اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

حققت الأحزاب المنتمية لليمين المتطرف (أقصى اليمين) مكاسب كبيرة في انتخابات البرلمان الأوروبي  ، محدثة زلزالا سياسيا في فرنسا، وزيادة حالة عدم اليقين بشأن مستقبل الاتجاه السياسي لأوروبا، لكن من دون الإخلال بالتوازن السياسي في بروكسل. وجاءت هذه الأحزاب بالمركز الأول في فرنسا وإيطاليا والنمسا، وحلت ثانية في ألمانيا وهولندا.

ورغم أنه من المتوقع أن تحصل كتل الحزب الشعبي الأوروبي (يمين) مع الاشتراكيين والديمقراطيين و»تجديد أوروبا» (وسطيون وليبراليون) المؤيدة لأوروبا، على أغلبية في البرلمان المؤلف من 720 مقعدا، ولكن أحزاب أقصى اليمين حصدت حصة أكبر من المقاعد، مما قد يجعل من الصعب على أوروبا تمرير التشريعات واتخاذ القرارات. كما وجهت الانتخابات ضربة في الداخل للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشار الألماني أولاف شولتس، مما أثار تساؤلات حول الكيفية التي ستوجه بها القوى الكبرى في الاتحاد الأوروبي العملية السياسية داخل التكتل.

ومع 181 مقعدا متوقعا للحزب الشعبي الأوروبي، و135 للاشتراكيين والديمقراطيين ، و82 لـ»تجديد أوروبا»، تشكل هذه الكتل «الائتلاف الكبير» الذي ستحصل في إطاره التسويات في البرلمان الأوروبي، مع جمعها 398 مقعدا من أصل 720. إلا أن هذه الغالبية ستكون أقل مما كانت عليه في البرلمان المنتهية ولايته.

وتنقسم القوى اليمينية المتطرفة بشكل أساسي إلى كتلتين في البرلمان الأوروبي، ولكن يمكن إعادة تشكيلهما في أعقاب الانتخابات.

أما كتلة المحافظين والإصلاحيين الأوروبيين التي تضم خصوصا حزب «إخوة إيطاليا» (فراتيلي دي إيتاليا) بزعامة رئيسة الوزراء جورجيا ميلوني وحزب القانون والعدالة البولندي، فقد فازت بمقعدين إضافيين وفق التقديرات.

وارتفع عدد مقاعد كتلة الهوية والديمقراطية التي تضم حزب التجمع الوطني الفرنسي وحزب الرابطة الإيطالي من 49 إلى 62 مقعدا. وقد استبعدت الكتلة مؤخرا حزب البديل من أجل ألمانيا من صفوفها.

 تفاصيل النتائج 

- في فرنسا، تصدر حزب التجمع الوطني بقيادة غوردان بارديلا النتائج بنسبة تزيد على 31.5% من الأصوات، متقدما بفارق كبير على حزب النهضة الذي يتزعمه الرئيس ماكرون (15.2%)، بحسب تقديرات معاهد الاستطلاع. وبذلك سيحصل حزب الجبهة الوطنية على 31 من أصل 81 مقعدا فرنسيا في البرلمان الأوروبي.

وبينما وصفت زعيمة أقصى اليمين الفرنسي مارين لوبان النتائج الأولية بالتاريخية، وقالت إنها مستعدة لانتخابات جديدة في فرنسا، قال ماكرون إن هذه النتائج ليست جيدة لحكومته وللأحزاب التي تدافع عن أوروبا، وأعلن عن حل الجمعية الوطنية وتنظيم انتخابات تشريعية جديدة للدورة الأولى في 30 حزيران، والدورة الثانية في السابع من تموز.

- في ألمانيا، ورغم الفضائح الأخيرة التي طالت رئيس قائمته، احتل حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني المتطرف المركز الثاني بنسبة 16.5% من الأصوات، خلف المحافظين (29.5 إلى 30%). لكنه تقدم بفارق كبير على حزبي الائتلاف الحاكم، الاشتراكيين الديمقراطيين (14%) والخضر (12%.).

