اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


مع كل أزمة تمر بها البلاد، يظهر دائما من يحاول استغلال الأوضاع لتحقيق مكاسب غير مشروعة. حيث يستغل التجار حاجة الناس ويرفعون الأسعار، سواء في المواد الغذائية أو الأساسية، وحتى المواد الأولية كالأثاث والفرش، دون مراعاة للأوضاع الصعبة التي يعيشها المواطنون والنازحون على حد سواء. ومع تزايد النزوح من مناطق الصراع إلى المناطق الآمنة، أصبح ارتفاع أسعار الإيجارات عبئا يؤرق العائلات النازحة، التي تجد نفسها مرغمة على دفع مبالغ طائلة للحصول على سكن او المستلزمات الضرورية، بينما تقف الدولة عاجزة عن اتخاذ أي إجراءات حقيقية لحمايتهم.

ولا يقتصر هذا الاستغلال على النازحين فقط، بل يشمل جميع المواطنين، اذ تؤدي مضاعفة الأسعار بشكل عام إلى ضغوط إضافية على الاسر التي لا تزال تعيش في أماكن إقامتها. فبدلاً من وجود خطة طوارئ حقيقية تساعد الناس على مواجهة هذه الأزمات، نجد أنفسنا أمام واقع مرير، حيث يُترك المواطنون ليواجهوا الجشع والاستغلال في ظل غياب الرقابة والتدخلات الحكومية اللازمة.

في سياق متصل، كتب عضو "اللقاء الديموقراطي" النائب بلال عبد الله على منصة "إكس": "إخبار إلى الاجهزة القضائية والأمنية: كل مصنع أو تاجر لفرش الاسفنج، يستغل أزمة الناس وإرباك خلايا الأزمة في كل مناطق إيواء أهلنا النازحين، يجب أن يزج في السجن. الفرشة من 8 دولارات الى 25 دولارا. في زمن الحرب، جريمة يجب معاقبة المرتكبين. للأسف".

من ناحية أخرى، تسهم وسائل التواصل الاجتماعي في الترويج لهذه المحنة، حيث تعرض المنتجات والاسعار المرتفعة بشكل متكرر دون رقابة، مما يزيد من انتشار الظاهرة. في الوقت نفسه، رصدت "الديار" بعض المؤسسات التجارية التي تطرح حسومات على أنواع من الفرش والاغطية بعدما بات لديها فائض منها او أصبحت قديمة، في محاولة منها للتخلص من البضائع الراكدة".

استثمار الأزمة... "عيب"

تواجه مجموعة واسعة من العائلات النازحة عقبة جديدة تزيد من معاناتهم، مثل استغلال التجار لوضعهم الصعب، بخاصة في ما يتعلق بشراء الضروريات الأساسية مثل الفرش والأغطية. فقد ارتفعت أسعار هذه المنتجات إلى ثلاثة أضعاف، وفي بعض الحالات، وصلت الزيادة إلى خمسة أضعاف السعر الأصلي، مما يضع النازحين في مأزق كبير مع محدودية مواردهم".

ولتقصي حقيقة العروضات على "تيك توك"، اتصلت "الديار" بصاحب محل يروج لبضائعه على المنصة المذكورة ويدعي انه كُرمى عيون النازحين تبيع الوسادة بـ 2.5 دولار فقط، لكن اتضح انه يجب على الشخص شراء 5 وسادات للحصول على هذا السعر".

استغلال بلا رحمة

في سياق متصل، يروى النازح من الجنوب، "أبو حسن"، لـ "الديار" حجم الاستغلال الذي تعرض له عند محاولته تأمين فرش لعائلته بعد انتقاله إلى إحدى القرى الشمالية. يقول: "كنا بحاجة ماسة إلى فراش لننام عليه، ولكن عندما ذهبت لشراء فرش، تفاجأت بأن السعر الذي كان سابقا 10 دولارات، أصبح 30 دولارا. يستغل التجار حاجتنا ويزيدون الأسعار بلا رحمة، ونحن بالكاد نعيش على القليل من المدخرات. لا أدري إلى متى سنتمكن من الصمود في ظل هذه الظروف الخانقة".

في موقف مشابه، تقول "أم علي" لـ "الديار": "كنت أبحث عن حرامات لتغطية أطفالي، ولكن الأسعار كانت "نار"، بحيث تضاعف سعر الحرام 3 مرات، وفي بعض المحلات وصل إلى 5 أضعاف. ورغم أننا لا نستطيع تحمل هذه الأسعار، لكننا مضطرون الى الشراء، فنحن لا نملك خيارا آخر".

وتضيف بغضب، "أصبحت الأسواق في المناطق الأكثر أمانا مسرحا للتلاعب بالأسعار، حيث يقوم بعض التجار بتبديل التسعيرة ومضاعفتها، مستغلين غياب الرقابة الكافية، لمعرفتهم بأن النازحين مجبرون على الشراء مهما كانت الأثمان".

