اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


في الوقت الذي يزور فيه وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه لبنان هذا الويك-أند للقاء المسؤولين اللبنانيين، حاملاً معه "ورقة معدّلة" من المقترحات الفرنسية بشأن الجبهة الجنوبية، سارع الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين بالعودة الى تلّ أبيب لمنع أي توسّع للحرب الدائرة في غزّة الى رفح، ولعدم قيام "الإسرائيليين" بضربة شاملة على لبنان، ولإقناعهم بالتالي على الموافقة على الهدنة الطويلة الأمد بينهم وبين حركة "حماس". وإذ يبدو أنّ الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا تتنافسان ضمناً على إدارة الملف اللبناني، إلّا أنّه من مصلحة لبنان والمنطقة أن يُنسّقا أو يضغطا معاً على "الإسرائيليين" لمنع أي حرب شاملة كونها لن تطال لبنان فقط إنّما ستتوسّع الى دول المنطقة ككلّ. والدليل على ذلك التحالفات الدولية التي نشأت من خلال الردود العسكرية التي جرت أخيراً بين إيران و"إسرائيل".

تقول مصادر سياسية مطّلعة إنّ هوكشتاين عاد الى المنطقة لأنّ بلاده لا تزال تُحذّر من خطورة القيام بعملية رفح، ومن توسيع الحرب على لبنان، وتُنادي المتقاتلين بتجنّب التصعيد. ولهذا نجد أنّ موفديها يتحرّكون في اتجاه المنطقة عند الشعور بإمكانية انفلات زمام الأمور من يدها، وذهاب "إسرائيل" الى استكمال حربها البشعة على غزّة وفي جنوب لبنان وتهديدها بدخول "رفح" رغم عدم موافقة واشنطن على مثل هذه الخطوة. علماً بأنّ إمدادها بالمساعدات العسكرية مستمرّ، رغم مواقف واشنطن المعلنة عن رفضها رفع وتيرة الحرب في رفح، كما في لبنان.

أمّا الوسيط الأميركي فقد سعى من خلال زيارته الأخيرة الى لبنان، على ما أوضحت، الى اقتراح سلّة متكاملة للحلّ، على أن يحصل على مراحل. غير أنّ ما طرحه اصطدم بشرط وقف حرب غزّة أولاً، من قبل المسؤولين اللبنانيين، قبل المضي في مناقشة ما يعرضه من حلّ توصّلاً الى الإتفاق على "ترسيم" الحدود البريّة. وهذا يعني أنّ أي نقاش لا يُمكن أن يحصل في ظلّ استمرار حرب غزّة والمواجهات العسكرية القائمة عند الجبهة الجنوبية. وإذ تحدّث هوكشتاين عن وقف إطلاق النار بهدف عودة النازحين بفعل المعارك الدائرة الى المستوطنات الشمالية، كما الى القرى الجنوبية اللبنانية، ومن ثمّ مناقشة النقاط الـ 13 الخلافية القائمة عند الخط الأزرق، وصولاً الى التوافق على نقطة الـ  "بي. وان" ومزارع شبعا في المرحلة الأخيرة، واجهه لبنان بموقفه الموحّد ألا وهو تطبيق القرار 1701 كاملاً، وليس على مراحل. وهو قرار أممي جرى اتخاذه في العام 2006 بهدف وقف الأعمال العدائية آنذاك بين "حزب الله" و "إسرائيل" بعد حرب تمّوز-آب التي دامت 33 يوماً.

ونقلت المصادر نفسها عن بعض الشخصيات التي التقت هوكشتاين في واشنطن أخيراً قبل أن يقرّر العودة الى المنطقة، بأنّها شعرت بأنّ ثمّة سعيا فعليا من قبل الأميركيين لعدم انزلاق لبنان الى حرب شاملة مع "إسرائيل". أما عودة الوسيط الأميركي الى لبنان فمرتبطة بوقف إطلاق النار في غزّة، كما عند الجبهة الجنوبية، والعودة الى الحفاظ على قواعد الإشتباك بين الجانبين. علماً بأنّ الإدارة الأميركية ستدخل في شهر أيّار المقبل بجدية بالحملة الإنتخابية تحضيراً للإنتخابات الرئاسية في تشرين الثاني المقبل، ما سيجعل الملف اللبناني يتراجع من لائحة الأولويات.