- في إيطاليا، تصدّر حزب «إخوة إيطاليا» اليميني المتطرف، الذي تتزعمه رئيسة الوزراء الإيطالية جيورجيا ميلوني، بحصوله على ما لا يقل من 27% من الأصوات، وفق استطلاعات نشرت بعد إغلاق صناديق الاقتراع. وحل الحزب الديمقراطي (يسار الوسط)، حزب المعارضة الرئيسي في المرتبة الثانية بحصوله على أكثر من 23%، تليه حركة 5 نجوم الشعبوية بقيادة رئيس الوزراء السابق جوزيبي كونتي بنسبة تناهز 11%، وفق الاستطلاعات التي أجريت لصالح وسائل الإعلام الإيطالية الرئيسية.

- في النمسا، حصل «حزب الحرية» اليميني المتطرف على 25.7% من الأصوات وفقا لنتائج شبه كاملة نشرتها وسائل الإعلام مساء امس، يليه مباشرة حزب «أو في بي» المحافظ (24.7%)، ثم حزب «إس بي أو» الاشتراكي الديمقراطي (23.2%). وحصل حزب الخضر من جهته على 10.7%.

- في إسبانيا، أظهرت النتائج الرسمية حصول الحزب الشعبي اليميني، التشكيل الرئيسي للمعارضة الإسبانية، على نحو 34% من الأصوات و22 مقعدا في البرلمان الأوروبي، مقارنة بنحو 30% من الأصوات و20 مقعدا للاشتراكيين بزعامة رئيس الوزراء بيدرو سانشيز، وحقق حزب فوكس اليميني المتطرف تقدما بحصوله على 6 مقاعد.

- في اليونان حصل حزب الديمقراطية الجديدة اليميني بزعامة رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس على 27.85% من الأصوات و7 مقاعد في البرلمان الأوروبي، وهو ما يظهر وجود فجوة كبيرة مع حزب سيريزا اليساري بقيادة ستيفانوس كاسيلاكيس الذي حصل على 14.93% (4 مقاعد)، يليه حزب باسوك الاشتراكي (12.91%، 3 مقاعد(.

- في سلوفاكيا حقق الحزب الليبرالي المعارض مفاجأة الأحد، بفوزه في الانتخابات الأوروبية ضد حزب «سمير-إس دي» الاشتراكي الديمقراطي بزعامة رئيس الوزراء روبرت فيكو ذي الميول المؤيدة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

وفي ثاني فوز على التوالي يحققه في الانتخابات الأوروبية، حصل حزب سلوفاكيا التقدمية على 27.81% من الأصوات، مما يمنحه 6 مقاعد في البرلمان الأوروبي، وفقا للنتائج التي نشرتها الصحافة السلوفاكية. وسيكون لحزب «سمير-إس دي» الذي حصل على 24.76% من الأصوات، 5 نواب في بروكسل. وحل حزب «ريبابليكا» اليميني المتطرف ثالثا بحصوله على نسبة 12.53% من الأصوات، وسيكون له ممثلان في البرلمان الأوروبي.

- في البرتغال تصدرت المعارضة الاشتراكية نتائج الانتخابات الأوروبية، متقدمة بفارق طفيف على الائتلاف الحكومي اليميني المعتدل الذي فاز بفارق ضئيل في الانتخابات التشريعية المبكرة في آذار الماضي، وفق النتائج الرسمية شبه الكاملة. وبحسب النتائج التي شملت جميع الدوائر الانتخابية، حل حزب تشيغا اليميني المتطرف في المركز الثالث بحصده 9.8% من الأصوات، وهي نتيجة أدنى بكثير عن حصيلته في الانتخابات التشريعية (18%).

