اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


لطالما اعتقد العلماء أن القلب والدماغ يعملان ككيانين منفصلين، إلا أن الأبحاث الحديثة كشفت عن وجود صلة وثيقة بينهما. وتعد العلاقة بين مرض الشريان التاجي ومرض ألزهايمر أحد أبرز الأمثلة على هذه الصلة المعقدة. مرض الشريان التاجي هو أحد الأمراض القلبية الوعائية الأكثر شيوعاً، وينتج من تراكم اللويحات الدهنية داخل الشرايين التاجية التي تزود القلب بالدم والأكسجين. هذا التراكم يضيق الشرايين ويحد من تدفق الدم إلى عضلة القلب، مما قد يؤدي إلى نوبات قلبية أو حتى الموت المفاجئ.

أما مرض ألزهايمر، فهو مرض تنكسي عصبي تدريجي يؤثر في الذاكرة والتفكير والسلوك. يتسبب هذا المرض بتدمير الخلايا العصبية وتكوين لويحات بروتينية في الدماغ، مما يؤدي إلى تدهور تدريجي في الوظائف الإدراكية.

وفي هذا الصدد، أكدت دراسة جديدة وجود علاقة كبيرة بين مرض الشريان التاجي ومرض ألزهايمر، ما يسلط الضوء على الأهداف المحتملة لمزيد من التحقيق في أصول كلا المرضين. وقام فريق البحث من جامعة إديث كوان في أستراليا بفحص مجموعات بيانات جينية كبيرة للبحث عن جينات مشتركة أو اختلافات جينية قد تزيد من خطر الإصابة بمرض ألزهايمر ومرض الشريان التاجي وتركيزات الدهون الثلاثية والبروتينات الدهنية (الدهون التي تورطت في تطور مرض ألزهايمر وأمراض القلب).

وأشارت الأدلة الرصدية للروابط بين مرض ألزهايمر ومرض الشريان التاجي إلى أن الحالتين قد تشتركان في سبب أعمق. ومن خلال تضمين الدهون في هذا التحقيق الأخير، يأمل الفريق في الحصول على صورة أكثر تفصيلا لكيفية ارتباط صحة القلب وصحة الدماغ.

وتقول أرتيكا كيربي، عالمة المعلومات الحيوية من جامعة إيست كوانتان: "هناك أدلة كبيرة من الدراسات الرصدية وغيرها تدعم وجود صلة بين هذه الحالات. ومع ذلك، فإن الآليات البيولوجية المعقدة لمرض ألزهايمر غير مفهومة بشكل جيد، وما تزال علاقته بالدهون وسمات مرض الشريان التاجي دون حل".

وتشير نتائج التحليل إلى أن بعض الجينات المشتركة تلعب دورا في مرض ألزهايمر، وسمات أمراض القلب، مثل الذبحة الصدرية والنوبات القلبية، وزيادة تركيزات الدهون في المصل، بما في ذلك الكوليسترول والدهون الثلاثية.

ومع ذلك، لا تدعم البيانات وجود رابط سببي، بمعنى أن العوامل الوراثية وراء مرض ألزهايمر تسبب أيضا أمراض القلب أو العكس. وما يظهر هو أن هذه الجينات المشتركة يمكن أن تزيد من خطر الإصابة بكلا النوعين من الأمراض. وهذا يعني أن العلماء لديهم الآن العديد من المسارات البيولوجية الجديدة التي يمكن التحقيق فيها عندما يتعلق الأمر بفهم الأسباب الجذرية لكل من مرض ألزهايمر وأمراض القلب.

وتضيف كيربي: "لقد استخدمت دراستنا نهجا وراثيا للتحقيق في العلاقات المعقدة لهذه الحالات المصاحبة، ما يوفر رؤى جديدة حول الأسس البيولوجية المشتركة لهذه الحالات".

إن فهم العلاقة بين مرض الشريان التاجي ومرض ألزهايمر له أهمية بالغة في مجال الطب، حيث يمكن أن يساعد في:

- التشخيص المبكر: يمكن أن يساعد في تشخيص مرض ألزهايمر في مرحلة مبكرة لدى المرضى الذين يعانون من مرض الشريان التاجي.

- الوقاية: يمكن أن يساعد في تطوير استراتيجيات وقائية جديدة لكلا المرضين من خلال التركيز على عوامل الخطر المشتركة.

- العلاج: يمكن أن يساعد في تطوير علاجات جديدة لكلا المرضين تستهدف الآليات المرضية المشتركة.

 

الأكثر قراءة

كيف أبعد تيمور و"المملكة" جنبلاط الأب عن بري وميقاتي!