اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

تؤدي جودة الحيوانات المنوية دوراً حاسماً في الصحة الإنجابية، ولا يقتصر تأثيرها على خصوبة الرجل فقط، بل يمتد ليشمل صحة الأم والطفل أيضاً. في السنوات الأخيرة، بدأت الأبحاث تركز على تأثير عيوب الحيوانات المنوية، مثل التشوهات الجينية أو ضعف الحركة، في الحمل وصحة الجنين. تشير الدراسات إلى أن الحيوانات المنوية غير السليمة قد تزيد من مخاطر حدوث مضاعفات خلال فترة الحمل، مثل الإجهاض، وتسمم الحمل، وحتى الولادة المبكرة. كما أنها قد تؤدي إلى زيادة احتمالية الإصابة بأمراض وراثية أو اضطرابات تنموية لدى الطفل.

بالإضافة إلى ذلك، قد تؤثر جودة الحيوانات المنوية في صحة الأم خلال فترة الحمل، حيث يمكن أن تزيد من احتمالات حدوث التهابات أو مضاعفات صحية أخرى. من هنا، يصبح الاهتمام بصحة الرجل وجودة الحيوانات المنوية أمراً ضرورياً لضمان حمل صحي وحماية مستقبل الطفل.

ربط فريق من الباحثين، لأول مرة، بين عيوب محددة متكررة في الحيوانات المنوية وخطر حدوث مضاعفات الحمل والتأثيرات السلبية في صحة الطفل. أظهرت دراسة أجريت في جامعة لوند في السويد، أن النسبة العالية من الحيوانات المنوية للأب التي تحتوي على تلف في الحمض النووي، ترتبط بمضاعفة خطر الإصابة بتسمم الحمل لدى النساء اللاتي يحملن عن طريق التلقيح الاصطناعي، كما تزيد من خطر ولادة الطفل قبل الأوان.

وتبين أن حوالى 20-30٪ من الأطفال الذين يولدون من خلال التلقيح الاصطناعي، لديهم آباء يعانون من تلف في الحمض النووي في حيواناتهم المنوية، كما يتضح من المستويات المرتفعة من تفتت الحمض النووي. ويُعتبر مؤشر تفتت الحمض النووي (DFI) مقياسا لكمية التلف فيه، ويستخدم لتوفير معلومات جديدة مهمة حول خصوبة الذكور.

وقد تظل الحيوانات المنوية التي تحتوي على تلف في الحمض النووي خصبة، لكن فرص الإخصاب تكون أقل، وإذا تجاوزت نسبة مؤشر تفتت الحمض النووي 30٪، فإن فرص الحمل الطبيعي تقترب من الصفر.

وقاد ألكسندر جيويركمان، أستاذ الطب التناسلي بجامعة لوند، دراسة بحثية شملت 1660 طفلا تم الحمل بهم من خلال التلقيح الاصطناعي والحقن المجهري في مركز الطب التناسلي في مالمو، خلال الفترة من 2007 إلى 2018.

وأظهرت النتائج أنه في 841 زوجا خضعوا للتلقيح الاصطناعي، أدى ارتفاع مؤشر DFI بنسبة تزيد على 20% إلى مضاعفة خطر إصابة المرأة بتسمم الحمل (10.5%) وزيادة خطر الولادة المبكرة أيضا.

وفي مجموعة التلقيح الاصطناعي ذات مؤشر DFI أقل من 20%، كان هناك خطر بنسبة 4.8% للإصابة بتسمم الحمل، وهو ما يعادل حالات الحمل التي تحدث بشكل طبيعي. ويقول جيويركمان: "اليوم، لا يتم إجراء تحليل DFI إلا في بعض عيادات الخصوبة في السويد، لكننا نعتقد أنه يجب تقديمه كمعيار في جميع العيادات. يمكن أن يعطي هذا التحليل للأزواج إجابات حول سبب عدم حدوث الحمل، ويمكن أن يؤثر في طريقة الإخصاب المساعد المختارة. ليس هذا فحسب، بل تُظهر نتائجنا الأخيرة أنه يمكن استخدام تحليل DFI لتحديد حالات الحمل عالية الخطورة".

الجدير ذكره أن معظم حالات تلف الحمض النووي تحدث بسبب الإجهاد التأكسدي، وهو اختلال التوازن بين الجزيئات الضارة ومضادات الأكسدة التي تحمي الخلايا. وتشمل العوامل الأخرى التي تزيد من تفتت الحمض النووي: عمر الرجل والتدخين والسمنة والالتهابات.

الأكثر قراءة

مُعجزة الجنوب... مُعجزة لبنان