اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


كان من المتوقع بعد الإعلان عن تحرير أربعة أسرى "إسرائيليين" في مجزرة النصيرات، أن يُعطى للمسؤولين الصهاينة، وعلى رأسهم بنيامين نتنياهو، جرعة أوكسيجين ليَخرجوا أمام الرأي العام "الإسرائيلي" مُقدِّمين لهم هذا "الإنجاز"، بعد دخول الحرب شهرها التاسع من تراكم الفشل "الإسرائيلي" في تحقيق الأهداف التي أعلنها وتحديداً في ملف الأسرى، مما أدى الى انقسام الرأي العام الداخلي على إدارة نتنياهو، بعد أن كان يحصد إجماعاً في بدايتها...

أيضاً كان متوقَّعاً أن تُخفِّف هذه العملية من حدة الإنقسامات داخل الكيان، ويحتفل الصهاينة بنشوة الإنجاز الذي حققوه وفق توصيفهم ولو بِيَد أميركية ولفترة بسيطة، إلا أنهم "ما لحقو" فبمجرّد إعلان الخبر، خرج الناطق العسكري باسم كتائب القسام أبو عبيدة، معلناً أن العدو تمكّن عبر ارتكاب مجازر مروّعة من تحرير بعض أسراه، لكنه في الوقت نفسه قتل بعضهم أثناء العملية.

لم ينجح الصهاينة في الترويج لعملية تحرير الأسرى الأربعة من النواحي كافة، وبخاصة أنها عملية تكتيكية لا تُحدِث تغييراً استراتيجياً، عدا أنها كانت مكلفة أخلاقياً وتؤثر في صورة "إسرائيل" ، باعتبار أن أحد أهداف الحرب ترميمها، لكن بعد فقد سيطرتها عليها وعدم قدرتها على محو مجازرها المروّعة بحق أهل غزة، وجدت نفسها مكشوفة عالمياً. أما من ناحية أخرى فتُعتبر عملية عسكرية فاشلة نسبة لكلفتها العالية: تحرير بعض الأسرى وقتل البعض الآخر وارتكاب مجزرة مروّعة بالفلسطينيين.

ففي أولى ردات الفعل، ارتفعت الأصوات في الداخل "الإسرائيلي" من أجل إعادة الأسرى بالتفاوض والاتفاق، واستَكمل كل مِن بيني غانتس وغادي آيزنكوت المهلة المعطاة لنتنياهو لإعلان خطة اليوم التالي ولم يَستجب، فأعلنا استقالتهما من مجلس الحرب، بخطوة لها تأثير سياسي ومعنوي وليس فعلياً ، بمعنى لا تؤثر في مصير الحكومة، إلا أنها تفقد الثقل الوازن في القرارات، وتؤثر سلباً في إدارة الحرب كما في مشروعية الحكومة، وتزيد من عزلتها وأزمتها الخارجية، وتُحمِّل نتنياهو وفريقه مسؤولية وتكلفة هذه الحرب، بعد أن كان يستخدم مجلس الحرب لتوزيع المسؤوليات، عدا  انعكاسها على الشارع واحتمال حدوث تصعيد وتحرُّك واسع.

ليس خافياً على أحد أن غانتس وآيزنكوت يتبنيان وجهة النظر الأميركية في ما يتعلّق "باليوم التالي" للحرب وكيفية إدارة غزة، لذا فإن تقديم استقالتيهما بهذا التوقيت ليس له إلا تفسير واحد، ألا وهو أن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن انتقلت من ممارسة الضغط الخارجي على نتنياهو الى ممارسة الضغط الداخلي، ما يعني بدء اللعب بالتوازنات السياسية الداخلية في الكيان، وهذا تداعياته خطرة جداً، فهو مؤشر على تفكّك المؤسسة السياسية والعسكرية في "إسرائيل"، وهنا تكمن أزمة الوجود الحقيقية كأهم نتيجة للحرب الوجودية التي سمّاها نتنياهو عندما شن عدوانه على غزة للحصول على إجماع، وها هو اليوم سيصل عاجلاً أم آجلاً الى هذه النتيجة، لكن الفرق أنها بإدارته شخصياً... 

الأكثر قراءة

عمليات اسرائيلية مكثفة في رفح والاستعدادات لحرب موسعة تتواصل! التيار والقوات في سجال «الوقت الضائع»