ما من ساذج الا ويدرك كيف يمكن أن يؤول اليه ذاك التقاطع الدموي بين الجنون الأميركي بثقافة هيروشيما، والجنون "الاسرائيلي" بثقافة التوراة. على اللبنانيين، وعلى العرب، وعلى الايرانيين والأتراك، الاختيار بين الطريق الى أورشليم والطريق الى جهنم. في كلتا الحالتين أن ندفن ونحن أحياء. غزة بأهوالها اليومية مثالاً. لا تراجيديا في التاريخ وصلت الى هذا الحد من الهمجية. لنضع الأزهار على قبر هولاكو، وعلى قبر الفوهرر، وحتى على قبر فرانكو الذي بعدما قتل غارسيا لوركا، جثا باكياً أمام تمثال للسيدة العذراء.
لا تتصوروا أن الأميركيين، بشخصية الكاوبوي الذي لا ينظر الى الدول الأخرى سوى كونها حانات خشبية، و"الاسرائيليين" بشخصية "الحاخام" الذي يمتطي ظهر "الملائكة المدمرة"، يفرقون بين لبناني ولبناني، وبين فلسطيني وفلسطيني، وبين عربي وعربي. رفاييل ايتان رأى في لحظة التجلي التوراتي، أن العربي الجيد هو العربي الميت. بعد الفلسطينيين مَن، وبعد الشيعة مَن؟ لا مشكلة. العرب يبنون قصورهم الباذخة داخل المقبرة. ترى مَن يستطيع أن يرفع رأسه في وجه نتنياهو؟؟
وسط هذا الضجيج الديبلوماسي والعسكري، لا بد من الصراحة بل واقصى حالات الصراحة، في التساؤل حول ما يشغل الأكثرية الشيعية في هذه الأيام، وهم يجدون أنفسهم داخل الحلبة، حتى أن الأحزاب "الوطنية" واليسارية، تبدو كما لو أنها في غيبوبة قاتلة، دون أن تتجرأ على تشكيل جبهة لمواجهة الأخطار المحدقة بالبلاد من كل حدب وصوب. يومياً حديث عن السيناريوات السوداء التي تنتظر الشيعة. بين الترحيل الى الصومال أو الى العراق، أو بالابادة تحت أنقاض بيوتهم، بعدما بدا الحصار واضحاً ان في الجنوب أو في البقاع أو في الضاحية، وكلها مناطق لا بد أن تكون مخترقة، ان بالخلايا الارهابية أو بالاجهزة الاستخباراتية.
من هنا، رهان الشيعة على أن ينتقل الايرانيون، وكتبنا ذلك مرات ومرات، من ديبلوماسية حائكي السجاد، حيث ترك للأشباح أن تتسلل عبر شقوق الجدران، الى ديبلوماسة بائعي السجاد. بعدما بات جلياً أن الجمهورية الاسلامية من دون أي ظهير استراتيجي، وقد حكي الكثير، وتغنى الكثيرون، بالتعاون الاستراتيجي مع كل من روسيا والصين، كما لو أن التجارب السابقة منذ حرب 1967، لم تثبت ألا أحد هناك سوى أميركا في المنطقة، وحتى في العالم.
دونالد ترامب قال ان الغارات الأميركية أزالت المنشآت النووية من الوجود. لعلنا نتساءل عن الجدوى من هذا البرنامج الذي يثير حوله كل ذلك الضجيج، والى حد الانفجار العسكري، اذا لم يكن يرمي الى صناعة القنبلة. المشكلة ليست هنا، وانما في الحديث الايراني عن ارتفاع نسب التخصيب من 20 % الى 60 %، دون الحاجة الى أكثر من أسابيع للانتقال الى نسبة 90 %. هذه مسالة عجيبة فعلاً. هل لاحظتم في أي يوم كلام "اسرائيل" عن برنامجها النووي، كذلك الصين، كذلك الهند، وكذلك باكستان؟
البرنامج النووي في نظرنا، وما دامت هناك فتوى بتحريم العبور الى العتبة النووية، بات عبئاً على الدولة وعلى النظام في ايران بعد استخدامه، ان من قبل صقور واشنطن، أو من قبل صقور "تل أبيب"، ذريعة لاحكام الحصار حول ايران، وهي التي باتت بحاجة ماسة الى فك ذلك الحصار، بعدما أظهرت الحرب الأخيرة مدى الخروقات ان في البنية العسكرية أو في البنية الأمنية للبلاد.
