اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


لماذا لا يقام تمثال لهولاكو في حديقة الكونغرس اذا ما لاحظنا الشيوخ والنواب، يصفقون وقوفاً لبنيامين نتياهو، وقد اغتسل بالدم؟ ولكن هذه هي أميركا التي ترعرعت على ثقافة الاجتثات، يوم كان رعاة البقر يفاخرون بابادة الهنود الحمر، وعلى ثقافة العبودية، وكانوا ينقلون الزنوج في قعر السفن لتأكل الجرذان وجوههم، وحتى أرواحهم.

رشيدة طليب، النائبة الديمقراطية صرخت في وجهه "مكانك في الزنزانة، وليس هنا". لو كانت هناك عدالة في هذا العالم، ولقد سقط رهاننا، من زمن قايين وهابيل، على العدالة الالهية، لوضع كل الذين وقفوا، وصفقوا، وراء القضبان، وحتى وراء التاريخ. ولكن متى كان لأي أمبراطورية، حتى ولو وطأت القمر، وحتى لو زرعت علمها على سطح المريخ، أن تتمتع بالحد الأدنى من الحس البشري. أنظروا الى رؤساء أميركا. هل يمتون بأي صلة الى الكائن البشري...؟

بالمال وبالبروباغندا، فضلاً عن السياسات اللولبية (ثقافة الدهاليز)، يصل معظم أعضاء الكونغرس الى مقاعدهم، ليشرّعوا باسم يهوه لا باسم المسيح. ولنسأل، في وجه المقامات الروحية التي تفادت، عبر قرون، طرح هذا السؤال: "هل لاحظتم منذ أن انتقل البيوريتانز (الطهرانيون) من أنكلترا الى الضفة الأخرى من الأطلسي، أنهم لم يحملوا معهم عبارة واحدة، أو رمزاً واحداً، من الانجيل"؟

اخترقوا العقل الأخر، واستوطنوا هذا العقل، حتى عقول من صاغوا الدستور (وقد وصفهم ريمون آرون بـ "الأنبياء السبعة") بالنصوص والرموز التوراتية، وقد نشروها، أثناء تجوالهم بين الجماعات التي كانت تبحث، على صهوة الخيول، على الذهب لا على الله.

كان ينقص أن يرفعوا نجمة داود على قبة الكابيتول. منذ القرن السابع عشر، لم يتوقفوا لحظة عن تهويد أميركا. عودوا الى الحملات الانتخابية الرئاسية. هل يترشحون باسم أميركا أم باسم اسرائيل ؟ كلنا نتبع واشنطن، وواشنطن تتبع أورشليم.

لماذا دعوة بنيامين نتنياهو، وليس أي رئيس آخر، لالقاء كلمة في الكونغرس، وفي ذروة الساعة الانتخابية، ليقول للأميركيين "أنتم شركاؤنا ونحن شركاؤكم ". حتماً الشركاء في صناعة العار.

من تلك الأميركا التي تتحكم حنى بدوران الكرة الأرضية ؟ لكأنها لا تلاحظ أن كل مساعداتها، ومساعدات، المانيا (التي تخلت عن كل تراثها الفلسفي الفذ)، وبريطانيا، وكندا، الى ذلك الرجل الذي لم يتمكن، وطوال تلك الأشهر، من ازالة المقاومة من أرض ضيقة، ومحاصرة. اذاً ما الداعي لكل تلك الحفاوة التاريخية برجل لا يتقن سوى الرقص بين الجثث ؟

الآن، قال جو بايدن "أنا لست بطة عرجاء". هل يتجرأ، وقد بات طليق اليدين، أن يمنع ارسال، ولو جزء من المساعدات المالية (27 مليار دولار)، الى اسرائيل؟ لو فعل ذلك لدفنوه حياً...

ولكن ألم يلاحظ المعلقون أن الأداء السياسي، والعسكري، في غزة كان فضائحياً. بعد سقوط أكثر من 40000 قتيل، وأكثر من 70000 جريح، ماذا حققت الحرب سوى حفر القبور. في النهاية، لن تكون بانتظاره بطانية الصوف التي التف بها استاذه مناحيم بيغن. الزنزانة في انتظاره. زوجته سارة أعدت حقائب السفر. "بعدنا ستحترق اسرائيل".

ينبغي أن نظهر امتناننا لنتنياهو. لولاه لما رأينا، بالعين المجردة، الأسطورة الاسرائيلية (مقلاع داود مقابل سيف ورمح ودرع جلعاد) وقد سقطت تحت أقدام الحفاة، والقتلى، في غزة.

لا "اسرائيل" دون أميركا. كوميديا أم تراجيديا القرن؟

الأكثر قراءة

لبنان في «عين العاصفة» ورسائل الردع بلغت «كاريش» السلطة تدرس خطّة خروج من الأزمة عمادها شطب الودائع؟