اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


يجزم القاضي السابق في منصب الشرف فادي العنيسي، أن "العدالة ليست انتقاماً، وأن الإفلات من العقاب هو استسلام للعنف". وفي حديثٍ لـ "الديار"، لمناسبة الذكرى الرابعة لانفجار مرفأ بيروت، يستعرض القاضي العنيسي، مراحل سير التحقيق منذ وقوع الانفجار في٤ آب 2020، ثم إحالة الملف في ١١\٨\٢٠٢٠ بواسطة مجلس الوزراء المجلس العدلي، وبعد يومين بتاريخ ١٣\٨\٢٠٢٠ وزيرة العدل ماري كلود نجم عيّنت المحقق العدلي الأول القاضي فادي صوان بعد موافقة مجلس القضاء الأعلى، الذي بدأ بتحقيقاته التي استلمها من القاضي غسان عويدات النائب العام التمييزي، ومن مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي فادي عقيقي، اللذين وضعا يديهما على الملف بحسب الصلاحية".

ويقول العنيسي إنه في ٢٥\١١\٢٠٢٠ وجّه القاضي صوّان كتاباً إلى مجلس النواب، طلب فيه منه "تحمل مسؤولياته والقيام بما يراه مناسباً حيال وزراء تعاقبوا ورؤساء حكومة قد تكون هناك شبهة إهمال من جانبهم أدّت الى ترك مادة نيترات الأمونيوم في الميناء طوال السنوات الماضية".

وبتاريخ ٢٧\١١\٢٠٢٠، يشير القاضي العنيسي، إلى أن "هيئة مكتب مجلس النواب ردّت على كتاب صوّان، وتأسّفت على الخطوة التي لا تحترم مبدأ فصل السلطات المنصوص عليه في الدستور، ووصفت الرسالة بالانتقائية لأنها ذكرت رؤساء الحكومات دون تسميتهم، لكنها سمّت وزراء معينين منهم علي حسن خليل، يوسف زعيتر، ويوسف فنيانوس، ولم تحدِّد وزراء آخرين كانوا في الحكومة، وقد خالف المادة 80 من الدستور التي تحدد مهمة المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء"، ويستغرب العنيسي أن "كتاب هيئة مكتب المجلس خاطب القاضي صوّان بصفة الفترة السابقة، بالقاضي المذكور، وبأنه أرسل رسالة دون أي مستندات أو تحقيقات".

ويضيف العنيسي أنه "بتاريخ ١٨ شباط ٢٠٢١، "قرّرت غرفة في محكمة التمييز نقل الدعوى من القاضي صوّان الى قاضٍ آخر بسبب دعوى الارتياب المقدمة ضده من قبل وزير الأشغال السابق غازي زعيتر، ووزير المال السابق علي حسن خليل، وفي اليوم التالي، عيّنت وزيرة العدل السابقة القاضي طارق البيطار محقّقاً عدلياً بعد موافقة مجلس القضاء الذي بدأ بتحقيقاته من حيث ما وصل إليه القاضي صوّان لحين تاريخ ٢٣\١٢\٢٠٢١، علّق القاضي بيطار جميع التحقيقات بسبب ورود سلسلة دعاوى ارتياب مشروع ضده".

ومع مرحلة القاضي البيطار، يشير العنيسي إلى أنه في 25 كانون الثاني من العام، أعاد القاضي البيطار السير بالتحقيقات "وبعدما طلع بجملة اجتهادات لها علاقة بصلاحيته، وما إذا كانت تقف أمام الحصانات وأذونات الملاحقة وبالنسبة لدعاوى الردّ، فاعتبر أن قاضي التحقيق العدلي ليس بحاجة إلى طلب أذونات لأي كان، إن كان سياسياً أو إدارياً أو عسكرياً وحتى لمحاكمة القضاة، كما أنه اعتبر أنه بصفته كمحقّق عدلي، لا يخضع لإجراءات الردّ، وبالتالي بات قادراً على متابعة تحقيقاته. وفي اليوم عينه، قام القاضي غسان عويدات بالإدعاء عليه بجناية اغتصاب سلطة، وعمّم قرار منع سفر ضده ومنع موظفي النيابة العامة من تلقّي أي ورقة منه، وأصدر قراراً مفاجئاً بإطلاق سراح جميع الموقوفين بالقضية".