أبعاد الأزمة... عائلات محاصرة بالجشع

هذه القصص ليست سوى غيض من فيض لمعاناة عشرات الآلاف من العائلات النازحة، التي وجدت نفسها محاصرة بين مطرقة النزوح وسندان الأسعار الباهظة. يواصل التجار في ظل غياب الرقابة الفعّالة من الدولة، التلاعب بأسعار المنتجات الأساسية دون رادع، مما يضاعف من أوجاع النازحين، ويجعلهم يشعرون بالعجز أمام هذا الطمع.

كما تسهم وسائل التواصل الاجتماعي بدورها في تفاقم المشكلة، حيث تروج العديد من الصفحات للبضائع بأسعار مرتفعة، ما يعكس غياب المسؤولية والتكاتف المجتمعي في زمن الأزمات. في المقابل، حاولت بعض المؤسسات التجارية تقديم حسومات على أنواع من الفرش والأغطية الفائضة لديها التي أصبحت قديمة، مما جعلها لا تتمشى مع موضة السوق الرائجة حاليا".

في ظل استمرار غياب الحلول الفعّالة والرقابة، تبقى الأزمة مفتوحة على مزيد من الاستغلال، مما يزيد من أعباء العائلات التي وجدت نفسها مجبرة على مواجهة جشع لا يرحم، بينما تظل الدولة متفرجة على ما يحدث دون أن تتدخل لوقف هذه الممارسات غير المشروعة".

خطة الطوارئ الحكومية "بلا فائدة"!

من جانبه، يكشف خليل أحد العاملين في منظمات الإغاثة لـ "الديار" ان "النازحين يشتكون من الظروف القاسية، ومع الأسف، لا يزال هناك غياب لأي حل ملموس يردع التجار أو يحمي هؤلاء. اذ لم تعد تقتصر الأزمة على النزوح والهروب من الحرب، بل زادت معاناتهم بسبب الاستغلال التجاري، مما ضاعف من حدة الأزمات النفسية لديهم".

ويشير الى انه "رغم كل الوعود بتحسين الأوضاع، تبقى التدخلات الحكومية خجولة وعاجزة عن الحد من احتكار التجار. لذلك، يشعر المواطنون بالخذلان بسبب غياب الرقابة الفعّالة، ومع تدهور الأوضاع الاقتصادية وتصاعد أعداد النازحين، يبدو أن هذه الأزمة مستمرة. ومن هنا يجب تفعيل دور الرقابة وتوزيع مواد الإغاثة بأسعار مدعومة، مع فرض عقوبات صارمة على التجار الذين يتلاعبون بالأسعار. كذلك، لا بد من رفع مستوى الوعي حول ضرورة التبرع بالمواد الأساسية لتخفيف الضغط عن العائلات التي تعاني من هذا الاستغلال".

ويختم "النزوح القسري هو من أقسى التجارب التي قد يمر بها الإنسان، ولكن الاستغلال التجاري يزيد من وجع الافراد الذين يبحثون فقط عن الأمان والكرامة".

التضامن الإنساني واجب!

من جهتها، تؤكد مصادر سياسية مطلعة لـ "الديار" أن تلبية احتياجات النازحين الأساسية هي مسؤولية إنسانية تقع على عاتق الحكومة والمنظمات الإنسانية والمجتمع الدولي. لذلك، يجب على الجهات المختصة توفير المأوى الآمن، وتأمين الغذاء والماء النظيف باعتباره أولوية قصوى، مع ضرورة توزيع الملابس المناسبة مع تغير الفصول، بالإضافة إلى الحرامات والفرش لنوم مريح. ولا ينبغي أن نغفل الجانب النفسي، إذ يعد الدعم النفسي للنازحين ضرورة للتعامل مع آثار الصدمة والخسارة التي تعرضوا لها".

وتضيف، "من المفترض ان تتولى منظمات الإغاثة بالتعاون مع السلطات المحلية مسؤولية تقديم مقتضيات النظافة الشخصية، وكفالة بنى تحتية ملائمة للصرف الصحي، للحد من تفشي الأمراض وحماية صحة النازحين".

كيف يمكن دعم العائلات غير الميسورة؟ تجيب المصادر "على حكومة تصريف الاعمال تأمين الرعاية والدعم للعائلات غير الميسورة عبر برامج دعم موجهة. وقد خصص وزير الشؤون الاجتماعية في حكومة تصريف الأعمال هكتور حجار مليون دولار للنازحين من الأقضية الـ 7 في الجنوب بهبة صينية عبارة عن مساهمة لحوالى 10 آلاف عائلة. وقد أعلن وزير الشؤون ان" 3 ملايين دولار ستوزّع نقداً على العائلات الأكثر فقراً وضمن قدراتنا نعمل مع خلية الأزمة والمنظمات الدولية للاستجابة لمساعدات النازحين".

وختمت المصادر "في ظل هذه الأزمات الخانقة، تبقى المسؤولية مشتركة بين الجميع لضمان حصول النازحين على احتياجاتهم الأساسية ومنع استغلالهم من قبل تجار الأزمات، لتخفيف معاناتهم والحد من تفاقم أوجاعهم اليومية".

الأكثر قراءة

غارة وحشية للعدو على مقر قيادة حزب الله: غموض حول مصير السيد حسن نصرالله خسئت "اسرائيل" بكسر عزيمة الشعب المقاوم