اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


ميريام ادلسون، أرملة الملياردير النيويوركي شلدون ادلسون ("الحاخام" بالحذاء الذهبي)، أبدت خشيتها من أن يظهر ذات يوم شبح الفوهرر في البيت الأبيض، بعدما لاحظت انتشار "آراء مروعة" لأميركيين من مختلف الفئات على مواقع التواصل، من بينها "متى يظهر أدولف هتلر الأميركي لانقاذنا من العبودية لليهود"؟ و"آن الأوان لنخوض حرب الاستقلال الثانية للتحرر هذه المرة من الاستعمار "الاسرائيلي" لبلادنا" !

ادلسون كانت قد نظمت مع شخصيات يهودية، حفلاً للتبرع لحملة دونالد ترامب الذي فاجأ الحضور بالقول "قبل سنوات لم يكن أحد يتصور أن يصبح "اللوبي اليهودي" في الولايات المتحدة في هذه الحالة من الوهن. ما يزيد في قلقنا أنه لم يكن أحد ليتجرأ على انتقاد "اسرائيل" خوفاً من فقدان منصبه. اليوم يبدو المشهد وقد تغيّر على نحو دراماتيكي ، أعضاء في الكونغرس وأساتذة وطلبة جامعيين يرفعون رايات وشعارات ضدها".

وكان ايتامار بن غفير قد حذّر من أن "نرى لعبة المصالح وقد جعلت الأميركيين يغرزون خناجرهم في ظهورنا"، داعياً يهود الولايات المتحدة الى الاستعداد لمواجهة مخاطر "نازية" قد تظهر بين يوم وآخر في الأفق، بل في الشارع الأميركي. ولكن ماذا كان في رأس ترامب بقوله "عندما أنظر الى "اسرائيل" على خارطة الشرق الأوسط، أجدها صغيرة جداً مقارنة مع دول الجوار"، متسائلاً "كيف يمكننا زيادة مساحتها"؟

في رأسه، وكما كتبنا مراراً، ابنته ايفانكا التي تتجول هناك بالكعب العالي. اذ اعتنقت اليهودية تمثلاً بزوجها جاريد كوشنر، تريد لـ"صفقة القرن" التي ينبغي على واشنطن تسويقها وحتى بالقوة، لاقامة "أمبراطورية يهوه"، معتبرة أن "الرب" هو من دعا الى انشاء هذه الأمبراطورية التي تمتد من النيل الى الفرات.

هي تعتبر بايحاء أو بتوجيه من "اللوبي اليهودي"، أن تكون الخطوة الأولى في الطريق الى تحقيق "الوعد الالهي" بتفريغ غزة، وكذلك "يهودا" و"السامرة" من الأغيار (الغوييم). هذا ما يحصل بالابادة الجماعية لسكان القطاع، وبالتداخل بين التقطيع اللولبي للضفة والتنكيل المنهجي بالسكان العرب، حتى أذا تحولت حياتهم الى جحيم هاجروا الى أين تتلقفهم الرياح.

 شيء ما يحدث داخل الرأي العام الأميركي. الفيلسوفة الأميركية اليهودية جوديت باتلر نبهت القادة "الاسرائيليين" الى أن "صراخ تلك الجثث يصل الى هنا"، لتحذر "مما يحدث عادة لمن يحترف ثقافة القتل"، لتضيف "نحن كيهود الأكثر وعياً بما يحدث لهؤلاء، بسبب تجاربنا الطويلة والمريرة على امتداد الأزمنة".

لا تزال المسألة تحتاج الى الوقت الكثير والى الجهد الكثير، لاحداث تغيير بنيوي في اتجاهات الأميركيين الذين يتعرضون، منذ النصف الثاني من القرن السابع عشر، لغسل الأدمغة بالتأويل العشوائي والمبرمج للنصوص "التوراتية". ولكن بدأت تظهر بعض مؤشرات التغيير. استطلاع معهد "غالوب" في آذار الفائت، وكانت بداية المذبحة الكبرى، أوضح أن 27 % من الأميركيين يتعاطفون مع الفلسطينيين، لترتفع نسبة الشباب الى 45 %، وبعدما كانت الاستطلاعات السابقة تظهر أن نسبة المتعاطفين تتأرجح بين 9 % و 11 %.

الاستطلاع الخطير ذاك الذي أجرته مؤسسة (Data Chicago council on global affairs) في حزيران الماضي، ليتبين أن 55 % من الأميركيين يعارضون ارسال قوات أميركية للدفاع عن "اسرائيل"، في حال تعرضت لهجوم من البلدان المجاورة. وبدلاً من أن يتعامل أركان اليمين المتطرف بعقلانية مع تلك الأرقام، بالتداعيات المستقبلية البالغة التأثير في صياغة السياسات الأميركية، نراهم يزدادون شراسة في أدائهم، والى حد اتهام الادارة الديموقراطية بـ"تقديم روؤسنا هدية الى الارهابيين".

الأرقام قد تبقى على الورق ان لم تحدث هزة داخل الكونغرس، الذي لكأنه مجمع مسكوني لليهود. "اسرائيل" أولاً ثم أميركا. لكن حالة الغياب، بمن في ذلك كمالا هاريس، التي سجلت لدى القاء نتنياهو كلمته في تموز الفائت، أظهرت أن قبة الكابيتول بدأت تهتز فعلاً، لتبقى المشكلة الكبرى في المال الذي بمثابة الايديولوجيا البديلة للأميركيين عن كل ألأديان والطوائف، هو في قبضة "حاخامات" وول ستريت.

من أيام تظاهرات الجامعات، وحيث النخبة التي لا بد من أن تصل الى أعلى المراكز، وأميركا تهتز. العروش العربية والقلوب العربية وحدها لا تهتز، حتى عندما تصرخ باتلر في وجه بنيامين نتياهو "انك بجنونك تدفع بيهود العالم الى... المحرقة"!!

الأكثر قراءة

لبنان يتجاوز قطوع الحرب الموسعة والمطار يستعيد حركته الطبيعية مواجهات محدودة جنوبا ضمن قواعد الاشتباك المعتمدة مفاوضات غزة الى حائط مسدود ؟