اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


لم يتطرّق كبير مستشاري البيت الأبيض لشؤون الطاقة آموس هوكشتاين خلال زيارته الأخيرة الى لبنان والمنطقة، الى موضوع الحدود البريّة الذي ينوي المضي في المفاوضات غير المباشرة حوله فور وقف الحرب في غزّة، ووقف إطلاق النار عند الجبهة الجنوبية. واكتفى الوسيط الأميركي يومها بنقل الرسائل المتعلّقة بتوسيع الحرب على لبنان، والتحذير من التصعيد جنوباً. ولكن من الواضح أنّه بعد وقف الحرب في المنطقة سوف يعود الى طرح مقترحه بالتفاصيل، لتأمين الأمن و الإستقرار عند الحدود بين لبنان و "إسرائيل"، رغم أنّه لم يلقَ بعد أي موافقة فعلية عليه من قبل الطرفين.

وبين طرح ضرورة تطبيق القرار الأممي 1701 بكلّ مندرجاته، وبين مَن يجد أنّه لا بدّ من "تعديل" القرار المذكور ليصبح أكثر مرونة لتنفيذه، يقترح السفير الدكتور بسّام النعماني المتابع لقضايا الحدود البحرية والبريّة في حديثه لـ "الديار" مجموعة نقاط بهدف إيجاد الحلّ المناسب والنهائي لمشكلة الحدود البريّة، والتي من شأنها استعادة لبنان كامل حقوقه، والحفاظ على الأمن والإستقرار الدوليين بشكل مستدام. ومن أبرز هذه النقاط، على ما يقول:

1- ليس المطلوب تشكيل "لجنة" توحي بأنّها لجنة وزارية، وبالتالي تكون خاضعة لتوجيهات مجلس الوزراء وسلطة الأحزاب السياسية، إنّما تشكيل "هيئة حكومية" مع صلاحيات، ولكن شبه مستقلّة (أي شبيهة بمصلحة الليطاني التي تعطي لمديرها العام سامي علوية هامشاً من التحرك والإستقلالية، تسمح له بالإنتقاد ورفع الصوت).

2- أن تكون بالتالي "هيئة عليا" لأنّها تتنازل موضوعاً سيادياً واستراتيجياً هو ترسيم الحدود البريّة.

3- يُعطى للدكتور عصام حليفة، أو لأي خبير آخر يجده المسؤولون "الخيار الأفضل"، حرية انتقاء أعضاء هذه الهيئة، التي قد تشمل إختصاصات مختلفة (قانون دولي، طوبوغرافية، هندسة، ترسيم، وتاريخ الخ...). على أن تُخصّص بميزانية من الدولة وبمقرّ مستقلّ وبأمانة سرّ (لتحضير التقارير والدراسات ورفعها الى المسؤولين تباعاً). كما يُضمّ اليها "مستشارون" يتمّ تعيينهم من الوزارات المعنية (الداخلية، الدفاع، النقل، الخارجية، قيادة الجيش، المديرية العامّة للأمن العام الخ...) تكون مهمّتهم الأساسية التنسيق بين الهيئة والجهات الحكومية المختلفة.

4- يقوم الوفد المفاوض في الناقورة بالتنسيق مع الدكتور خليفة للإتفاق على الإستراتيجية العامّة، وعلى الخطوات الواجب اتخاذها. ثمّ يقوم الطرفان بعرض الخلاصات والاستنتاجات على قيادة الجيش وعلى رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النوّاب وعلى رئيس مجلس الوزراء، مع التوصية باعتمادها.

5- يتولّى الدكتور خليفة المفاوضات مع هوكشتاين أو أي مسؤول أممي مكلف بترسيم، أو "تطبيق" الحدود البريّة والبحرية. ويقوم بعدها برفع الخلاصات والإقتراحات إلى المسؤولين المعنيين. ويمكن للمبعوثين الأمميين لقاء المسؤولين الكبار، ولكن تترك تفاصيل المفاوضات وتقريرها إلى الهيئة العليا، التي تقوم هي بعرضها على المسؤولين لأخذ الموافقة النهائية عليها.

