اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


"اشترينا سمك بالمي، وشقى عمرنا ضاع" هكذا علّق "أحمد" (إسم مستعار) أحد مالكي وقاطني إحدى الشقق في "مشروع مزهر السكني" بمنطقة الناعمة، لصاحبه وفيق مزهر. هذا المشروع المؤلف من 25 مبنى، ويضم اكثر من 500 شقة، إنهار فيه اثنان من مبانيه عام 2000، مما ادى إلى مقتل أحد عشر شخصاً بالإضافة الى سقوط عشرات الجرحى، وللأسف أجمعت التقارير الهندسية آنذاك على أن معظم المباني الـ 25 فيه، غير صالحة للسكن.

كيف يعيش سكان المباني في مشروع "مزهر السكني"؟

قال "أحمد" في حديث خاص لـ "الديار" " اطفالنا اصبحوا شباباً ولا تزال اوضاعنا في تردٍ مستمر منذ 24 عاماً، ننام حاملين أرواحنا على كفوفنا، في كل ثانية نتذكر ما حصل في تلك الساعة الفاجعة، وكأننّا ننتظر الساعة من كارثة قد تحصل مرة اخرى لا سمح الله، مع العلم أنه بفترة موجة الهزات الأرضية التي ضربت البلاد كنا ننام على الطريق".

أضاف "لا نعرف متى يأتي دور الباقي الساكن في هذا المجمع المرعب، حيث الجدران المصدعة المتصدرة في اروقته وفي كل حجرة متبقية فيه."

وتابع "حاولنا التواصل مع المعنيين لإنصافنا بحقوق "ذهبت مع الريح"، كتعويضات أو بدل سكن، أو ترميم إلخ... حصلنا على وعود كثيرة من مسؤولين وزائرين أتوا إلى موقع المشروع، لكن ومع الأسف لم تنفّذ الوعود، في حين نرى تعويضات تدفع لآخرين من مناطق تعرضت باقل ما حدث لنا. لا ندري هذا الاسلوب في التعاطي بقضيتنا، اعذرونا لعدم سكوتنا، صبرنا لن يطول لان انين اطفالنا وشبابنا ونسائنا والكهل يرن في آذاننا، لعل كل مسؤول عن قضيتنا يسمع".

وأشار أحمد إلى أنّه "ضربت الدولة على صدرها واعدةً بإخلاء المشروع وهدم مبانيه أو ترميمها على نفقة صاحبه وفيق مزهر الذي تمت ملاحقته قضائياً وحُجز على أمواله المنقولة وغير المنقولة تأميناً لحقوق مالكي الشقق، إلا أن ذلك لم يحصل. ويقطن اليوم في الشقق المهدّدة بالانهيار أكثر من 100 عائلة، تركوا لمصيرهم، رغم انهيار سقف إحدى الشقق العام الماضي، وانهيار سقف آخر قبل أيام ما أدى إلى وفاة رضيعة سورية في عامها الأول، في حين تعجز البلديّة عن إخلاء الشقق في العقار الذي تهاوى سقفه لعدم توافر بديل لقاطنيه."

هكذا بدأت الحكاية

مع تضارب تقارير قدّمتها شركات متخصّصة التي كلفها مجلس الوزراء درس الأمر منذ انهيار المبنيين، كان القرار الأول لمجلس الوزراء الذي صدر فور الإنهيار أي عام 2000 والذي قضى بإخلاء المباني حفاظاً على السلامة العامة، لكنه لم ينفذ مع الأسف، فتمّ إخلاء بعض المباني قبل أن يعود إليها قاطنوها بعد أشهر.

وفي عام 2001، رفعت شركة "لاسيكو" تقريراً إلى مجلس الإنماء والإعمار يفيد بأن كل مباني المشروع تحتاج إلى تدعيم بكلفة 1.8 مليون دولار من دون الإشارة إلى وجوب الهدم. في حين رفعت "شركة خطيب وعلمي" إلى مجلس الوزراء تقريراً مختلفاً أوصى بهدم كافة المباني باستثناء 4 منها يمكن تدعيمها من دون أن تحدّد القيمة الإجمالية للمشروع.

وأصدر مجلس الوزراء بنفس السنة، قراراً يقضي بالحجز على أموال صاحب "مشروع مزهر"، المنقولة وغير المنقولة وإلزامه توقيع سند دين لصالح الهيئة العليا للإغاثة بقيمة 3.745 مليون دولار وتسليمه سندات الملكية لكامل العقارات المسجّلة باسمه والسندات المحرّرة من الشارين لصالحه، مقابل قيام الهيئة بأعمال الترميم والتدعيم المطلوبة للمشروع. وفي آب 2003، وافق مجلس الوزراء على اقتراح الهيئة العليا للإغاثة تأمين اعتماد بقيمة 3.5 مليون دولار لتدعيم المباني على أن ينقل الاعتماد من احتياطي الموازنة العامة لعام 2003 إلى موازنة رئاسة مجلس الوزراء - الهيئة العليا للإغاثة. لكن، لا أحد يعرف أين صُرفت هذه الأموال، على اعتبار أن "ضربة واحدة لم تنفّذ في المشروع".

وأفضت دراسة قام بها مجلس الإنماء والإعمار في 2006، قضت باستملاك الدولة لمشروع مزهر السكني مقابل 15.2 مليون دولار.

إلّا أن الهيئة العليا للإغاثة طلبت من الاستشاريين "خطيب وعلمي ولاسيكو" دراسة حل موحّد أفضى إلى تصوّر تبلغ كلفته 4.325 مليون دولار لجعل المباني صالحة للسكن، وكلّفت "خطيب وعلمي" الإشراف على أعمال التدعيم قبل أن تتحوّل الشركة في قرارات المسؤولين المتلاحقة إلى مقاول تنفيذي للمشروع.

وفي 12-12-2023 أرسلت المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي إنذار بالإخلاء الفوري لسكان المباني في المشروع، وجاء فيه:  "ضماناً للسلامة العامة وبناءً لإشارة النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات وعملاً بقرار محافظ جبل لبنان رقم 26/س.ع تاريخ 15/10/2023 يُنذر جميع القانطين في الأبنية القائمة على العقارات رقم 1815-1817-1818-1819-1820/الناعمة العقارية بالإخلاء الفوري كون بقائهم في الأبنية حالياً يشكل خطراً على حياتهم وسلامتهم.

موضوع محضر مخفر الدامور رقم 168/302 تاريخ 29-3-2023."

بالطبع عملية الإخلاء من قبل سكان المشروع لم تتم تنفيذها تحت ذريعة عدم وجود البديل.

كما علمت "الديار" بأن صاحب المشروع المذكور أي وفيق مزهر يقطن بفيلا "دولكس" (بحسب ما وصفها أحد أفراد العائلات المنكوبة) بالقرب من منطقة الناعمة.

تصبحون على أعمدة تطير في الهواء!

تضاربت تقديرات الشركات المتخصصة لكلفة التدعيم من 5 ملايين دولار إلى 87 مليوناً، مع العلم بأن هناك سبع قرارات صدرت عن مجلس الوزراء خلال الـ 24 عاماً لمعالجة ملف "المشروع المهترىء"، لم ينفّذ أي منها حتى الآن.

وإلى حين تنفيذ القرارات الصادرة عن المعنيين، تصبحون على أعمدة تطير في الهواء.

الأكثر قراءة

حزب الله يُحذر من الخروقات «الإسرائيليّة»: للصبر حدود الجولاني مُستقبلا جنبلاط: سنكون سنداً للبنان