اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

مع تصاعد الصراع بين حزب الله و "إسرائيل"، تتكشف صور موجعة تعكس دماراً شاملاً لا يميز بين البشر والحجر. تعمل آلة الحرب كوحش ضارٍ، تقضي بلا رحمة على الأرواح، مما يتركنا في حيرة من امرنا ويجعلنا نتساءل: أين المجتمع الدولي من هذا الدمار المتواصل، الذي أصبح علامة بارزة في تاريخ الإنسانية المظلم؟

في ظل تصاعد أصوات القذائف والانفجارات، تتوالى فصول مأساة إنسانية مروعة في لبنان وغزة، حيث تُحصد أرواح عشرات الآلاف من الأبرياء، أطفالاً وكباراً، مدنيين وعائلات بأكملها. تجسد هذه المآسي الخسائر الفادحة التي لا يمكن احتسابها بالأرقام فحسب، بل هي صرخات مدوية تدق ناقوس الخطر للضمير العالمي الغارق في صمته، تجاه المجازر الشنعاء التي ترتكب ضد الإنسانية.

كيف يمكن للعالم ان يشاهد هذا الفزع، وقلوب افراده تتقطع على وقع الفقد والالم، دون ان يتحرك لوقف هذا النزيف المستمر من الدماء؟ ان التهاون مع معاناة شعبي البريء هو خيانة نكراء لقيم الإنسانية التي ندّعي تمسكنا بها. من الواجب علينا ان نرفع اصواتنا في وجه الظلم، ونعمل على انهاء هذا القصف الوحشي الذي لا يعرف تمييزا بين رضيع وكهل، فكل قذيفة تسقط تحمل معها احلاما وذكريات عائلات بأكملها.

الإجرام يتصاعد والأفواه مكممة!

في ضوء الأرقام المحدثة من ضحايا الحرب، كشف وزير الصحة فراس الأبيض في الساعات الأخيرة عن أن عدد الشهداء قد بلغ 2011 شهيداً و9500 جريح، وسقط 11 شهيداً من المسعفين، مما يعكس المستوى اللاأخلاقي للكيان الصهيوني والصمت العالمي تجاه ما يحدث. ويدين مصدر في وزارة الصحة العدوان الإسرائيلي على لبنان الذي لم يقتصر على البشر والحجر، بل شمل المستشفيات، بما في ذلك تلك التي تعتبر محظورة دولياً على الاستهداف. ويؤكد المصدر لـ "الديار" ان "ثلاثة مستشفيات حكومية في جنوب لبنان خرجت عن الخدمة بالكامل، بينما توقفت مستشفيان آخران بشكل جزئي، نتيجة للأضرار الكبيرة التي لحقت بالمعدات الطبية والأقسام الرئيسية بسبب الاعتداءات الإسرائيلية. وقد ارتقى في مستشفى مرجعيون الحكومي مسعفان وجرح آخرون نتيجة قصف استهدف مدخله الرئيسي، مما دفع إدارته إلى اتخاذ قرار بالإخلاء. كما توقفت مستشفيات ميس الجبل وبنت جبيل الحكوميتان عن العمل بسبب الحصار والافتقار إلى الإمدادات الطبية والتمريضية، إضافة إلى النقص الحاد في الكهرباء والمازوت، بينما أقفلت مستشفى صلاح غندور أبوابها تماما".

ويختم المصدر مشيرا الى انه "مع توقف المستشفيات في الجنوب، اصبحت مستشفى تبنين تتحمل العبء الأكبر، رغم أنها لم تسلم من القصف الإسرائيلي. وفي البقاع، تعرضت مستشفيات مثل المرتضى في بعلبك ومركز سانت تيريز في الحدت لأضرار كبيرة جراء القصف، مما اضطرها إلى التوقف المؤقت عن العمل. يعكس هذا التصعيد الخطر تغيراً في استراتيجية الحرب، حيث صارت المستشفيات هدفاً مباشراً للعدو الصهيوني".

