اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

من الطبيعي أن يشعر الأطفال بالقلق والتوتر في بعض الأحيان حيال أشياء معينة من قبيل علاقات الصداقة أو التحدث أمام الجمهور أو التقدم لامتحان. ولكن إذا راودهم الإحساس بالقلق بشكل متواصل وجعل حياتهم اليومية صعبة فسيتحول هذا القلق إلى مشكلة. أما الخبر الطيب فهو أنه بالإمكان معالجة هذا القلق إذا ما توفرت المساعدة المهنية الصحيحة ومن خلال تطوير مهارات التكيف الإيجابي.

ما هو القلق؟

القلق هو الشعور الذي ينتاب المرء عندما يحس بالتوجس أو الفزع حيال شيء ما، وهو إحساس إنساني طبيعي بالخوف أو الهلع. لكننا عادة ما نحس بالهدوء والتحسُّن بعد زوال هذا الإحساس.

إن الإحساس بقدر قليل من القلق أو التخوف يساعدنا على المحافظة على سلامتنا، بل وحماية أنفسنا من الخطر، غير أن القلق يجعلنا نشعر بأن الأمور أسوأ مما هي عليه بالفعل بحيث يطغى هذا الإحساس علينا تماما. ويمكن أن يؤدي استمرار مشاعر التوجس إلى حالة قلق ممتدة زمنياً.

إذا كان القلق يمنع طفلك من القيام بالأشياء التي يستمتع بها أو إذا كان يشعر بالقلق والذعر في أوضاع لا تنطوي على ضغط وتوتر، فمن المهم الحصول على دعم لمساعدته على التحسن.

ما الذي يسبب القلق؟

قد يكون من الصعب تحديد الأسباب التي تقف وراء القلق بدقة. فحين تواجهنا أوضاع باعثة على التوتر، تنطلق صفارات إنذار في أدمغتنا لتخبرنا بأن ثمة شيئاً ما غير سليم وأنه يتوجب علينا التعامل معه. وعندما تريد أدمغتنا التخلص من هذا الوضع الصعب فإنها ترفع من درجة استنفارنا وتمنعنا من التفكير بأشياء أخرى، كما تعمل على ضخ المزيد من الدماء إلى سيقاننا كي تعيننا على الهرب بعيداً.

القلق عند الأطفال والمراهقين

قد يشعر الأطفال بالرهبة تجاه أشياء مختلفة في مراحل عمرية مختلفة، غير أن كثيراً من هذا المخاوف يعد جزءاً طبيعياً من عملية النمو.

من الشائع تماماً أن يشعر الأطفال الصغار من عمر 6 أشهر إلى 3 سنوات بقلق مرتبط بالانفصال، إذ قد يبكون ويتشبثون بوالديهم أو القائمين على رعايتهم عند فصلهم عنهم. وتعتبر هذه مرحلة طبيعية يمر بها الأطفال في معرض نموهم ومن المفترض أن تتوقف عند يصبح عمرهم من سنتين إلى ثلاث سنوات.

ومن الشائع أيضاً أن يتكون لدى الأطفال من عمر ما قبل المدرسة أشكال محددة من الخوف والشعور بالرهبة (الفوبيا) بما في ذلك من الحيوانات والحشرات والعواصف والأماكن المرتفعة، والماء والدم والظلام. وتزول هذه المخاوف تدريجياً من تلقاء ذاتها.

وقد يشعر كثير من الأطفال بالرهبة عند انتقالهم إلى مدرسة جديدة أو قبل دخولهم إلى الامتحانات. وهناك أطفال يشعرون بالخجل في الأوضاع الاجتماعية.

وإذا لم يتغلب طفلك على مشاعر الخوف والقلق العادية مع الوقت، أو إذا بدأت هذه المشاعر تؤثر على أدائه في المدرسة أو سلوكه في البيت أو أثناء اللعب، فقد يعني ذلك أنك بحاجة إلى دعم من مهني مختص في الصحة العقلية.

تذكّر أن الطبيب أو اختصاصي الصحة العقلية هما الوحيدان القادران على تشخيص اعتلالات الصحية العقلية، لذلك يجب ألا تتردد في طلب النصح من مزود الرعاية الصحية إذا كنت قلقاً بشأن طفلك.

علامات القلق وأعراضه عند الأطفال

قد تتسم أعراض القلق بالتعقيد، بل قد تنشأ بعد وقت طويل من مرور الطفل بحادثة صعبة. وفيما يلي بعض من العلامات والأعراض الشائعة:

1 - علامات وأعراض جسدية:

  • ضيق التنفس أو الصداع أو الشعور بالدوار.
  • تسارع في نبضات القلب وفي بعض الأحيان ارتفاع في ضغط الدم.
  • الشعور بالعصبية أو الارتجاف أو الشعور بضعف الساقين.
  • الشعور بغثيان في المعدة – أو تشنجات أو إسهال أو تكرار الذهاب إلى الحمام.
  • صعوبة في الخلود إلى النوم أو قلة الشهية.
  • جفاف في الفم أو التعرُّق الزائد أو إحساس بالحر.

2 - علامات وأعراض عاطفية وعقلية:

  • صعوبة كبيرة في التركيز على الأشياء - ضعف التركيز.
  • الشعور بالذعر أو النرفزة أو الاهتياج العصبي.
  • الشعور بالانسحاق والرهبة.
  • الإحساس بخروج الوضع عن السيطرة أو التحكم.
  • الشعور بالتعب والنزق.

تختلف أعراض القلق من شخص لآخر؛ ومن الطبيعي أن يشعر المرء بقدر أقل أو أكبر من التوتر عن غيره من الأشخاص الذين يواجهون الوضع ذاته.

