اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


مُؤسس المسرح الوطني اللبناني يكشف لـ "الديار" تفاصيل آخر مُقابلة أجراها مع الفنان الراحل!

نقيب الممثلين لـ "الديار": كاريزما الراحل أثرت في الدراما المحليّة والعربيّة... ومهما قلنا عنه لن نوفيه حقه!


في ظل الظروف الاقتصادية والاجتماعية الصعبة التي يمر بها لبنان، يتجلى التحدي الأكبر في الحفاظ على الإرث الثقافي والفني، الذي شكّل جزءاً لا يتجزأ من هوية الوطن. ورغم غياب الدعم الكافي وافتقار الفنانين اللبنانيين إلى الحماية الاجتماعية اللازمة بعد تقدمهم في العمر، يبقى المسرح اللبناني الوطني رمزاً للصمود ومركزاً لإحياء الفنون. ويظل على الرغم من كل التحديات، وفيا لتكريم رموز الفن الراحلين معترفا بإسهاماتهم، حتى وان كانت هذه اللفتات بسيطة.

بالمقابل، يجب ان يقدّر الفنان اللبناني الذي قدم إبداعاته رغم الظروف الصعبة، ويُمنح دعماً مستداماً يضمن له الكرامة والعيش الكريم. كما يستحق الجمهور ان يحظى بمسرح وطني يعكس نبض المجتمع ويخلد ذكرى من قدموا له فنهم. فهذا الجانب يحتل مكانة خاصة في الإرث الثقافي الوطني، حيث يُعتبر وسيلة فعّالة للتعبير عن الهوية الوطنية، ونقل القضايا الاجتماعية والسياسية بأسلوب مباشر وحيوي.

وعلى مر العقود، كان المسرح منصة لعرض التنوع الثقافي الوطني، يجمع بين التقاليد والابتكار، ويعرض تجارب الحياة اليومية بأسلوب فني مؤثر. بالإضافة إلى دوره في الترفيه، ساهم في التوعية وتعزيز الهوية الجماعية. وفي ظل التحديات الحالية، تظل هذه الخشبة رمزاً للصمود والحفاظ على التراث الثقافي، مذكّراً الأجيال الجديدة بقيمة الفن كأداة للتغيير والتعبير، وكمصدر إلهام يربط الماضي بالحاضر.

دور المهرجانات في تعزيز الصمود والمقاومة!

وفي الإطار، افتتحت "جمعية تيرو للفنون" و"مسرح إسطنبولي" فعاليات الدورة الثالثة من "مهرجان لبنان المسرحي الدولي" في "المسرح الوطنيّ اللّبنانيّ المجاني" في مدينة طرابلس، تحت شعار تحية الى الممثل سمير شمص. وقد بدأ الافتتاح بعرض فيلم وثائقي عن مسيرة الراحل الفنية، وعرضت كلمات مصورة على الشاشة من نجله ربيع شمص والفنان صلاح تيزاني والممثل فؤاد حسن. وعرضت مسرحية "العالم الجديد" اداء واخراج أنا بالما من البرتغال، وتناول العمل قضية العولمة والسيطرة وصراع الإنسان نحو الحرية.

من هو الفنان سمير شمص؟ تجيب السيدة نسرين شمص التي تحدثت باسم عائلة آل شمص في المهرجان التكريمي في طرابلس، وذلك بطلب من زوجته السيدة سهام أبو العز وابنه ربيع الذي يتواجد حالياً في كندا. وقد طلبت في كلمة العائلة "ان يتذكر محبو سمير سمير الإنسان، انه مبدع من بلاد الشمس، ترك لنا إرثاً فنيا وادبيا غنيا. بدأ حياته في المسرح أوائل الستينيات حيث شارك في عدة أعمال فنية وأفلام، متنقلا بين السينما والتلفزيون والصحافة".

وقالت لـ "الديار": "كانت هناك أيضا اصدارات ادبيه عديدة له من مساحات حرة، "شمصيات" وغيرها، وأصدر أيضا في عام 2006 روايته "عند حافة الكون"- خيال علمي إلى جانب تدريب الإعلاميين على الإلقاء. كما شارك في دبلجة مجموعة من المسلسلات الأجنبية، واشتهر بدور بابا سنفور. ومن لا يذكر زينه ونحول ودوره في سليمان "سفر برلك" مع السيدة فيروز، وجاد ونسرين في مسلسل "النهر" وغيرها من الأعمال المحفورة في ذاكرتنا".

وأكدت "ان الفنان الراحل كان يتمتع بمواهب عديدة منها الرسم، وكان يستخدم مواد غير مألوفة لتنفيذ لوحاته، وفقا لما ذكرته لي زوجته". وأضافت "كانت شخصيته متواضعة، مليئة بالمحبة للإنسان والطبيعة، وحتى رسوماته تسلط الضوء على هذا الجانب من شخصيته. قليلون من الصحافيين والإعلاميين يعرفون أنه كان شغوفا بالرسم، وفي بداياته كان يجيد تقليد الاصوات! كلنا نحمل في ذاكرتنا صوته القوي، ومدى حبنا للشخصيات التي جسدها".

وختمت "كان لديه حسّ جميل ولم يجرح أحدا، وكان يحب تشجيع المواهب الحقيقية. رحمه الله وهنيئا لروحه المبدعة التي تركت لنا تاريخا فنيا نفتخر ونعتز به".