بالتأكيد نحن أمام واقع مرير، بل وواقع فجائعي، وينذر بأخطار هائلة. وقد لاحظنا من خلال التعليقات أو مواقع التواصل، أن هناك جهات عربية مسؤولة ترى في شيعة لبنان عالة على البلد وعلى المنطقة. لا قضية أمام العالم وأمام العالم العربي سوى نزع سلاح حزب الله، دون النظر الى الأرمادا "الاسرائيلية" بذلك الشبق المروع الى الدم. لا كلمة رثاء لغزة التي مثلما هي تراجيديا القرن فضيحة القرن.
ما يتردد، حتى في محافل سياسية لبنانية وعربية، أن ما يحدث في غزة حيث الترحيل الحتمي لمن تبقى من الفلسطينيين، ما ينتظر الشيعة في لبنان، هل يمكن معرفة القوى الداخلية والاقليمية، التي تشحذ أسنانها للحظة الكبرى؟ الشيعة في لبنان يناشدون القيادة الايرانية ليس فقط عقد المفاوضات مع أميركا، وانما عقد الاتفاق مع أميركا، ما دام البديل هو الجحيم فعلاً اذا أخذنا بالاعتبار كيف يضيق الحصار على حزب الله يوماً بعد يوم. الشيعة يلاحظون ما يفعل "الاسرائيليون" في سوريا، وحيث السلطة الصديقة. كيف الحال بلبنان ؟ وهل الخوف من "الاسرائيلين" فقط؟ البلاد مشرعة على كل أنواع القوى الطائفية وغير الطائفية...
شخصية فكرية سورية قالت لنا ان السوريين الذين عرفوا كل أشكال المعاناة، سواء ابان الحرب أو نتيجة للحرب، جاهزون سيكولوجياً وحتى سياسياً، لعقد معاهدة سلام مع "اسرائيل". ماذا عن اللبنانيين في هذه الحال؟ كل المسؤولين أكدوا ألاّ تطبيع في الوقت الحاضر (في الوقت الحاضر فقط). ولكن بأي أوراق يمسك هؤلاء، اذا أصر الأميركيون على ذلك، وهم الذين يعتبرون أن اللبنانيين ينبغي أن يكونوا الى جانب السوريين في الذهاب الى حفل التوقيع؟
انها الصرخة الشيعية في لبنان، وقد تركوا لوحدهم أثناء الحرب، فهل يتركون لوحدهم حين يكونون أمام هذا الخيار الأبوكاليبتي : اما جهنم أو... جهنم؟!
يتم قراءة الآن
-
مفاوضات بين أميركا وحزب الله؟
-
رفع مُستوى الجهوزيّة الأمنيّة خوفاً من الفوضى السوريّة «عوكر» تبلّغ بعبدا جدولاً زمنياً لا يتعدّى نهاية العام مناقشات صريحة للنواب في جلسة مساءلة الحكومة اليوم
-
تصعيد في الجنوب: هل تكون السويداء أولى «فواتير» باكو؟
-
القلق يعمّ الجبل بعد مداهمات بتبيات... والأوضاع في السويداء حملات تحريضيّة ضدّ السوريين... وبيان الجيش "نفّس" الاحتقان
الأكثر قراءة
عاجل 24/7
-
22:59
تحليق للطيران المسيّر الإسرائيلي على علو منخفض في محيط السلسلتين الشرقية والغربية فوق بريتال الطيبة دورس مجدلون حزين طليا الخضر سرعين النبي شيت وشمسطار
-
22:34
زحمة سير خانقة على الأوتوستراد الساحلي من أنطلياس الى نهر الموت نتيجة اصطدام سيارة بالفاصل الوسطي على اوتوستراد الزلقا المسلك الغربي ودراج من مفرزة سير الجديدة يعمل على المعالجة
-
21:59
المتحدث العسكري للحوثيين: 3 طائرات مسيّرة استهدفت موقعا عسكريا إسرائيليا مهما في النقب وميناء أم الرشراش
-
21:43
مصدر أميركي: إسرائيل تعد واشنطن بوقف هجماتها على قوات الجيش السوري اعتبارًا من مساء اليوم
-
21:40
مصدر أميركي: واشنطن تطلب من إسرائيل وقف هجماتها ضد الجيش السوري في جنوب سوريا
-
21:28
أ ف ب: القضاء الفرنسي يطلب تحديد مكان وجود بشار الأسد في إطار تحقيق حول مقتل صحافيين في سوريا عام 2012