ينزع الأطفال الذين يعانون من القلق أن يحتاجوا إلى تلقي الطمأنينة بصفة مستمرة من والديهم والقائمين على رعايتهم. ونظراً لأنهم قد يتكتمون على مشاعرهم ويحرصون على إرضائكم فمن السهل أن تفوتك ملاحظة وجود هذه الحالة لدى طفلك. لذا عليك أن تتنبه جيداً للعلامات الدالة على القلق كي تتمكن من طلب المساعدة والاعتناء بحالة طفلك في وقت مبكر إذا اقتضى الأمر.

طرق لمساعدة طفلك في التغلب على القلق

إذا كان طفلك يعاني من القلق فإن أول شيء يمكنك فعله هو إخباره بأن هذا الشعور عارض وأنه سيزول؛ وسيعمل ذلك على تهدئة روعه وقلقه. وهناك أشياء يمكنك القيام بها لمساعدته في التغلب على القلق والاستعداد بشكل أفضل.

  1. استكشف شعور القلق مع طفلك: اطلب من طفلك أن يراقب إحساسه بالرهبة وأن يخبرك — ما الذي يحدث له عندما يشعر بالقلق، وكيف يشعر، وما هي المدة الزمنية التي يبقى فيها هذا الإحساس، وما هو سبب الإحساس بالقلق؟ وكلما كان الطفل أقدر على فهم هذا الإحساس والشعور بالأمان، كلما سهلت عملية التعامل معه.
  2. تحويل التركيز نحو أمر آخر: بما أن الأطفال المصابين بالقلق لا يستطيعون التحكم بمشاعرهم، فإنهم في الغالب يطرحون على أنفسهم أسئلة لا يمكنهم الإجابة عنها من قبيل "لماذا يحدث هذا؟" أو "لماذا أنا؟". وبوسعك أن تسأله أسئلة من قبيل "ماذا تحب أن تأكل على العشاء؟" مما قد يساعده على الإحساس بالتمكين والتركيز على الوقت الحاضر.
  3. تعزيز العادات الصحية: النوم والأكل بشكل جيد يتركان تأثيراً إيجابياً على مشاعر القلق، ذلك أننا نشعر غالباً بأن قوانا خائرة بعد الشعور بالقلق لفترات طويلة من الزمن. ويوصي الخبراء بـ 9 إلى 12 ساعة نوم ليلي للأطفال بسن 6 إلى 12 سنة، فيما يحتاج المراهقون إلى 8 إلى 10 ساعات نوم كل ليلة. وللمحافظة على الالتزام بوقت النوم، يجب تحديد موعد مشاهدة التلفزيون في الليل وتجنب إبقاء الأجهزة الرقمية في غرفة النوم.
  4. مساعدة الطفل على استخدام حواسه: تعتبر حواسنا أدوات مؤثرة في التعامل مع الشعور بالفزع والقلق والتوتر. وإليك هذه الطريقة السهلة لتشجيع طفلك على استخدامها: اطلب من طفلك أن يجلس بشكل مريح وأن يتنفس الهواء بحركة شهيق وزفير بطيئة. الآن أطلب منه أن يذكر أشياء غير باعثة على الاكتئاب: 4 أشياء يمكنه رؤيتها، و3 أشياء يمكنه سماعها، وشيئين يمكنه شمهما، وشيء واحد يمكنه تذوقه.
  5. التمرن على التنفس من البطن: عندما نشعر بالتوتر فإننا نبدأ بالتنفس بشكل غير عميق في أغلب الأحيان بحيث نتنفس من أعلى الصدر وننسى استنشاق أنفاس عميقة تصل إلى البطن. يعمل التنفس من البطن على تهدئتنا إلى حد كبير ويساعدنا على سحب الأكسجين بعمق إلى داخل الرئتين. وإليك طريقة سهلة من 3 خطوات للقيام بذلك:
  • ضع يديك على معدتك.
  • خذ 5 أنفاس عميقة بحيث يستغرقك الشهيق الواحد 5 ثوانٍ والزفير 5 مثلها، على أن يكون الشهيق من الأنف والزفير من الفم.
  • وضّح لطفلك وهو يستنشق الهواء بأنه ينفخ معدته برفق وكأنها بالون، وأن الهواء عند الزفير يخرج من البالون ببطء.

متى يتوجب الحصول على مساعدة مهنية.

إذا كان القلق يؤثر على حياة طفلك اليومية، فإن العلاج على يد مهني مختص سيُحدث فرقاً هائلاً. وبوسع مزود الرعاية الصحية أن يحيلكم إلى اختصاصي صحة عقلية كي يقيِّم حالة الطفل ويقدم النصح بشأن العلاج الصحيح له. فإذا اقترح أن يحصل الطفل على علاج إرشادي نفسي أو علاج نفسي عبر جلسات التحدث، يمكن للطفل أن يتحدث مع اختصاصي صحة عقلية مدرب عما يشعر به وعن طرق التغلب على ذلك.

وكوالدين، من الأهمية بمكان أن تعلموا أن إحساس طفلكم بالقلق لا يشكل انعكاساً لتنشئتكم له وأن طفلكم لا يتصرف على هذا النحو عن سابق قصد أو بغرض الحصول على الاهتمام. وقد يكون الوضع مجهداً وخطيراً، ولكن باهتمامكم ومحبتكم ورعايتكم يمكن إدارة الإحساس بالقلق والتغلب عليه.

الأكثر قراءة

الضفة الغربيّة... إن انفجرت