اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

في العام ٢٠١٧ أقر مجلس النواب اللبناني قانون “تنظيم الشركة بين القطاعين العام والخاص”.

و يقوم مفهوم الشركة بين القطاع العام والخاص على فكرة أساسية مفادها توزيع المخاطر بين الإدارة والقطاع الخاص. وهي بذلك تختلف عن الخصخصة التي يتحمل المستثمر بموجبها المخاطر على عاتقه.

كذلك تختلف عن الصفقات العمومية الأخرى التي لا تكون الدولة بموجبها شريكة، والتي تتحمل فيه الإدارة مخاطر المشروع وأكلافه منفردة من هذا المنطلق، يعتبر قانون الشركة اللبناني، في أسبابه الموجبة، أن هذا النوع من الشركة يشكل “تحفيزاً لتوظيف الرساميل في لبنان ولتنظيم المشاركة بين القطاعين العام والخاص”. وذلك في ظل وجود “إيداعات كبيرة لدى المصارف واستعدادات محلية وخارجية لتنفيذ مشاريع وتمويلها”.

مع الإشارة الى أن هذا القانون لم يطبق حتى اليوم، يرى بعض الاقتصاديين أن هذا القانون هو تحوّل أساسي للاقتصاد اللبناني. لكن أهميته لا تمنع بعضهم من طرح أسئلة عديدة على صيغة القانون اللبناني لما يتضمنه من بنود تثير المخاوف من تحوله إلى باب إضافي للاحتكار والفساد وهدر المال العام.

في هذا الإطار رأى الخبير الاقتصادي الدكتور باتريك مارديني في حديث للديار أن المنافسة هي القاعدة التي تضبط السوق وهي مهمة جداً لأنها تضبط المشاركين في الحركة الاقتصادية وتجبرهم على إعطاء الناس خدمة جيدة وأسعارا معقولة من أجل جذب الزبائن.

وإذ أكد مارديني أن المنافسة تؤدي إلى تحسين نوعية الخدمات و تتيح أسعارا مناسبة للجميع، رأى ان أي خدمة سيئة ونوعية رديئة أو أسعار مرتفعة قد تؤدي إلى الإفلاس، "لأن الزبائن سيتوجهون إلى من يقدم الخدمة الفضلى والأقل سعراً ، مؤكداً أن المنافسة تضبط السوق والمشاركين في الحركة الاقتصادية لأنها تجبرهم على تقديم خدمة جيدة بسعر مناسب من أجل جذب الزبائن.

ووفقاً لمارديني في أي مكان نرى خدمة سيئة ونوعية رديئة نبحث عن الاحتكار ،"وهذا الأمر نشهده في موضوع الكهرباء إذ هناك احتكار من قبل مؤسسة كهرباء لبنان التي تعطينا خدمة رديئة بحيث لا تتجاوز التغذية ٤ ساعات يومياً مع سعر مرتغع  يدفع المواطن جزءاً منه للمؤسسة كفاتورة والجزء الآخر للحكومة عبر الضرائب  والأمر نفسه يحصل في قطاع الإتصالات ( اوجيرو وشركتا ألفا وتاتش) وشركة طيران الشرق الأوسط وكازينو لبنان"، مؤكدا أن كل هذه الاحتكارات تؤدي إلى عدم الحصول على الخدمة الجيدة والسعر المناسب .

ورأى مارديني أن الاحتكار سيئ ان كان من قبل القطاع العام أم من قبل القطاع الخاص والمنافسة إيجابية في كل الأحوال، "كالمدارس مثلاً إذ ان المستوى العلمي في لبنان جيد نتيجة وجود الكثير من المدارس المتنوعة من خاص ورسمي"، مؤكداً ان المنافسة مطلوبة داخل القطاع الخاص وبين القطاع العام والقطاع الخاص.

ووفقاً لمارديني الشركة في لبنان تٌستعمَل كذريعة لتبرير الاحتكار، "مثلاً أي قطاع تحتكره الدولة اللبنانية كالكهرباء وعندما تطلب الدولة الشركة تقصد أن تاتي بشركة خاصة تدير هذا القطاع نيابةً عن الدولة و هذا يعني الالنتقال من احتكار قطاع عام إلى احتكار قطاع خاص، ولذلك نبقى مكاننا"، لافتاً أن هذا الأمر بنطبق على الاتصالات  وغيرها من القطاعات " وبالتالي إذا الشركة تعني الإبقاء على الاحتكار وتحويله من  احتكار عام إلى احتكار خاص فهذا أمر سيئ وان كان يسمى شركة" .

