اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


بحثت الهيئة العامة لمحكمة التمييز المؤلفة من القضاة الرئيس الاول سهيل عبود والرؤساء التمييزيين كلود كرم، ميشال طرزي، روكس رزق، سهير الحركة، وعفيف الحكيم في القرار رقم 4 الصادر عنها بتاريخ 27/11/2019 نقطة مهمة تتعلق بمدى إمكانية اعتبار الجرم قائما اذا لم ترسل الجهة المدعية انذاراً للمدعى عليه بعد اقدامه على اختلاس اموال مخدومه. وهل يشكل هذا الامر خطأ جسيماً. فاعتبرت ان محكمة الاستئناف المشكو من قرارها، اذ استندت الى جملة من الوقائع والمعطيات المتوافرة في الملف، توصلا الى إدانة المدعي بمقتضى البند السادس من المادة 672 عقوبات، متخذة الوجهة القائلة بأن المادة المذكورة تشكل جرما مستقلا وقائما بذاته، تكون قد استخدمت حقها في تفسير النصوص القانونية، وفقا لوجهة معينة في الاجتهاد الجزائي، فلا يندرج ذلك في كل حال، ضمن مفهوم الخطأ الجسيم.

ومما جاء في القرار الصادر بتاريخ 27/11/2019.

ثانيا: في مدى جدية السبب المدلى به:

حيث ان المدعي يعيب على المحكمة مصدرة القرار المشكو منه، الخطأ الجسيم المتمثل في الخطأ في تفسيرها وتطبيقها المادة 672 عقوبات، عندما اعتبرت ان المادة المذكورة تنص على جرم قائم ومستقل بذاته، ولا يحتاج الى إنذار، في حين انه يستدل من نص المادتين 672 و675 عقوبات، ان المادة 672 تنص على ظروف مشددة للجرائم المنصوص عليها في المادتين 670 و671 عقوبات، ولم تنص على جرم مستقل وقائم بذاته، وان الاجتهاد مستقر بهذا المعنى.

وحيث ان المحكمة مصدرة القرار المشكو منه اعتبرت، انه يتبين من اوراق الدعوى والتحقيقات التي جرت، ان المستأنف المدعى عليه المدعي راهنا كان يعمل في السوبرماركت العائد للمدعي المطلوب إدخاله راهنا كأمين للصندوق، وقد استغل عمله هذا، واخذ يختلس اموال السوبرماركت اسبوعيا، وعلى دفعات، حتى وصل مجموع المال الذي اختلسه الى عشرين الف دولار اميركي، وفق ما اعترف به امام فصيلة درك انطلياس في التحقيقات الاولية، وليعود وينكر اعترافاته هذه امام قاضي التحقيق والمحكمة، رغم وجود قرص مدمج يظهره وهو يختلس المال، وان فعله لجهة إقدامه على اختلاس اموال مخدومه من السوبرماركت، يؤلف الجنحة المنصوص عليها في المادة 672 عقوبات، وهو ثابت باعترافاته، وبالقرص المدمج الموجود في الملف، وبالادعاء الشخصي (...)، وان الحكم الابتدائي الذي انتهى الى ادانته بمقتضى المادة 672 عقوبات (اي بجرم قائم ومستقل بذاته ولا يحتاج الى انذار) وإلزامه برد المبلغ المختلس، وانزل به العقوبة المناسبة، يكون واقعا في موقعه القانوني الصحيح، وخلصت الى تصديق الحكم الابتدائي برمته، مع تعديله لجهة عقوبة الحبس بوقف تنفيذها، اذا اوفى المدعى عليه المدعي راهنا الالزامات المدنية المحكوم بها خلال مهلة ثلاثة اشهر من تاريخ صدور القرار.

وحيث ان المادة 670 عقوبات تنص، على انه كل من اقدم قصدا، على كتم او اختلاس او تبديد او إتلاف او تمزيق سند، يتضمن تعهدا او إبراء، او شيئا منقولا آخر سلم إليه، على وجه الوديعة او الوكالة او الاجارة، او على سبيل عارية الاستعمال او الرهن، او لإجراء عمل لقاء اجرة، او بدون اجرة، شرط ان يعيده او يقدمه او يستعمله في امر معين، يعاقب بالحبس من شهرين الى سنتين وبغرامة...

كما ان المادة 671 من القانون عينه تنص، على انه كل من تصرف بمبلغ من المال، او بأشياء اخرى من المثليات سلمت اليه لعمل معين، وهو يعلم او كان يجب ان يعلم، انه لا يمكنه إعادة مثلها، ولم يبرئ ذمته رغم الانذار، يعاقب بالحبس حتى سنة وبالغرامة...

وحيث انه بمقتضى البند السادس من المادة 672 عقوبات، يعاقب بالحبس من ثلاثة اشهر الى ثلاث سنوات، كل مستخدم او خادم مأجور، وكل مرتبط بعقد عمل لقاء اجر، مع اي مؤسسة خاصة، عندما يقدم على إساءة الامانة بالاموال المسلمة اليه، او المناط امرها بها، وفقا لنص إحدى المادتين 670 و671 السابقتين.

وحيث ان المحكمة مصدرة القرار المشكو منه ادانت المدعي بجنحة المادة 672 عقوبات دون ان تعطفها على اي من المادتين 670 و671 عقوبات، متخذة وجهة في الاجتهاد تعتبر ان جنحة المادة 672 المذكورة تؤلف جرما مستقلا، وبالتالي تكون قد استخدمت حقها في التفسير في هذا الاطار.

وحيث ان محكمة الاستئناف المشكو من قرارها، اذ استندت الى جملة من الوقائع والمعطيات المتوافرة في الملف، توصلا الى إدانة المدعي بمقتضى البند السادس من المادة 672 عقوبات، متخذة الوجهة القائلة بأن المادة المذكورة تشكل جرما مستقلا وقائما بذاته، تكون قد استخدمت حقها في تفسير النصوص القانونية، وفقا لوجهة معينة في الاجتهاد الجزائي، فلا يندرج ذلك في كل حال، ضمن مفهوم الخطأ الجسيم.

وحيث انه استنادا الى ما تقدم، لا تكون الجدية متوافرة في إدلاءات المدعي، ما يقتضي معه رد الدعوى لهذه العلة، مع تضمين هذا الاخير مبلغ مليون ليرة لبنانية كتعويض للجهة المدعى عليها سندا لاحكام المادة 750أ.م.م.

لذلك

تقرر بالاجماع:

اولا: قبول الدعوى شكلاً.

ثانيا: ردها لعدم توافر جدية السبب المدلى به.

ثالثا: مصادرة التأمين وتضمين المدعي النفقات ومبلغ مليون ليرة لبنانية كتعويض للجهة المدعى عليها.