اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

لبنان في رسالته وكينونته الوجودية، هو تلاق وتعايش وحوار ومحبة وقبول حق التنوع للآخر، المفترق والمختلف دينا وعقائد وعادات وسلوكيات.

ارض حرية وكرامة، وحب واحترام واقتسام فرح واحزان الاعياد والافراح. الحرية الكيانية هي اساس عظمة الوجود الانساني وكرامته ومنبع مأساوية وفاجعة هذا الوجود، لانها منبع القرار والخيار والمبادرة الى الخطيئة او النعمة.

لبنان هو وجود رسولي روحي في ضمير الانسانية، وواحة كرامة للتلاقي والحب والحوار والاحترام.

في اول ايلول تم اعلان دولة لبنان الكبير... انه وطن شاءه مؤسسوه منذ اعلانه لبنان الكبير قبل مئة واربعة اعوام، ارضا يمكن ان يعيش فيها بسلام وحرية واحترام، واحترام مختلف الديانات والمجتمعات والاثنيات والاعراق والاجناس.

هنا يتلاقى الموارنة الرواد وفكرهم اللاهوتي عن التجسدي والزهدي وطقوسهم الجميلة والبسيطة، مع أهل السنة اله الرحمة والعزل، واهل الشيعة وفاجعتهم وحزنهم واساهم وشخصيتهم المميزة، واهل العرفان الدرزي والعقل والحشمة والتفاني والحكمة، واهل الشك والقلق الجارح والوجودي البروتستنتي، واهل المأساوي واناشيد القيامة والبقاء.

المذبحة الارمنية والطقوس والنور والحياة والرجاء والملاحم مع اهل اشور، اهل الجذور وقصائد المدرك وصلاة الازمان والسريان، واناشيد الادباء الشعراء الكبار، منبع الفكر المشرقي اللاهوتي والناس الواقفين على حدود الايمان بالله، والشك في وجوده وفي الحياة الاخرى.

لبنان فسيفساء رائعة في تنوع ووحدة جمالية فريدة في تاريخ الثقافات والحضارات والمسارات الانسانية والروحية واللاهوتية. جميع هذه الاثنيات تعايشت معا، وتفاهمت على ما يجمع بينها وقبلت تنوعها واختلافها وتعدادها وتمايزها باحترام وسكينة.

اهلها عاشروا بوئام تحت سقف الوطن الواحد وتوافقوا وقالوا: ان التعاليم الصحيحة للاديان تدعو الى عيش قيم السلام والتعارف المتبادل والاخوة الانسانية، والعيش المشترك وتقاسم الافراح والاحزان والاعياد والاحتفالات، وتلاقوا على احترام الحرية التي هي حق لكل انسان، وممارسة الحوار والتفاهم ونشر ثقافة التسامح، وقبول الآخر المفترق والتعايش معا، واقتسام المساحة الهائلة للقيم الروحية والانسانية والاجتماعية والاخلاقية، مع عيش الفضائل الكبرى التي تدعو لعيشها الاديان المحبة للاخلاق والسلوك الحسن، وقبلوا فيما بينهم مواطنة واحدة تقوم على المساواة في الواجبات والحقوق، ونبذ العنف والتباغض والكراهية والعدائية وحب الوطن والدفاع عنه، وعدم العمالة للاجنبي والغريب.

لبنان هو مشروع سلام واخوة وحب، رسالة اخوة نموذجية للبشرية وللمجتمعات المتنوعة والاثنيات. فلنحافظ على هذه الوديعة الثمينة، وعلى هذا الارث الغالي الذي تركه لنا الآباء والاجداد، وعلى هذه النعمة والبركة التي وهبنا واعطانا اياها الله بمحبته وكرمه ، وسنبكي دما على فقده، وساعتئذ لا ينفع الندم والبكاء.

وكما قال قداسة البابا القديس يوحنا بولس الثاني ستكون خطيئة كبيرة، ستبكي البشرية دما بسببها اذا زال لبنان.

ونبكي كالنساء وطنا لم ندافع عنه كالرجال، هذا ما قالته له امه لاحد ملوك الاندلس الذي ترك الاندلس باكيا: لا تبك كالنساء وطنا... لم تدافع عنه كالرجال.

اتركوا لي الجوهرة المقدسة التي احملها وفيها كل الاديان والحضارات والثقافات.