اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب



مع ان المهلة الزمنية المتبقية من ولاية قائد الجيش في اليرزة تمتد الى شهر كانون الثاني، فإن الحديث عن التمديد الثاني للعماد جوزف عون بدأ يطرح في التداول السياسي، ويرشح ان يتحول الى مادة خلافية بين القوى السياسية كما جرى في التمديد الأول، لحسابات سياسية أولا ونظرا لأهمية الموقع الذي لا يقل شأنا عن رئاسة الجمهورية. وقد بدأت القوى المعنية بمسألة التمديد عملية تقييم ومراجعة مفاعيل الخطوة وتفصيلها على مقياس حسابات خاصة، وما تقتضيه المصلحة الوطنية بدرجة ثانية، ومحاولة الجمع بين المصلحتين. فمن عارض التمديد سابقا لقائد الجيش عالق اليوم في قراره، فالظروف الأمنية مختلفة تماما في ظل الحرب من جهة، والخوف المسيحي من خسارة آخر المواقع المارونية في الدولة بعد الرئاسة الأولى من جهة ثانية.

فالمعروف ان رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل كان يتقدم المعارضين للتمديد السابق لعون، وهو على الأرجح من الرافضين له اليوم، لكن المؤكد ان الدخول في مواجهة برفض التمديد اليوم مسألة فيها وجهة نظر، في ضوء الأحداث والمتغيرات السياسية الكبرى، مع ان الرئيس السابق ميشال عون أعطى مؤشرات سلبية قبل أيام في حديثه عن قائد الجيش، بالقول ان التمديد السابق "خرّب البلد، وكان يوجد ٢٠ ضابطا أفضل من العماد جوزف عون"... لكن لا أحد يعلم بعد، كما تقول مصادر متابعة اذا كان "الفيتو" الماضي من قبل الرئيس عون وباسيل سينسحب على التمديد الثاني. علما ان هناك رابطا في أزمة توقيع وزير الدفاع موريس سليم المقرب من التيار على مرسوم تثبيت اللواء حسان عودة في رئاسة الأركان بهذا الأمر، فالنائب جبران باسيل لن يهب توقيعا مجانيا من دون مقابل في التعيينات الأمنية والمواقع الادارية الأولى.

في التمديد الأول لم يرض باسيل ان يحمل وحده مسؤولية الشغور في الموقع العسكري او انتقاله الى رئيس الاركان، وسعى في حينه لتعيين اللواء بيار صعب بدلا من التمديد لعون، لأسباب تتعلق بالعلاقة المأزومة بين ميرنا الشالوحي واليرزة، لكن مسعى قيادة التيار اصطدم بعوائق كثيرة أبرزها رفض بكركي لأن يتسلم ضابط غير ماروني القيادة العسكرية. واليوم الأمور تسير في الاتجاه نفسه، حيث تؤيد بكركي وتدعم التمديد من منطلق الحفاظ على ما تبقى من صروح ومواقع مارونية في الدولة، فالكاردينال بشارة الراعي يرفض مبدأ تعيين قائد جيش بغياب رئيس الجمهورية، معتبرا ان إجراء تعديلات في القيادة العسكرية لا يصب في مصلحة الدولة، وان استقرار الدولة يوجب تحصين الجيش وعدم المس بقيادته الى حين انتخاب رئيس للجمهورية. وكان سبق للراعي ان تحدث في معركة التمديد الأول عن "عيب" إسقاط قائد الجيش في ادق مرحلة من تاريخ لبنان"، وانتقال الصلاحيات لرئاسة الأركان، فقيادة الجيش هي آخر الحصون المارونية، وليس مسموحا ان يصيبها فراغ يشبه فراغ الرئاسة الأولى.

تتعدد الأسباب والنتيجة واحدة وهي ان التمديد حتمي، فالأوضاع الراهنة لا تحتمل المجازفة بانتقال السلطة الأمنية واجراء تغيرات في مرحلة دقيقة، عدا ذلك فالبلاد في أسوأ مرحلة من الأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي تصيب المؤسسة العسكرية، فلهذه الأسباب ترى المصادر ان لا مصلحة لأي فريق سياسي بالسير في خيار معارض للتمديد، من منطلق المصلحة الوطنية وعدم تعريض المؤسسة العسكرية لخضات في مرحلة المواجهة مع الاعتداءات "الاسرائيلية" اليومية والتلويح بحرب شاملة.

رفض التمديد كما تضيف المصادر يعني دخول المؤسسة العسكرية في "أزمة قيادة"، بسبب عدم قدرة الحكومة على تعيين قائد جديد للجيش، كما ان وضع رئيس الأركان المعين من الناحية القانونية ليس صلبا، مع ذلك فمن غير الواضح اي صيغة سيتم اعتمادها لإقرار التمديد عن طريق مجلس النواب او الحكومة، وفي الصيغتين يبدو الأمر معقدا، فاقرار التمديد في مجلس الوزراء يخلق إشكالية كما حصل عند تعيين رئيس الأركان حسان عودة بسبب اعتراض وزير الدفاع على تجاوز صلاحياته، مما يرجح فرضية التمديد الشامل للعماد جوزف والقيادات الأمنية والعسكرية، واعتباره الخيار الاكثر صوابا وتوافقا.