اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

يُعتبر التوتر والإجهاد من أكثر العوامل النفسية التي تؤثر بشكل مباشر في وظائف الدماغ، لا سيما في نظام المكافأة. نظام المكافأة هو جزء معقد من الدماغ يُعنى بتنظيم المشاعر المتعلقة بالتحفيز، المتعة، والتعلم، ويعتمد على مواد كيميائية مثل الدوبامين التي تؤدي دورًا أساسيًا في تعزيز الشعور بالسعادة عند تحقيق هدف معين أو الحصول على مكافأة.

عندما يتعرض الإنسان للتوتر أو الإجهاد المستمر، يتأثر هذا النظام بشكل كبير، مما يؤدي إلى تغييرات في طريقة تفاعل الدماغ مع المكافآت. التوتر المزمن يؤدي إلى تقليل مستويات الدوبامين في الدماغ، ما يجعل الشخص أقل قدرة على الشعور بالمتعة أو الرضا حتى عند القيام بأنشطة كانت سابقًا تجلب له السعادة. قد يشعر الإنسان بفقدان الرغبة في الأنشطة التي كانت تمنحه إحساسًا بالإثارة أو المتعة، مثل التمارين الرياضية أو الهوايات، وهو ما يفتح الباب أمام مشاكل نفسية مثل الاكتئاب والقلق.

علاوة على ذلك، يؤثر التوتر في القشرة الأمامية للدماغ، وهي المنطقة المسؤولة عن اتخاذ القرارات والتفكير المنطقي. عندما يزداد الضغط النفسي، يصبح من الصعب على الشخص التحكم في رغباته أو القيام باختيارات مدروسة. في هذا السياق، يلجأ البعض إلى العادات الضارة مثل الإفراط في تناول الطعام أو التدخين أو تعاطي المخدرات، بهدف تهدئة القلق والتوتر، وهذا بدوره يزيد من تعطيل نظام المكافأة في الدماغ ويؤدي إلى إدمان المكافآت السريعة.

أحد التأثيرات المهمة للتوتر في نظام المكافأة هو أن الدماغ يبدأ في تطوير استجابات غير طبيعية للمكافآت. حيث يصبح من الصعب الشعور بالمتعة من المكافآت العادية أو البسيطة، وفي المقابل يبحث العقل عن مصادر قوية للتحفيز، ما قد يؤدي إلى السلوكيات الخطرة أو المتهورة. هذه الديناميكية تسبب دائرة مفرغة، حيث يبحث الشخص عن تجارب أكثر حدة لتعويض النقص في الدوبامين.

لحماية نظام المكافأة من التأثيرات السلبية للتوتر والإجهاد، يُنصح باتباع أساليب مثل التأمل، والتمارين الرياضية المنتظمة، والحفاظ على نمط حياة صحي يساعد في تقليل مستويات التوتر. كذلك، يمكن أن يكون للتحدث مع متخصص في الصحة النفسية دور فعال في إدارة التوتر وتحسين الصحة النفسية بشكل عام.

في النهاية، من المهم أن ندرك أن التوتر ليس مجرد شعور عابر، بل يمكن أن يكون له تأثير عميق في الدماغ وطريقة تفاعله مع المكافآت، وبالتالي في جودة حياتنا بشكل عام. التحكم في التوتر والإجهاد هو خطوة أساسية نحو الحفاظ على توازن صحي لنظام المكافأة في الدماغ، وضمان حياة أكثر سعادة ورضا. ومن الضروري أن نسعى إلى إدماج استراتيجيات فعالة في حياتنا اليومية لتقليل مستويات التوتر، مثل ممارسة تقنيات التنفس العميق، وتنظيم الوقت بشكل أفضل، وتطوير مهارات التأقلم الإيجابية، مما يعزز من قدرة نظام المكافأة على العمل بكفاءة ويعيد الشعور بالمتعة والرضا في الحياة.

الأكثر قراءة

التصعيد «الإسرائيلي» مُستمرّ... والرئيس عون يُواجه «ضغوط السلاح» بالحوار بيروت بلا ضامن للشراكة... وفي زغرتا وطرابلس تحالفات تُشعل المعركة