اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

نشرت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية مقالا عن ما يدور في الشرق الاوسط منذ عملية طوفان الاقصى وكيفية تأثير الانتخابات الرئاسية الاميركية على اللاعبين الاساسيين في الشرق الاوسط. وجاء في المقال التالي:

مع اقتراب يوم الانتخابات في الولايات المتحدة الاميركية في اقل من شهرين, اصبحت الحرب التي استمرت 11 شهرا في غزة الان مرتبطة بشكل وثيق بساعة السباق الرئاسي الاميركي. تبدو فرص التوصل الى وقف اطلاق النار واتفاق رهائن قاتمة.

في الواقع, لم تكن في اي وقت مضى كما تصورها المسؤولون الاميركيون في الاشهر القليلة الماضية حيث تحدثوا عن اتفاق كان قد تم بنسبة 90% من تحقيقه. وعندما قال الرئيس جو بايدن, "نحن على وشك التوصل الى اتفاق" قبل 10 ايام, عارضه علنا رئيس الوزراء "الاسرائيلي" بنيامين نتنياهو, الذي اوضح انه لا يوجد اتفاق قيد الاعداد قائلا:" للاسف, ليس هناك اتفاق قريب."

كانت ادارة بادين ذكية عندما بادرت باجراء سلسلة من المحادثات بحس من الالحاح في اب الماضي, بعد ان ضربت "اسرائيل" بيروت وطهران, وقتلت قادة كبار في حزب الله وحماس, وتعهدت ايران وحزب الله بالرد. استغلت ايران التي تطوق لتجنب التورط في حرب اوسع , تجدد المفاوضات كذريعة للتهدئة في الوقت الحالي. وقالت طهران انها لن تقوم بأي شيء يقوضها.

ولكن من خلال جعل المحادثات الجديدة لوقف اطلاق النار كلحظة حاسمة, رفع البيت الابيض ايضا التوقعات على مستوى عال لدرجة ان الجيش الاميركي يستعد الان لتداعيات انهيار محتمل في المفاوضات. والحال ان جميع الاطراف من غزة الى "اسرائيل" الى واشنطن الى طهران يشد الى اتجاهات مختلف فضلا ان بعض الاطراف يقييمون افعالهم وكيفية تأثيرها على نتيجة الانتخابات الاميركية في تشرين الثاني-نوفمبر.

يمكن ان تتحقق الانتقامات الايرانية, على الرغم من ان طهران حريصة على عدم القيام بأي شيء من ِشأنه ان يساعد دونالد ترامب في الوصول الى البيت الابيض. وفي الوقت ذاته, كانت ردة فعل حزب الله الشهر الماضي, كما كان متوقعا, موجهة ومحدودة. وقد انخفضت وتيرة الاشتباكات على الحدود اللبنانية -"الاسرائيلية" منذ ذلك الحين حيث ان حزب الله يبدو عمليا ومنضبطا.

هذه لعبة خطيرة من "الروليت" في الشرق الاوسط في كل مرة تتجاوز فيها "اسرائيل" خطوط ايران الحمراء, من خلال ضربات مباشرة او اغتيالات ما يجعل "اسرائيل" تشعر بالقوة لتكرار هذا النهج ودفع الامور الى ابعد من ذلك. انما يوما ما, ستدفع "اسرائيل" الامور بعيدا جدا مما قد يفضي الى ما لا يحمد عقباه.

بيد ان بايدن كان يركز بشكل مفرط على كيفية التوصل الى اتفاق اطلاق للنار, املا في تحقيق نجاح في السياسة الخارجية في الشرق الاوسط قبل مغادرته منصبه. وخلال حديثه في مهرجان فايننشال تايمز -weekend يوم السبت الماضي, قال رئيس وكالة الاستخبارات المركزية بيل بيرنز ان ادارة بايدن كانت تخطط لتقديم اقتراح نهائي لكسر الجمود انما بات جليا ان هذا الامر لن يتحقق.

وعلى الرغم من ان بايدن ليس مرشحا لاعادة انتخابه غير انه لا يزال مترددا في ممارسة الضغط على نتنياهو خوفا من ان يؤثر ذلك على فرص كامالا هاريس في الفوز في الانتخابات الرئاسية. وقصارى القول ان فرصها لن تتحسن اذا اشتعلت النيران الاقليمية فجأة بسبب اغتيال قيادي "اسرائيلي" او اذا حصل مجزرة جماعية من جراء صاروخ اطلقه حزب الله.

بموازاة ذلك, دعا ترامب "اسرائيل" لانهاء الحرب, فهو يفضل ان لا يرث الفوضى في الشرق الاوسط. لكن هناك ايضا تقارير, نفى لاحقا ترامب ومكتب رئيس الوزراء "الاسرائيلي" صحتها, انه نصح نتنياهو بعدم التوصل الى صفقة لان هذا الامر سيصب في مصلحة الديمقراطيين.

في الواقع, لا يحتاج نتنياهو الى نصائح ترامب حول كيفية تقويض فرص هاريس. وفيما تستمر ادارة بايدن في تحميل حماس مسؤولية توقف المفاوضات, تلوم عائلات الرهائن "الاسرائيليين" بشكل مباشر رئيس وزرائهم بنيامين نتنياهو بافشال فرص التوصل الى عقد صفقة وتبادل الاسرى فضلا انهم اتهموه بالتلاعب بحياة احبائهم من اجل بقاءه في السلطة. والامر الذي زاد غضبهم هو بعد ان اعدمت حماس ستة رهائن قبل عشرة ايام بما في ذلك شاب اميركي-"اسرائيلي". من هنا, بات واضحا انه مع استمرار الحرب خلال اخر عام لبايدن في منصبه يسعى نتنياهو على الارجح بالاحتفاظ بهدية صفقة الرهائن لترامب في حال فوزه بالرئاسة.

في غضون ذلك, ورغم ان قوة حماس تراجعت الا انها لا تزال صامدة وتظل غير متساهلة مع شروط يفرضها نتنياهو كما انها تامل بان تنخرط ايران وحزب الله ايضا في الصراع بشكل كامل وبالتالي تضرم النار في المنطقة برمتها.

في نهاية المطاف, الجميع يشتري الوقت. لكن ما يعنيه ذلك حقا هو ان الجميع يراهنون على انهم يمكنهم التحكم في النتيجة. شهرين ليسوا شيئا في سباق الرئاسة الاميركي لكن هذين الشهرين يشكلان الفرق بين الحياة والموت للمدنيين في غزة وفي جنوب لبنان وللرهائن "الاسرائيليين" الباقين.






الأكثر قراءة

أيّ صفقة أيّ فضيحة تنتظرنا؟