثبت أنه بدأ يبتعد، ومن أجل بقائه في السلطة، عن دوره كحارس للمصالح الأميركية في الشرق الأوسط.
لا ندري ما خلفيات الكلام الأخير، المفاجئ والمذهل، للرئيس السوري أحمد الشرع، والذي قد يقلب المشهد رأساً على عقب. لا بد أنه اكتشف، بدوره، أن تل أبيب لا تريد قيام سوريا الموحدة والقادرة. تحت أنظار اردوغان دمرت كل البنى العسكرية للجيش السوري، لتكون دولة من دون أسنان، ومن دون أظافر. هذا هو التصريح الذي يجعلنا نتوقع فتح صفحة جديدة (ومشرقة) مع دمشق. قال "ان الاستثمار السوري في الاستقطاب السياسي، والمذهبي، في لبنان كان خطأ كبيراً، بحق البلدين ينبغي ألاّ يتكرر"، مشيراً الى أنه يتطلع لكتابة تاريخ جديد للعلاقات اللبنانية ـ السورية.
تابع انه تنازل "عن الجراح التي سببها "حزب الله" لسوريا، ولم يختر القتال بعد تحرير دمشق"، بعدما قال "هناك من يصورنا كارهابيين، وكتهديد وجودي، وهناك من يريد الاستقواء بسوريا الجديدة لتصفية حساباته مع الحزب، ونحن لا هذا ولا ذاك". وبحسب معلومات تتردد داخل بعض الأوساط السياسية، فان كلام الشرع أحدث صدمة مدوية، لدى قوى سياسية، وحزبية، وطائفية، كانت قد تعدت كل الحدود المنطقية في رهانها على دور أساسي لدمشق في تصفية "حزب الله"، وكذلك "البيئة الحاضنة"، كما لو أن لبنان لا يشبه البيت الصيني الذي اذا ما سقط أحد أعمدته سقط كله...
وحين نسأل في دمشق عن تصريح الشرع بأن الوفدين السوري والاسرائيلي يحققان تقدماً في محادثات تطوير الاتفاق الأمني بين البلدين، يوضح مصدر قريب من الادارة الجديدة، بـأن الرئيس الانتقالي يأخذ بالاعتبار أن أي مواجهة مع اسرائيل ستأتي بنتائج كارثية ان لفقدان البلاد أي قوة عسكرية في مواجهة الترسانة الاسرائيلية، أو بسبب الأوضاع على الأرض، والتي تقتضي الكثير من الجهد، والكثير من الوقت، للتوصل الى تفاهمات حول سوريا الموحدة...
واللافت أنه غداة كلام الشرع عن الاتفاق الأمني، أعلن "تلفزيون سوريا" أن الجيش الاسرائيلي توغل في منطقة بيت جن، في ريف دمشق، وسيطر على تل "رباط الوردة" في سفح جبل الشيخ.
على كل يبقى على السلطة تغيير سياساتها حيال منطقة الساحل والتي ما زالت تعيش تحت وطأة المذابح التي حصلت بحق العلويين، فقط لكونهم ينتمون الى الطائفة ذاتها التي كان ينتمي اليها الرئيس بشار الأسد، وأيضاً المعالجة العقلانية للمذابح المماثلة التي حصلت للدروز، والتي أعطت الذريعة لاسرائيل لتحقيق حلمها التوراتي في تفكيك، أو في تفجير، سوريا.
اذاً كلام سوري بالغ الأهمية حيال لبنان، وحيال "حزب الله" الذي كان، ولا يزال، يتوجس من حدوث شيء ما، مبرمج ولغايات خطيرة، عند حدود البقاع الشمالي، والبقاع الشرقي، مع سوريا، فهل ياخذ الحزب بكلام الشرع والانفتاح على دمشق أم يبقى على توجسه، وان كان هناك بين العرب من يضغط من أجل دور سوري في ازالة "حزب الله" من الخارطة السياسية، وحتى من الخارطة الديموغرافية، اللبنانية وبالصورة التي تؤدي الى اعادة "تشكيل" الدولة اللبنانية، من خلال توطين اللاجئين الفلسطينيين، والنازحين السوريين.
المثير هنا أن بعض القادة المسيحيين، الذين أخذوا بجاذبية المال الذي يتدفق عليهم بصورة تفضي الى حالة من الضياع السياسي، والهذيان السياسي، لا يكترثون في ضرورة الاعداد الأوركسترالي لمواجهة ذلك الخطر الوجودي. لكنه المال الذي يتكدس كودائع في المصارف الأوروبية، كما يستعمل لشراء العقارات الفاخرة في باريس، وحتى في امارة موناكو.
أشياء كثيرة تظل على ارتباط بما حمله توماس براك الى بيروت، وبعدما وصلت الى بعض المراجع معلومات فرنسية من أن ادارة دونالد ترامب بدأت في ابداء انزعاجها من "الأفكارالخيالية" لبنيامين نتنياهو، وحيث يبدو جلياً أنه لا يعمل لتغيير الشرق الأوسط، وانما لتفجير الشرق الأوسط، وان كان قد أبدى استعداده للقيام بخطوات على الأرض اذا ما باشرت السلطة اللبنانية في تنفيذ قرارات مجلس الوزراء بنزع سلاح "حزب الله" الأمر الذي يعتبر الحزب أنه مستحيل لأن أحداً لا يستطيع التكهن بما في رأس بنيامين نتنياهو.
دعوات حتى في الداخل الأميركي لـ"لجم أحصنة النار" في الشرق الأوسط، والا كانت الفوضى التي تجعل حتى الولايات المتحدة عاجزة عن استيعابها. شيء ما يتغير...
الأكثر قراءة
عاجل 24/7
-
22:55
الخارجية الإيرانية: مستعدون للحوار مع الأوروبيين للتوصل لأفضل حل
-
22:07
الخارجية السورية: ▪️نرحب بقرار أميركا إزالة لوائح العقوبات المفروضة على سوريا
-
22:07
الخارجية السورية: قرار أميركا إزالة لوائح العقوبات تطور إيجابي في الاتجاه الصحيح
-
22:07
الخارجية السورية: وفد الكونغرس أكد للرئيس الشرع دعم رفع العقوبات
-
21:25
التحكم المروري: قتيل في حادث تدهور سيارة على طريق عام الكفور
-
20:31
الانظار تتجه الى القصر الجمهوري بشأن قانون استقلالية القضاء فإما يجري تمريره مع بعض التعديلات او يعاد الى مجلس النواب