المجتمع الدولي "اخرس"

في خضم هذا الواقع الأليم، يُعتبر غياب صوت المجتمع الدولي عن هذه الأزمات  كصمت مريب ومؤلم. فبينما تتواصل العمليات العسكرية، تُزهق أرواح البشر، وتعاني الحيوانات من مصير مشابه، حيث تقوقعت في صمت إزاء آلة الحرب التي تفتك بها.

المأساة المزدوجة... ضحايا بلا صوت

تعاني الحيوانات في لبنان من مضاعفات الحرب، حيث تُفقد منازلها وتُهدم أماكن عيشها، بينما تواجه خطر القصف وندرة الغذاء. كما يشير خبير في سلوك الحيوانات لـ "الديار" إلى أن "الحيوانات تشعر بالخوف والارتباك، فهي لا تعرف كيف تحتمي من الصواريخ والقذائف. المعاناة التي تواجهها لا تقل عن تلك التي يعانيها البشر، بل قد تكون أكثر شدة نظراً لعدم قدرتها على التعبير عن آلامها".

ويختم بالقول: "بيّنت الدراسات العلمية أن الحرب تؤثر بشكل كبير في سلوك هذه المخلوقات، حيث تظهر الكائنات الحية الناجية علامات قلق وخوف مستمر. تسلط هذه الأبحاث الضوء على الأثر النفسي الذي تعاني منه الحيوانات خلال الحروب".

في خضم الصراع الدائر بين حزب الله و "إسرائيل"، تتعرض مناطق عديدة في لبنان لدمار شامل نتيجة القصف العنيف والغارات الجوية المتواصلة. ولا تكتفي آلة الحرب هذه بحصد أرواح المدنيين وتدمير المنازل والبنية التحتية، بل تمتد لتستهدف كل ما هو حي، بما في ذلك الحيوانات. هذه الكائنات التي تعيش وسط أجواء الحرب، لا تملك صوتاً يُسمع في ظل الضجيج العنيف للقنابل والصواريخ، لتبقى معاناتها طي النسيان وسط انشغال العالم بما يُعتبره "أولويات" الصراع.

كدّ لا يُرى ولا يُسمع!

من جهتها، توضح الناشطة في مجال حماية حقوق الحيوان السيدة غارينيه لـ "الديار" أنه "عند النظر إلى الصورة القاسية التي التقطت وسط أنقاض الضاحية للقط المهجور، يصبح جلياً أن الحرب لا تميز بين بشر وحيوان. وتلفت الى ان "الاوساخ والجروح كانت تكسوه، وهذا المنظر يمثل جزءاً من صورة أكبر لآلاف الحيوانات التي تُعاني في ظل هذه الابادة. بينما يلتفت العالم إلى الكوارث البشرية، يبدو أن هناك نقصاً في الاهتمام بحماية هذه الأرواح التي تُزهق بلا ذنب".

وتتابع "تطرح تساؤلات مشروعة حول دور المجتمع الدولي في حماية الحيوانات خلال الحروب. ففي الوقت الذي تنشط فيه العديد من المنظمات الحقوقية للدفاع عن المدنيين وتقديم المساعدات الإنسانية، يظل الدعم للحيوانات غائباً أو محدوداً. كيف يمكن للمجتمع الدولي أن يبقى صامتاً حيال مشقة هذه الكائنات؟ ألا تستحق الحيوانات أيضاً ممرات إنسانية آمنة لتتمكن من النجاة؟ إن السكوت المستمر عن هذه الكارثة البيئية والإنسانية يزيد من تفاقم الوضع".