كما أشارت الى أنّ الولايات المتحدة تودّ الحصول على ضمانات مؤكّدة، وفقاً لمطالب "إسرائيل" عن عدم قيام "حزب الله" بـ 7 تشرين أخرى من الحدود الجنوبية اللبنانية، على غرار ما فعلت حركة "حماس" عند حدود قطاع غزّة. فهذا الأمر يُقلق "الإسرائيليين"، سيما وأنّهم يعدون مستوطنيهم بأنّهم سيؤمّنون عودتهم الى المستوطنات الشمالية وبأنّ "عملية 7 تشرين لن تتكرّر عند الحدود الشمالية". أمّا في حال حصول خلاف ذلك، فإنّهم سيفقدون مصداقيتهم تجاه مواطنيهم الى الأبد. ولهذا يصرّون على الحصول على مثل هذه الضمانة من ضمن مناقشة مسألة تطبيق القرار 1701. علماً بأنّ تطبيق هذا الأخير من قبل "الإسرائيليين" وانسحاب قوّاتها من جميع الأراضي الجنوبية المحتلّة من شأنه تأمين نوع نسبي من الهدوء والإستقرار في المنطقة الحدودية.

وذكرت المصادر ذاتها أنّ الأميركيين يتحدّثون بالتالي عن دراسة تقنية لتحديد المسافة "الآمنة" في منطقة الليطاني بالكيلومترات والتي يُطالبون بانسحاب عناصر "حزب الله" المسلّحة منها، والتي حُكي أنّها بين 7 الى 10 كيلومترات، في حين يبحثون بجعلها 15 كيلومتراً بهدف حماية أفضل للدفاعات الجوية الاسرائيلية من الصواريخ، الى جانب أمن المستوطنات الشمالية. وأكّدت بأنّ لبنان لم يُناقش التفاصيل مع هوكشتاين، وطالبه بتطبيق شامل وكامل للقرار 1701، لا سيما بعد وقف حرب غزّة وجنوب لبنان. علماً بأنّ هناك صعوبة لا بل إستحالة لانسحاب "حزب الله" من شمال الليطاني كون عناصره تسكن فيها، ولا مجال لمغادرتها لأي سبب كان. ولهذا ففي حال جرى الحفاظ على قواعد الإشتباك من قبل الجانبين، أو نجاح الوساطة العربية الحالية بالذهاب الى هدنة طويلة الأمد بين "حماس" و"إسرائيل"، فإنّ الوسيط الأميركي سيكون جاهزاً للعودة الى لبنان سريعاً لاستكمال مفاوضاته غير المباشرة، من خلال إيجاد مخارج لبعض الخلافات، وذلك لإنجاز إتفاق ترسيم برّي، من شأنه إرساء السلم والإستقرار الدوليين فيها.

وعندئذِ يصبح بالإمكان مناقشة مطالب لبنان من جهة، ومطالب "الإسرائيليين" من جهة ثانية التي غالباً ما يتبنّاها الأميركيون لا سيما في ما يتعلّق بنشر نحو 8 آلاف جندي لبناني الى جانب المنتشرين اليوم في المنطقة الجنوبية، على أنّهم سوف يُواصلون تقديم المساعدات العسكرية للجيش اللبناني. كما يؤكّد الأميركيون دعمهم للجنة الخماسية، ولمساعيها في تسهيل انتخاب رئيس الجمهورية المقبل للبنان في أسرع وقت ممكن. ويُبدون بالتالي تفهّمهم لملف النزوح السوري الضاغط على لبنان، لافتين الى أنّه أصبح خطيراً جدّاً على الوضع اللبناني، ولا بدّ من إيجاد حلّ له. كذلك يجري البحث في إمكانية إدراج لبنان على "للائحة الرمادية" إذا لم يُباشر بالإصلاحات المطلوبة وإعادة هيكلة القطاعين العام والمصرفي. ولهذا على حكومة تصريف الأعمال إيجاد الحلول السريعة والمناسبة تلافياً لإدراج لبنان على هذه اللائحة.

 

الأكثر قراءة

«حبس انفاس» بانتظار نتائج الانتخابات الأميركيّة والردّ الإيراني صمود المقاومة براً يضع حكومة العدو أمام خيارات «أحلاها مرّ» قائد الجيش «مُستاء» ويكشف معطيات عن الإنزال: تعرّضنا للتشويش