و أوضح مارديني أن الشركة لها قواعد فكل القطاعات التي يمكن فتحها على المنافسة لا يجوز أن تطبق فيها الشركة، متسائلاً لماذا يكون هناك احتكار لأوجيرو، "حتى لو أتينا بشركة خاصة تساعد الدولة بإدارة أوجيرو لا مبرر أن يكون هناك احتكار للأنترنت ولماذا لا نسمح لأي شركة أن تدخل إلى قطاع الأنترت كستارلينغ مثلاً والأمر نفسه في الطيران لماذا تحتكر شركة طيران تلشرق الأوسط النقل الجوي من وإلى لبنان ولماذا لا ندع أربع أو خمس شركات تتنافس سيما ان هناك شركات طيران رخيصة يجب ان يٌفتح لهم المجال للدخول إلى السوق و بالتالي في هذه الحالة لا يجوز الحديث عن الشركة بل يجب الحديث عن فتح القطاع على المنافسة ".

ورداً على سؤال بأي حالة يكون الحديث عن الشركة أمرا جيدا قال مارديني: مثلاً بالنسبة للكهرباء يُقسم إلى إنتاج و نقل و توزيع فممكن أن تملك شركة واحدة إنتاج الكهرباء  وممكن في الوقت نفسه أن تملك شركة إنتاج لأحد المعامل وشركة أخرى لمعمل آخر  وعندئذ تتاح لهم المنافسة والمواطن يختار الذي يقدم أفضل سعر .

كما تحدث مارديني عن إقامة مزارع طاقة شمسية في كل المناطق والقرى والذي يقدم سعراً أفضل نشتري منه ،"وبالتالي في إنتاج الكهرباء لا داعي لإقامة شركة مع القطاع الخاص بل يجب فتح القطاع على المنافسة"

أما في موضوع شبكة الكهرباء فأوضح مارديني انه لا يمكن ان يكون هناك عدة شبكات ولذلك هذا الأمر يسمى احتكارا طبيعيا وهنا يمكننا التحدث عن الشركة بين القطاع العام والقطاع الخاص، فالدولة اللبنانية غير قادرة على إجراء صيانة لشبكة الكهرباء ولا تملك ألأموال لتحسين شبكة الكهرباء وليس لديها الإدارة الرشيدة الموجودة في القطاع الخاص ،" وبالتالي يمكن للدولة إمضاء شركة مع القطاع الخاص الذي يقوم بتمويل صيانة الشبكة وتوسيع او حتى بناء شبكة جديدة وكذلك يقوم القطاع الخاص بإدارة الشبكة لمدة معينة بناءً على عقد بينه وبين الدولة وبعد انتهاء مدة العقد تعود الإدارة للدولة بعد تحسين وضع الشبكة ".

ورأى مارديني أن المشكلة الكبرى للشركة في لبنان أنها تٌستعمل كوسيلة للاحتكار، فاليوم هناك قطاعات لا داعي لأن يكون فيها شركة بل يجب ان تكون مفتوحة على المنافسة كقطاع الاتصالات خدمات البث التلفزيوني عبر الانترنت ( ott) متسائلاً لماذا يٌعطى الاحتكار لشركة واحدة ولا ندع أربع أو خمس او حتى عشر شركات تقوم ببث محتوى تلفزيوني عبر الانترنت ويبقى الاختيار للمواطن .

كما تساءل مارديني لماذا يتم تلزيم النافعة لشركة واحدة ( شركة إنكرت) و لا نلزم عدة شركات كي تعطي خدمة تسجيل السيارات وفي حال أضربت اي شركة فيكون هناك شركة أخرى تقدم الخدمة والأمر نفسه يطلق على الميكانيك معتبراً ان هذه الخدمات لا تحتاج الى الشركة بل يجب ان تفتح على المنافسة.

الأكثر قراءة

بعد كارثة غولاني... تل ابيب و194 مستوطنة في الملاجىء لغز «الشبح» يحير اسرائيل... ونتانياهو يهدد بيروت و«اليونيفيل» «ضوء اخضر» اميركي وتحذيرات من الهدوء الخادع في الضاحية