- في المجر حل حزب رئيس الوزراء القومي فيكتور أوربان الذي وصف الانتخابات الأوروبية بـ»التاريخية»، في المركز الأول الأحد، لكنه سجل تراجعا واضحا، بحسب النتائج الجزئية التي نشرت في المساء. وحصل حزب فيدس على أكثر من 43% من الأصوات، بناء على فرز 60% من الأصوات، مقارنة بـ52.5% في الانتخابات السابقة عام 2019.

- في فنلندا حقق حزب «تحالف اليسار» تقدما بحصده 17.3% من الأصوات، و3 مقاعد من أصل 15 مخصصة لفنلندا في البرلمان الأوروبي، وفق النتائج المعلنة بعد فرز 99% من بطاقات الاقتراع.

- في السويد حقق حزب الخضر تقدما بحصوله على 15.7% من الأصوات، بزيادة قدرها 4.2 نقاط، وفق استطلاع لآراء الناخبين لدى خروجهم من مراكز الاقتراع أجرته قناة «إس في تي» التلفزيونية. وتقدم «حزب اليسار» أيضا (+4 نقاط إلى 10.7%)، بينما سجل اليمين المتطرف الذي يمثله «حزب ديمقراطيي السويد» تراجعا بمقدار 1.4 نقطة إلى 13.9%. وحافظ الاشتراكيون الديمقراطيون على موقعهم في المقدمة بنسبة 23.1%.

- في بولندا حصل الحزب الوسطي المؤيد لأوروبا بزعامة رئيس الوزراء دونالد تاسك على 38.2% من الأصوات، مما يمنحه 21 مقعدا في البرلمان الأوروبي، وحل حزب القانون والعدالة القومي الشعبوي ثانيا بحصوله على 33.9%، مما يمنحه 19 مقعدا في بروكسل.

- في الدانمارك، احتل الحزب الشعبي الاشتراكي الصدارة وحقق تقدما ملحوظا بحصوله على 18.4% من الأصوات، بزيادة قدرها 5.2% مقارنة بعام 2019، وفق استطلاع لآراء الناخبين عند خروجهم من مراكز الاقتراع أجراه التلفزيون العام «دي آر». لكن اليمين المتطرف منقسم في البرلمان الأوروبي إلى كتلتين لا يزال تقاربهما غير مؤكد بسبب خلافات كبيرة بينهما، خاصة فيما يتعلق بروسيا.

ويرى سيباستيان ميلر من معهد جاك ديلور أن «أصوات اليمين المتطرف واليمين السيادي لا يمكن جمعها معا، وهذا سيحد من وزنهما المباشر في المجلس التشريعي». ويضيف أن صعود اليمين المتطرف «الواضح خصوصا في فرنسا، سيؤثر حتما على المناخ السياسي الذي تعمل فيه المفوضية، وسيتعين على الغالبية أن تأخذ ذلك في الاعتبار». ويحذر المحلل قائلا «في حال الفشل في التأثير بشكل مباشر، سيكون اليمين المتطرف قادرا على التأثير بشكل خبيث».

 مستعدون للتفاوض 

وكانت رئيسة المفوضية الأوربية قد توددت إلى رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني وحزبها، وقالت إنها ترى فيها شريكا مناسبا مؤيدا لأوروبا ومؤيدا لأوكرانيا، مما أثار استياء الليبراليين والاشتراكيين وكذلك الخضر.

وفي هذا الصدد، قال رئيس كتلة الخضر في البرلمان الأوروبي باس إيكهوت «هل سندعم أورسولا فون دير لاين؟ من السابق لأوانه الحسم. من الواضح جدا أننا مستعدون للتفاوض»، لكن بشرط استبعاد أي تقارب مع ميلوني.

وأكدت ميلوني التي ترأست قائمة حزبها في هذه الانتخابات، أنها تريد «الدفاع عن الحدود بوجه الهجرة غير النظامية، وحماية الاقتصاد الفعلي، ومكافحة المنافسة غير النزيهة». 

الأكثر قراءة

صرخة معلولا: أيّها الأسد أنقذنا