اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب



يشهد المسرح السياسي الإقليمي تصعيداً متزايداً من قبل إسرائيل تجاه لبنان، يتجلّى في اللهجة الحادة للمسؤولين الإسرائيليين، والمواقف التي تتجاوز التحذيرات التقليدية إلى التلويح بخيارات عسكرية مباشرة، في الكواليس الدولية.

تصعيد لا يأتي من فراغ، بل يتزامن مع تطورات داخلية لبنانية حساسة، أبرزها الجدل حول مستقبل دور المقاومة، وقرار الحكومة اللبنانية بحصر السلاح بيد الدولة.ففي حين تسعى تل أبيب إلى استغلال اللحظة اللبنانية الدقيقة لإعادة رسم قواعد الاشتباك، يبقى السؤال: هل التصعيد سياسي بحت، أم تمهيد لمواجهة محتملة تُرسم ملامحها في الكواليس؟وهل نحن أمام بداية لتغيير قواعد الاشتباك، أم مجرد استعراض قوة؟

الاجابة على الاسئلة لن تطول، اذ تكشف مصادر دبلوماسية عن وصول كل من الموفد الاميركي الى لبنان توم براك، على ان تتبعه المكلفة بملف لبنان في الامم المتحدة، مورغان اورتاغوس، الى باريس، حيث سيعقد براك سلسلة من الاجتماعات، ابرزها، مع وزير الشؤون الاستراتيجية الاسرائيلية رون ديرمر، الذي يحمل معه جوابا واضحا، برفض تل ابيب لاي تعديل لاولويات الورقة الاميركية من جهة، وعدم استعداد اسرائيل للانسحاب حاليا من المواقع التي تحتلها، او وقف طلعاتها الجوية والعمليات العسكرية التي تنفذها برا وجوا.

كذلك، ووفقا للمصادر فان براك سيبحث مع الجانب الفرنسي، ممثلا بالموفد الرئاسي جان ايف لودريان، وبمشاركة اورتاغوس، ملف التجديد لقوات الطوارئ الدولية في الجنوب، وامكان الاتفاق على صيغة تؤمن المطالب الاميركية، علما ان الملف سيكون حاضرا على طاولة قمة "الاسكا"، خصوصا بعد تبلغ روسيا طلبا سوريا لاعادة نشر قواتها على الحدود السورية - الاسرائيلية، وسط الحديث عن مفاوضات تحت طاولة لادخال قوات روسية الى جنوب لبنان.

الهجوم الاسرائيلي السياسي، يواكبه جنوبا على الارض حركة عسكرية، ارتفعت وتيرتها خلال الايام الاخيرة، تزامنا مع التصعيد العسكري في غزة، ومع المرحلة الحساسة التي تمرّ بها الساحة اللبنانية داخلياً، ما يدفع الى الشك بان تكون التحركات العسكرية عند النقاط المحتلة، مجرد إجراءات تقنية أو أمنية، بل تندرج ضمن سياق أوسع من محاولات فرض وقائع ميدانية جديدة، وربما اختبار نوايا لبنان الرسمي في ظل النقاش الدائر حول "حصر السلاح بيد الدولة"، على ما يؤكد المتابعون.

ويرى المراقبون أن الخطوات الإسرائيلية تأتي في سياق تصعيد تدريجي على جبهة الجنوب، يحمل رسائل متعددة الاتجاهات، داخليًا، تعكس محاولة لطمأنة الجمهور الإسرائيلي بشأن جاهزية الجيش، خصوصًا في ظل الانقسام السياسي والعسكري الداخلي، اما خارجيًا، فهي رسالة ميدانية موجهة للبنان، مفادها أن إسرائيل مستعدة لتحويل الوضع الدفاعي إلى هجومي متى دعت الحاجة.

ويضيف المراقبون ان ما يحصل لا يمكن فصله عن السياق الإقليمي، خصوصًا في ظل التصعيد المتواصل في غزة، و"المواجهة المستمرة" بين إسرائيل وايران، كما يتزامن مع مرحلة لبنانية دقيقة، أبرزها الجدل الدائر حول حصر السلاح بيد الدولة، ما يفتح تساؤلات حول ما إذا كانت إسرائيل تستغل هذا التوقيت السياسي لتثبيت أمر واقع جديد على الحدود.

في الخلاصة، فان الخطوات الإسرائيلية بتوسيع مواقعها المحتلة في الجنوب ليست تفصيلًا تقنيًا، بل تعكس توجهًا ميدانيًا استراتيجيًا يحمل في طيّاته احتمالات التصعيد وتبدّل قواعد اللعبة، واضعا لبنان، الرسمي والشعبي، أمام تحدٍّ جديد في مواجهة سياسة القضم الزاحف للسيادة، وسط غياب موقف دولي حازم تجاه الانتهاكات المتكررة للقرارات الأممية.

 

الأكثر قراءة

هل هدف زيارة الموفدين لبيروت منع الانفجار؟ المخاوف تتصاعد من مشاريع تغيّر وجه لبنان السياسي