اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

في ظل الحروب، يبقى البقاء على قيد الحياة وحماية العائلة من الأولويات القصوى. ومع اشتداد الاشتباكات والمواجهات القتالية، أصبحت أوامر الإخلاء جزءا من الحياة اليومية في لبنان. فماذا يجب فعله عندما يوجه العدو تحذيرا بالمغادرة؟ وكيف يمكن للعائلات الاستعداد لتفادي الأخطار المتزايدة بفعالية؟

تجدر الإشارة الى ان سكان بعض المناطق اللبنانية، لا سيما المحاذية للشريط الحدودي والضاحية الجنوبية والبقاع، يتلقون تحذيرات مباشرة من جيش العدو تطالبهم بترك منازلهم فورا، تمهيدا لعمليات قصف محتملة. هذه التنبيهات التي تأتي بالتزامن مع التصعيد العسكري، تشكل تحديا حقيقيا للمواطنين، حيث يسود الهلع في أغلب الأحيان، مما قد يؤدي إلى اتخاذ قرارات عشوائية وغير مدروسة. فما الذي يجب على السكان فعله لكفالة سلامتهم؟

في هذا المجال، يشير خبير عسكري لـ "الديار" الى ان "هذه الإشعارات ليست الأولى، وقد لا تكون الأخيرة، بل من المتوقع أن تتزايد وتيرتها وتتسع رقعتها، بحسب الأهداف الاستراتيجية المقبلة للعدو".

التحضير المسبق ضروري

يؤكد أحد المسؤولين السابقين في الدفاع المدني اللبناني لـ "الديار" أن "التحضير النفسي والمادي للإخلاء، يجب أن يبدأ قبل استقبال أي اشعار. لذلك، المطلوب من العائلات التي تعيش في المناطق المعرضة للخطر، أن تتخذ تدابير مسبقة لضمان جاهزيتها التامة. كما يجب أن يكون كل فرد من أفراد العائلة على دراية بدوره خلال عملية الإخلاء وأماكن التجمع المتفق عليها قبل وقت".

وينصح "بتجهيز حقيبة طوارئ تحوي العناصر الأساسية التي تضمن البقاء لعدة أيام في ظروف غير مستقرة او مأمونة، وينبغي أن تشمل أدوات الإسعافات الأولية، عقاقير خاصة بالأفراد ذوي الاحتياجات الطبية، مواد غذائية مثل المعلبات التي تدوم لفترات طويلة، مياه شرب معبأة، وحليب للأطفال إن وجد". ويشدد على لزوم أن تكون "الحقائب في متناول الأيدي وجاهزة للحمل في أي لحظة، حيث لا يمكن التنبؤ بالأحداث، وقد يتم الإنذار فجأة دون أي تحذير مسبق".

أمور أساسية!

ويشير إلى أنه "في الظروف الحرجة، من الضروري أن تحتفظ كل عائلة بأوراقها الثبوتية في مكان آمن وسهل الوصول إليه. ويفترض أن تكون جوازات السفر، الهويات، مستندات الملكية، وأي وثائق رسمية أخرى جاهزة للحمل عند ترك المنزل. بالإضافة إلى ذلك، يجب وضع الأشياء الثمينة مثل المصاغ والأموال النقدية في حقيبة صغيرة مغلقة بشكل جيد، لضمان عدم خسارتها في خضم الفوضى والتوتر".

خطوات تنفيذ عملية المغادرة بأمان

ويوصي المسؤول السابق في الدفاع المدني "المواطنين الذين هم في دائرة الخطر بالقيام بما يأتي: "عند استلام تنبيه بالإخلاء، يجب اخذه على محمل الجد والتحرك فورا ولكن بهدوء، واستخدام السلالم بدلًا من المصاعد التي قد تتعطل أو تتعرض لأضرار. كما يجب النزول بشكل منظم مع الابتعاد عن التدافع لتفادي الإصابات. كما ينبغي الانسحاب من المبنى المستهدف بمسافة لا تقل عن 500 متر، والانتقال إلى نقطة آمنة محددة سابقا، يمكن أن تكون اماكن معروفة يسهل الوصول إليها لجميع أفراد العائلة. أيضا من المهم التأكد من عدم ترك أي فرد خلفهم، خاصةً الأطفال الذين قد يشعرون بالخوف ويحاولون الاختباء".

استراتيجيات محكمة!

ويشدد على "أهمية وضع خطط احتياطية لكل عائلة تقطن في مربعات معرضة للخطر، مثل عقد اجتماعات مسبقة لمناقشة الخطوات الواجب اتباعها عند الإخلاء، واختيار شخص مسؤول يتولى التأكد من خروج الجميع من المنزل، وتحديد مكان للالتقاء في حال الاضطرار الى المغادرة بشكل عاجل". ويضيف ان "التوافق بين أفراد العائلة يساعد في تجنب الاضطرابات والمخاوف، التي قد تنجم عن الضغوط النفسية. في بعض الحالات، قد يختبئ الأطفال في أماكن غير آمنة مثل خزائن الملابس بسبب هلعهم، وقد لا ينتبه اليهم الأهل في خضم التهيئة للخروج".