6- لا يجب على المفاوضات غير المباشرة أن تبقى سريّة بحجّة إنجاحها. فالمفاوضات السريّة هي دائماً مطلب الدول الكبرى، لأنها تريد أن تجترح التنازلات. وهي تعلم بأن نتائج هذه المفاوضات لن تلقى موافقة شعوب الدول الصغرى، ولهذا تصر على المفاوضات السرية. فإتفاق سايكس- بيكو عقد في السرّ، وإتفاقية القاهرة أيضاً، وكذلك إتفاق الإطار البحري جرى سرّاً...

7-  ثمّة سبب آخر لاعتماد "السرية" يتعلّق بالـ "دواعي الأمنية والعسكرية". لكن ترسيم الحدود وإن كان يخضع لاعتبارات أمنية، إلا أنه ليس المعيار الوحيد. فهنالك عوامل تاريخية وثقافية وطوبوغرافية، إلخ... لتقرير ترسيم الحدود في هذا المكان أو ذاك. فالخلافات على الحدود اللبنانية - السورية مثلاً، لا علاقة لها بالمواضيع الأمنية، بل تتعلق بالنزاعات العقارية المزمنة بين البلدات والقرى المختلفة.

8 - على الهيئة أن تقوم بلقاءات دورية مع اللجان المختصة في مجلس النواب، ووضعها في صورة تفاصيل المفاوضات حتى ساعتها، وإبلاغها بموقف الحكومة من المقترحات التي تلقتها بخصوص الترسيم، وأخذ آراء النواب في الاعتبار. ثم الإنتقال إلى دورة المفاوضات الثانية، والتي ستكون أيضاً طويلة ومعقدة وتحتاج مرة ثانية وثالثة ورابعة، إلى عرضها على النواب لتأييدها.

9- إذا وصلت الدولة إلى شبه إتفاق حول إطار إتفاقية الترسيم البرّي، يمكن بعد الموافقة عليها في مجلس النواب، عرض الأمر على إستفتاء شعبي لأجل قطع دابر أي معارضة قد تنشأ حول هذه الإتفاقية.

ورأى النعماني أنّه ثمّة 3 معضلات يُمكن أن يُواجهها اقتراحه لحلّ مسألة ترسيم الحدود البريّة، هي على النحو الآتي:

1- كيفية إقناع السياسيين بإدخال "الخبراء" داخل دائرة صنع قرار ترسيم الحدود، وليس مجرد أخذ الرأي. علماً بأنّ المنطق يقول انه يجب إشراك الشعب في مثل هذا القرار السيادي، لا أن يُحتكر لمصالح خاصة أو لاعتبارات سياسية أو حزبية ضيّقة.

2- كيفية إقناع الوفد المفاوض بأن عملية الترسيم في النهاية لا تخضع فقط للإعتبارات العسكرية الاستراتيجية، بحيث يجب أن تبقى في نطاقها السرّي، ولكن هي عملية ذات اعتبارات سيادية تخصّ الوطن كله، وعواقبها ستظهر على كل الأجيال المقبلة.

3- الإقتناع بأنّ الدكتور خليفة، نظراً لخبرته واستشرافه للأمور، هو الأكثر قدرة على إدارة الترسيم من موقع "تقريري"، وليس من موقع "أكاديمي" بحت.

الأكثر قراءة

«اسرائيل» تحت صدمة أمنيّة جديدة بعد استهداف الحوثيين «تل أبيب» ماذا ينتظر المنطقة؟ وهل يشهد شهرا آب وايلول تصعيداً عسكرياً على كلّ الجبهات؟ المقاومة تقصف لأول مرّة 3 مُستعمرات جديدة