اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


إذا كان التحرير ينبع من فوهة البندقية، فإنّ البندقية ذاتها تنبع "من إرادة التحرير، وإرادة التحرير ليست سوى النتاج الطبيعي والمنطقي والحتمي للمقاومة بمعناها الواسع: المقاومة على صعيد الرفض، وعلى صعيد التمسك الصلب بالجذور والمواقف."

-الشهيد الكاتب المقاوم غسان كنفاني

لقد كان تاريخ النضال الوطني في وجه المحتلّ، واحدا من بديهيات الحياة اللبنانية والفلسطينية. فيوم جاء المستعمر إلى أرض يبحث فيها عن تاريخ وجوده، الذي لن يفقه حتى قراءته لجهله لغته، توهّم بأن احتلال هذه الأرض وإبادة من عليها سيجعلها في ركن المنسي في ذهن الجيل الجديد. لكن هذا العدو فشل في تقديره، وجعل فلسطين قضية يولد بها جيل بعد آخر، ويخلق مقاوم يدافع عنها بقلمه وريشته، صوته وبندقيته.

على مرّ التاريخ، بدأت هذه الحركات الطالبية النضالية من الأراضي الفلسطينية، حيث كانوا مدفوعين بقوميتهم، في محاولتهم التعبير عن أهمية وجودهم وترسيخه. فولد لديهم التضخم الإنفعالي، الذي أفرز الميل إلى التحدي، آخذاً كل أشكال المواجهة لمجابهة قمع الواقع، حيث تمكنوا من إيصال صوت الاحتجاج الطالبي في مرحلة مبكرة من الاحتلال للتأثير بسلطة العدو في الداخل الفلسطيني عام ١٩٦٨. وانتقلت روح التظاهر الطّالبي إلى خارج فلسطين على مرّ السنين.

واليوم، منذ بداية ٧ أكتوبر، شهد العالم على أثره انقلاباً واسعاً رافضاً للتلفيق الغربي المتعمد. وذلك بعدما نقلت الصورة، الدماسة والسوداوية والغوغائية المتخفية وراء الصورة الظاهرية للعدو. فالصوت الذي حاصروه وحاولوا خنقه كيلا يرى النور طويلاً، وصل إلى العالم، ودفع الطلاب الى التظاهر والوقوف تضامناً مع أحقّ قضية عرفها التاريخ.

حتى وصل إلى لبنان، وانطلقت الأسبوع الماضي الوقفات الطالبية في ربوع العاصمة، لدعم فلسطين حتى الجنوب المقاوم، المساند لها بأرضه وشعبه ومقاوميه.

على وقع الصوت ذاته، تزدحم ساحات الجامعة اللبنانية، الفرع الرابع في البقاع، بالوقفات التضامنية لطلابها، استجابة لدعوة "تجمع الجامعيين الأحرار"، حيث انطلقت هتافات الجنوب وفلسطين من "كلية الحقوق والعلوم السياسية- زحلة"، "كلية الآداب والعلوم الإنسانية-زحلة"، "كلية الصحة- الكرك"، "كلية العلوم الطبيعية- زحلة"، و"كلية العلوم الطبيعية- دورس (بعلبك)".

كما سُجّل حضور الأساتذة الجامعيين، الموظفين وكذلك مدير كلية الحقوق والعلوم السياسية، الدكتور "سامر سلوم" عنها.

وفي هذا الصدد، يحدثنا علي سويدان، طالب في كلية الحقوق والعلوم السياسية عن أهمية هذه المشاركة، إذا "إن التضامن الشبابي عامة، والطالبي خاصة، يعكس أحد أهم تجليات فشل الامبريالية الأميركية والغربية، في محاولتها على مرّ التاريخ السيطرة على العالم. وهنا أستشهد بما قاله الشهيد الكاتب غسان كنفاني: "الوطن ليس شرطاً أن يكون أرضاً كبيرة. فقد يكون مساحة صغيرة جداً حدودها كتفان". وفي ذلك دلالة على أهمية القرار بالتأييد والتضامن الذي نقوم به."

من جهته، قال يورد شبلي أبو زخم، طالب ماستر في العلوم السياسية، "قلّدنا الغرب في كلّ شيء: في المأكل، والملبس.. في نمط العيش واللّغة والمنطِق.. إلّا أنّه، ثمّة ما عجزنا عن تقليده: أن "نبتكر" موقفًا ذاتيًا، أن يكون موقفنا ملكنا. بقدر ما كان وقعُ احتجاجات الجامعات الأوروبيّة والأميركيّة مفاجِئًا، بقدر ما كانت تلك التحرّكات مُفرحةً على اعتبار أنّها أتت تعكِس تقلّبات الرّأي العام الغربي تُجاه "إسرائيل". إلّا أنّ الأمر لم يخل من التراجيديا. رغم كل ذلك، الأهمّ، إن كانت الغيبة العربيّة غفلةَ الدُبّ القطبيّ، عسى أن تكون الصّحوةُ، نهوضَ طائر الفينيق".

حراكٌ جامعيّ في كل أنحاء العالم، قرر أن يُعلي صوت أفكار كل طالبٍ فينا، لندرك أنّنا نحن الطلاب الأحرار نواة هذا المجتمع الذي يدور حولها الماضي والحاضر والمستقبل، وما لم نتّحد ونوحّد أصواتنا فسننسى ماضينا وننسلخ عن حاضرنا ونفقد مستقبلنا.

الموقف واحد: فلسطين قبلة الأحرار، وطريقنا واحد: طريق القدس ولن يكون إلّا عبر الجنوب، حيث صار الدّم حبرًا يُكتب به ما يهزّ أركان الصهيونيّ رعبًا...

شهدنا في الأيام القليلة الماضية حراكا طالبيا في داخل حرم جامعات دولٍ تشارك في سلخ الروح عن فلسطين، وهذا ما يؤكد لنا أثر الإنسانية التي ما زالت موجودة في الشارع العام. ومن واجبنا نحن كطلاب وطالبات، وتحديدًا كطلاب بقاعيين يشاركون الكثير من الآلام التي التمست أهلنا في الجنوب، يقع علينا الواجب بتحركٍ يجعلنا نسلط الضوء أكثر إعلاميا على الجرائم التي تحصل في فلسطين وعلى الأراضي اللبنانية الجنوبية. كما أنّ كلياتنا وصروحنا التعليمية هي أيضا ساحات حربٍ مع عدوٍ يسعى كل يوم الى نزع إنسانيتنا ولكنه خسىء، فنحن طلابٌ أحرار وأبناء القضية.

                                                           

الأكثر قراءة

ايجابيات نيويورك لا تلغي الخوف من حسابات نتانياهو الخاطئة ميقاتي يعود من العراق قلقا… وعقبتان امام حل «اليوم التالي»؟