وتؤكد أن "المنظمات المحلية المعنية بإنقاذ الحيوانات تواجه تحديات كبرى في لبنان عموما والمربعات المستهدفة خصوصا، منها خطر الغارات الجوية المستمرة وصعوبة الوصول إلى مناطق معينة. ورغم هذه التحديات، تظهر مبادرات فردية وجماعية تبذل جهودا جبارة في إنقاذ الحيوانات المصابة أو المشردة. يعمل بعض المتطوعين، من أطباء بيطريين وناشطين بيئيين، تحت ظروف بالغة الخطورة لتقديم الرعاية للحيوانات، وتستحق هذه الجهود الدعم والاعتراف الدولي".

ما هي الحلول الممكنة وكيف نساعد الحيوانات في ظل الحرب؟

تجيب غارينيه، "إحدى الطرق الأساسية لدعم هذه الحيوانات هي زيادة الوعي الدولي حول ألمها وتوجيه الضغوط على المجتمع الدولي لتوفير ممرات آمنة، تماماً كما يتم تنظيمها للبشر. يمكن أن تؤدي التكنولوجيا دوراً مهماً من خلال إنشاء منصات تتيح للأفراد التبرع للمبادرات التي تعمل على إنقاذ الحيوانات في المناطق المتضررة. ينبغي أيضاً تفعيل الدور الرقابي لمنظمات حقوق الحيوان للتأكد من عدم ترك هذه الكائنات لمصيرها في ظل استمرار القصف".

التوازن البيئي والمستقبل المظلم

وتشدد على أن "الموت والتشريد المستمر للحيوانات خلال الحرب لا يؤثر فقط في الحيوان نفسه، بل يمتد أثره إلى التوازن البيئي. اذ قد يؤدي اختفاء بعض الكائنات الحية إلى اضطرابات كبيرة في النظام البيئي المحلي، مما يجعل إعادة بناء المجتمع بعد الحرب أكثر صعوبة. ولذلك، يجب أخذ هذه الآثار بعين الاعتبار عند التخطيط للجهود الإنسانية في المستقبل".

المسؤولية الجماعية

وتختم، "لا ينبغي أن ينحصر دور حماية الحيوان في المنظمات المحلية فقط، بل يجب أن يصبح جزءاً من الوعي الجماعي. الحكايات التي تبرز جهود الإنقاذ خلال الحرب تُظهر الجانب الإنساني حتى في أصعب الظروف، وهي تجارب تحتاج أن تُروى للعالم لتفعيل دور أكبر لحماية الأرواح، سواء كانت بشرية أو حيوانية".

في النهاية، تبقى مسؤولية المجتمع الدولي والأفراد على السواء في توفير الملاذ الآمن للحيوانات ومساعدتها على النجاة من الصراع. إن تعزيز الوعي بأهمية الحفاظ على أرواح هذه المخلوقات وإبراز قصص النجاح الإنسانية في هذا المجال قد يشكل بداية لنهج أكثر شمولاً لمواجهة هذه التحديات الإنسانية".

شهادات مباشرة:

من جانبها، تقول مريم، عاملة في إحدى المنظمات الإنسانية لـ "الديار" "لقد رأيت العديد من الحيوانات التي تم تركها بلا مأوى، وبعضها كان مصاباً بجروح خطرة في احياء الضاحية الجنوبية لبيروت. لا يمكن للكلمات وصف المعاناة التي شاهدتها بأم العين، وبعض هذه الحيوانات كانت تحتاج إلى الرعاية الفورية، ولكن في ظل الضرب المتواصل، أصبح الوصول إليها ومعالجتها تحدياً كبيراً".

في الخلاصة، لا يسعنا إلا أن نشدد على الأثر الكارثي للحرب، التي تحصد الأرواح، سواء كانت بشرية أو حجرية أو حتى حيوانية. إن الحرب ليست مجرد صراع بين طرفين، بل هي مأساة جماعية تترك آثارها العميقة في النفوس وفي المجتمعات. نحن، في جريدة الديار، نناشد المجتمع الدولي والعالم أجمع أن ينظر بعين الرحمة إلى حال المدنيين والشعب اللبناني، الذين يعانون في ظل أزمة إنسانية خانقة.

الأكثر قراءة

العلويّون ضحايا العلويين