المسرح سلاح ذو حدّين!

في حديث خاص لـ "الديار" قال الممثل قاسم اسطنبولي، مؤسس المسرح الوطني اللبناني والحائز على جائزة اليونسكو الشارقة للثقافة العربية، "تعتبر إقامة المهرجانات والورش التدريبية، سواء في المسرح الوطني اللبناني في صور أو طرابلس او حاليا بإعادة تأهيل سينما الكوليزيه في بيروت لتصبح مسرحا وطنيا لبنانيا، جزءا من المقاومة الثقافية، لأن وجود الفنون والمسرح بات ضرورة ملحّة في ظل الازمات التي مر بها لبنان من كورونا الى الازمة الاقتصادية الشديدة ومؤخرا الحرب".

وأوضح أنه "يوجد في الجنوب باص فني جوال يقوم بنقل الأطفال والشباب النازحين من المناطق الحدودية، ويخضع هؤلاء لورش تدريبية منذ نحو 6 أشهر تقريبا". وأردف "نحاول قدر الإمكان التخفيف عنهم من خلال الفن، لجعلهم ينسون الحرب ولو للحظات. لذلك، من المهم ان يكون للمسرح فعل مقاوم يستطيع بلسمة جراح الناس وبالتالي يكون متنفسا لهم، فكيف إذا كان مسرحا وطنيا مجانيا"؟

واستكمل "اما بالنسبة الى الدورة الثالثة من مهرجان لبنان في طرابلس، فهذا المهرجان مهم بتوقيته، لان الكثيرين يتجنبون زيارة لبنان تخوفا من الحرب. ورغم ذلك، كان هناك مشاركة عروض مسرحية عربية وأجنبية من البرتغال وتونس والجزائر وسلطنة عمان والبحرين وإيطاليا وفلسطين ولبنان، حضورياً وعبر "الإنترنت" ضمن المسابقة الرسمية للمهرجان. من هنا تأتي أهمية هذا المسرح الذي يقدم ثقافات متنوعة من العالم".

وعن تكريم الفنان الراحل سمير شمص، كشف اسطنبولي عن آخر لقاء معه قائلا: "زارنا قبل أسبوع في سينما الكوليزيه في بيروت، وكان سعيدا بالمسرح الوطني اللبناني. وقدّر هذه التجربة الى جانب المسرح الوطني اللبناني في بيروت، لأنه كان مؤمنا بقضية هذا المشروع".

وأضاف "كان مسرورا بافتتاح المسرح في العاصمة، لذلك فان تكريمه يعد جزءا من تاريخ المسرح في لبنان والإذاعة. وتم عرض فيلم عن حياته الى جانب الكلمات التي حيته وودعته من قبل كل من أبو سليم وزملائه وابنه ربيع، وعرضنا مقابلته الأخيرة، حيث تحدث لنا عن المسرح".

تلاقي الثقافات!

وقال: "وجهت الاعمال التي عرضت تحية من طرابلس الى الجنوب وغزة، مشيرا الى عمل بعنوان "حكايات غزة" الذي تناول قصصا واقعية، وهذا اقل ما يمكن تقديمه كتحية لنضالات هذا الشعب وتضحياته. وقد كسر هذا الامتداد من الجنوب والشمال وبيروت الجدار بين المناطق، وتمكنا من مد جسور التلاقي عن طريق الفن والشباب والناس والجمهور. واستطعنا خلق لقاء موحّد وشامل من خلال الفنون، لان هدف الفن يتمثل بجمع الناس على الفرجة والفكر والابداع والحب".

وختم "رغم كل الظروف، نحن مستمرون في عملنا وبالنضال الثقافي والمسرحي مع كل المتطوعين"، كاشفا عن "مهرجان يقام في أكتوبر المقبل ضمن مهرجان لبنان المسرحي للحكواتي بمشاركة حكواتيين عرب".

وسيم الصحافة!

من جهته، قال نقيب الممثلين نعمة بدوي لـ "الديار": "كان سمير شمص كاتبا وممثلا، ومعلما متواضعا، ونجما كبيرا، ومبدعا، وظريف المعشر، ومحبا للحياة، ويمتلك قدرة تعبيرية صادقة ومتمكنا من ادواته. كان وسيما واصيلا من عشيرة اصايل، اثبت وجوده امام كبار النجوم في العالم العربي، وكان نجما متميزا".

وجاء في كلمة النقيب التي تسلمت "الديار" نسخة منها "عندما حملت النعش، لم اتخيل انني سأحمل سمير شمص الى مثواه الأخير. وجع الفراق والغياب مؤلم، وهو الذي كانت كاريزمته تلقي بظلالها على الدراما المحلية والعربية، فبات أحد نجوم مصر ولبنان ونجما عربيا بامتياز. صرنا نفتخر بموهبة هذا الشاب القادم من عالم الصحافة وكتابة السيناريو، حتى انه كان يملك خامة صوت مميزة جعلته أحد أبرز نجوم فن الأداء الصوتي (الدبلجة). ومن يقرأ روايته التي اصدرها عام 2006 بعنوان "عند حافة الكون"، يدرك كم ان هذا النجم العربي يتمتع بمخيلة فلسفية واسعة، تحاكي أجمل صنوف الروايات العالمية".

وختم "ابو ربيع ستبقى خالدا في قلوبنا وفي ضمائرنا وفي الوجدان".

الأكثر قراءة

صدمة بزشكيان