اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

ما زال موضوع هبة المليار دولار إلى لبنان من قبل الاتحاد الأوروبي يأخذ حيزاً كبيراً في وسائل الإعلام اللبنانية في ظل انقسام الآراء حول الجدوى من هذه الهبة، ففي حين اعتبرها البعض كرشوة من أجل إبقاء النازحين السوريين في لبنان، دافع آخرون عن هذه الهبة ومنهم رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، الذي أكد انها مساعدة غير مشروطة للبنان واللبنانيين حصرا وتشمل القطاعات الصحية والتربوية والحماية الاجتماعية والعائلات الأكثر فقراً إضافة الى مساعدات الجيش والقوى الأمنية من أمن عام وقوى أمن داخلي لضبط الحدود البرية زيادة العديد والعتاد.

وبغض النظر عن هدف هذه الهبة و أبعادها وعما إذا كانت رشوة أو لا، أسئلة قد تطرح على الصعيد الإقتصادي: هل سيحرك الدعم الأوروبي بمليار يورو عجلة الاقتصاد اللبناني ويخفف من الضغط على الليرة ويؤمن مورداً إضافياً للخزينة بالعملة الصعبة؟ وما هي آليات صرف هذه الأموال؟ وما هي احتمالات عدم هدر هذا الدعم غير المشروط في قنوات المحاصصة والمحسوبيات؟

في هذا الإطار يقول الخبير الاقتصادي الدكتور بلال علامة في حديث للديار: أثارت هبة المليار يورو التي منحها الاتحاد الأوروبي للحكومة اللبنانية، لمكافحة تسرب اللاجئين السوريين إلى أوروبا، انقساماً في المشهد السياسي اللبناني، وزادت الجدل بشأن هذا الملف السياسي والاجتماعي المتعدد الأبعاد، الذي يضغط على لبنان بأشكال مختلفة منذ العام 2011.

ووفقاً لعلامة قد أتت هذه الخطوة بعد إلحاح من الحكومة القبرصية ومتابعة حثيثة من الرئيس القبرصي اللذين استطاعا إحضار المفوضية الأوروبية بعديدها وعدتها الى لبنان لحثها على تأدية دور في وقف تدفق اللاجئين السوريين الى الشواطئ القبرصية ومنها الى اوروبا، "لقد قدمت المفوضية الأوروبية هبة غير مشروطة للحكومة اللبنانية قوامها إسمياً مليار يورو ولكن عملياً هي عبارة عن سبعمئة وخمسين مليون يورو موزعة على ثلاث او أربع سنوات كون مبلغ المليار يضم أيضاً ما يقارب مئتي مليون دولار مبالغ مستحقة من الأعوام السابقة وغير مدفوعة نظراً لعدم توافر برامج للصرف في حينه مع الإشارة الى أن الدفع كان يتم عبر منظمات غير حكومية ومباشرةً للنازحين السوريين".

و يرى علامة أن هبة المليار مختلفة وهي مبالغ ستدفع للحكومة اللبنانية وعلى الحكومة اللبنانية في هذه الحال عقد اجتماع لمجلس الوزراء وقبول الهبة رسمياً كي يستطيع لبنان الاستفادة من الاموال التي تتضمنها، موضحاً أنه بموجب قانون النقد والتسليف وبعد صدور مرسوم عن مجلس الوزراء بقبول الهبة طبعاً بعد مناقشة عقدها وآلياتها "يجب على وزارة المالية فتح اعتمادات بالمبالغ التي ستتوافر ومن ثم عقد نفقة لتبيان آليات الصرف وكيفية استعمال الاموال".

ويعتبر علامة أن العملية ليست كما يقول البعض بانها رشوة لإبقاء النازحين في لبنان ولا هي دفعة على حساب بيع الأرض والجنسية،"وبكل الأحوال مجلس الوزراء هو المؤسسة المعنية بإصدار مرسوم لقبول الهبة وتبيان مضمونها وشروطها بكل وضوح وشفافية.

ورداً على سؤال حول انعكاس هذه الهبة على الاقتصاد اللبناني قال علامة : كون الهبة موزعة على ثلاث أو اربع سنوات فإن مفعولها الاقتصادي لن يكون كبيراً وبخاصة أنها ستنفق على خدمة النازحين في مجالات التربية والصحة والطاقة وبعض الخدمات المساندة، إضافة الى تعزيز قدرات الأجهزة الأمنية والعسكرية لمحاولة جديدة لضبط الحدود البرية ومنع التهريب وتدفق اللاجئين.

لكن يرى علامة بشكل عام إن ورود أموال أجنبية الى لبنان من خارج الدورة الاقتصادية اللبنانية هي عامل ايجابي مساعد لناحية تفعيل النمو وزيادة الاستهلاك ،"مع التأكيد ان دوران مبالغ الهبة قد يساعد في إراحة سعر الصرف وتعزيز وضع الليرة اللبنانية طبعاً إذا أحسن استعمال اموال الهبة بشكل رشيد".

و أردف علامة بالعتقاد العام أن إنفاق مبالغ الهبة وحسب تصريح رئيس الحكومة يجب أن يتم وفق برامج وخطط توضع لضبط عملية الإنفاق والصرف طوال سنوات استعمال الهبة، من خلال وضوح كامل للبرامج وتدقيق من قبل شركات دولية تعتمد المعايير العالمية لأسس المراجعة والتدقيق، "علماً بأن تجربة السلطة الحاكمة في لبنان وسمعتها غير مشجعة ولا تبشر بالخير" .

ويتخوف علامة من أن الخطر الاكبر متمثل في أن لبنان لا يمتلك استراتيجية واضحة تتعلق بالنازحين السورييين ولا سلطة في لبنان قادرة على طرح خطط قابلة للتنفيذ تتعلق بإعادة النازحين بطريقة آمنة ودون الدخول في متاهات العلاقة مع الحكومة السورية التي ما زالت بالنسبة لبعض الأفرقاء اللبنانيين من المحرمات بينما بالنسبة للبعض الآخر من الضرورات الحتمية.

وختم علامة بالقول: يعتقد البعض من السياسيين اللبنانيين ان ملف النازحين السوريين في لبنان هو ملف استنزاف دائم وليس ملف افادة للاقتصاد اللبناني ولا بأي شكل من الأشكال.

الأكثر قراءة

عمليات اسرائيلية مكثفة في رفح والاستعدادات لحرب موسعة تتواصل! التيار والقوات في سجال «الوقت الضائع»