آلية الإخلاء

في ظل التهديدات العسكرية المتكررة، يوضح المسؤول في الدفاع المدني ان "عمليات الإخلاء أثناء المعارك تختلف عن تلك الناجمة عن حالات طارئة أخرى، كالكوارث الطبيعية او الحرائق، لان التهيأة المسبقة هي ما تميز اساليب الخروج خلال الحرب، حيث يكون هناك وقت نسبي للتحضير، ويجب الاستفادة من هذه المدة لضمان سلامة العائلة بأكملها".

ويختم "في هذه الأيام الصعبة والخطرة، تبقى الأهمية العظمى هي الحفاظ على الأرواح. التنظيم الجيد والتعاون بين أفراد العائلة، يمكن أن يشكل الفارق بين الخلل والسلامة. صحيح ان الاخلاء قد لا يكون ميسّرا وبسيطا، لكن بالإجراءات المناسبة يمكن تقليل المخاطر وتأمين خروج الجميع بسلام".

هل أصبح القانون الدولي بلا فائدة؟

من جهته، يقول أستاذ جامعي متخصص في القانون الدولي لـ "الديار" إن "القانون الدولي الإنساني ينص بوضوح على أنه لا يحق لأي دولة قصف المدنيين، حتى وإن أُعطوا إنذارا مسبقا بالإخلاء". ويشير إلى "أن اتفاقيات جنيف لعام 1949 والبروتوكول الإضافي الأول لعام 1977 ، تحظر بشكل صارم استهداف المدنيين في النزاعات المسلحة. كما يجب أن يتمتع المدنيون بالحماية من الهجمات المباشرة، حتى في حال المزاعم بوجود أسلحة أو معدات عسكرية مخبأة بينهم. لذلك، المفترض أن تكون الهجمات متناسبة، مما يعني أنه يجب الموازنة بين المكاسب العسكرية المتوقعة، والأضرار الجانبية المحتملة التي قد تلحق بالمدنيين. إذا كانت الخسائر الجانبية المتوقعة تفوق المكاسب العسكرية، فإن الهجوم يُعتبر غير قانوني".

ويؤكد أن "التحذير بالإخلاء لا يعفي الدولة من مسؤولياتها بموجب القانون الدولي. فالإنذار لا يُبرر مهاجمة مناطق مدنية إذا كان المدنيون لا يزالون موجودين، أو إذا كانت الهجمات غير متكافئة. من هنا تتطلب الالتزامات الإنسانية اتخاذ كل التدابير الممكنة، لتجنب أو تقليل الأضرار المدنية".

ويلفت إلى أن "ردع الدول التي تلجأ إلى تهديدات بقصف المدنيين أو استهدافهم، يتطلب اتباع عدة خطوات على المستوى الدولي والقانوني والديبلوماسي. اذ ان السبب وراء لجوء بعض الدول لهذه التهديدات، غالبا ما يعود إلى رغبتها في تحقيق أهداف عسكرية بسرعة، باستخدام القوة المفرطة لإخضاع خصومها أو تدمير البنية التحتية التي تعتبرها حيوية".

لماذا تستخدم "إسرائيل" هذا النوع من التهديدات؟

يجيب الاستاذ اجامعي "ترى هذه الدولة المعتدية أن قصف المدنيين أو تهديدهم بالإخلاء يسرع في تحقيق أهدافها العسكرية، بخاصة إذا كان الطرف الآخر، اي المقاومة الإسلامية يعتبر خصما قويا"، مؤكدا أن "هذا النوع من الضغوط يهدف إلى إرهاب السكان المحليين ودفعهم الى الهروب، مما يقلل من دعمهم للقوى المعارضة أو يزيد من الضغط على بيئة حزب الله أولا ومن ثم الحكومة، بما انه لا يوجد رئيس للجمهورية".

ويختم بالقول: "مثل هذه الأعمال غالبا ما تكون سلاحا ذا حدين، حيث تؤدي إلى تزايد الإدانات الدولية، وتضر بسمعة الدول، وتعرّضها لعقوبات ومحاكمات دولية".

الأكثر قراءة

التوغل البري يتحول الى كابوس: قوات النخبة في «مصيدة» المقاومة الحلول الداخلية تصطدم بالفيتو الاميركي... هوكشتاين «مش عالسمع» اسرائيل تنتقم بتوسيع نطاق التدمير... حزب الله لن يرفع «الراية البيضاء»