وبالنسبة للثغرة القانونية التي أطاحت استكمال التحقيقات، يشير القاضي عنيسي، إلى "أنها دعاوى الردّ والنقل والارتياب المشروع بنزع يد قاضي التحقيق العدلي طارق البيطار على النظر في الدعوى التي أوقفته عن النظر بالملف في المرحلة الأولى قبل اجتهاده بأنه لا يجوز طلب رد قاضي التحقيق العدلي"، مشيراً إلى أنه وحسب معلوماته، فإن " القاضي بيطار عاد وباشر التحقيقات منذ فترة قريبة".

وعن دور عويدات وما هو المنتظر من خلفه القاضي الحجار، يقول العنيسي، إن "قرار المدعي العام السابق بإطلاق سراح أو إخلاء سبيل الموقوفين التي تعود الصلاحية فيه بشكل حصري للمحقّق العدلي، هو قرار منعدم الوجود، وليس فقط غير قانوني، وحتى لو من الناحية الفعلية القرار نُفِّذ. والأهم أن القاضي عويدات أخذ قراره رغم أنه سبق له كنائب عام عدلي أن تنحى عن متابعة الدعوى بسبب وجود قرابة مانعة مع أحد الوزراء المدّعى عليهم، وهو غازي زعيتر، وقد جرى قبول عرض تنحيه، وبالتالي، لا يجب أن يتعاطى بالملف بتاتاً. كما يمكننا أن نعتبر أن القرارين الصادرين عن المحاميين العامين التمييزيين عماد قبلان وصبوح الحج سليمان باسترداد مذكرة التوقيف الغيابية الصادرة ضد كل من علي حسن خليل ويوسف فنيانوس منعدما الوجود. وبالنسبة لخلفه، أعتقد أن الأمور تغيّرت والتعاطي سيختلف، ولكن لأي درجة لا أعلم".

وبالنسبة لأداء مجلس القضاء الأعلى ورئيسه، يعتبر القاضي العنيسي أن "مجلس القضاء قام بما عليه بالموافقة على تعيين المحقِّق العدلي الأول والثاني وقد أصدر رئيسه القاضي سهيل عبود بتاريخ ١٠\١٠\٢٠٢٢ بياناً أي بالفترة نفسها التي كان يتعرّض فيها القضاء لضغوطات مهولة وصلت لحرم قصر العدل، وقال في البيان إن ما يتعرّض له القضاء والقضاة ومجلس القضاء الأعلى ورئيسه من محاولة تدخل سياسي سافر في العمل والأداء القانونيين من خلال حملات ممنهجة ومتمادية وإيذاء ما يترتب على كل ذلك من انعكاسات سلبية على الثقة بالقضاء وعلى صدقية القضاة وكرامتهم وعلى حسن سير مرفق العدالة".

وفي ما يخص القرار الظني، يرى العنيسي، أن "ما من مفرّ منه وهناك قاضيان لولاهما لكان التحقيق طي النسيان، الأول هو القاضي سهيل عبود الذي شكّل مرجع حماية وصمود بوجه كل التدخلات الحاصلة من الخارج، والثاني القاضي طارق البيطار، ولهذا، من الواجب أن نقف كلنا إلى جانبهما، وبخاصة القاضي البيطار الذي يواجه مروحة من السياسيين المدعى عليهم، والأمنيين، والإداريين والقضائيين، فالقرارات التي أصدرها قد يكون أصاب أو أخطأ فيها مثل أي قاضٍ، نخطئ جميعاً كقضاة وبشر، إنما شجاعته وإصراره ملفتان ومؤازرتنا لمساره لإثبات أن القضاة في لبنان قادرون على إحقاق الحق والسير بملف حتى النهاية".

ويستخلص العنيسي مؤكدا ً أنه "في غياب قضاء فاعل ومستقل يكون الحديث بلا مغزى"، مشيراً إلى قول الأسقف الأفريقي ديزماند توتو الحائز جائزة نوبل للسلام بعد محاربته بالقانون والسلم نظام التمييز العنصري: "إذا كنت محايداً في حالات الظلم فقد اخترت الجانب الظالم"، وإلى قول القاضي في المحكمة الدولية الجنائية لويس مارينو أكمبو: "الإفلات من العقاب يعني استسلاماً للعنف والعدالة ليست انتقاماً ابداً بل هي منع المستقبل ان يتلوث بالماضي، وبالتالي، فإن العدالة هي التي ستعيد بلدنا وما في شي ثاني حيرّجع البلد إلا العدالة".

الأكثر قراءة

هوكشتاين يُحذر «إسرائيل» من حرب فاشلة... ومحور المقاومة يُفعّل خطط الردّ صاروخ «فلسطين2» يُغيّر قواعد الإشتباك... هل لدى حزب الله «الفرط صوتي»؟