اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

التدخين يُعَدُّ واحدًا من أخطر العادات التي تهدد صحة الإنسان على مختلف الأصعدة. فعلى الرغم من الوعي المتزايد حول مخاطره، إلا أن الكثيرين يجهلون تأثيراته السلبية الشاملة في الجسم، خاصة على العظام. فالتدخين لا يقتصر ضرره على الجهاز التنفسي والقلب فحسب، بل يمتد ليشمل العظام أيضًا، مما يزيد من احتمالية الإصابة بأمراض خطرة مثل هشاشة العظام، ويؤثر في سرعة التعافي من الإصابات والكسور. تلك العادة تؤدي إلى تدهور بنية العظام على المدى الطويل، مما يجعل الجسم أكثر عرضة للكسور وضعف التئام الجروح.

يُعَدُّ التدخين عاملًا رئيسيًا يؤدي إلى تدهور صحة العظام بمرور الوقت. وفيما يلي شرح تفصيلي حول تأثير التدخين في العظام والصحة العامة لها:

- تأثير التدخين في كثافة العظام: يؤثر التدخين بشكل مباشر في كثافة العظام، حيث يقلل من امتصاص الجسم للكالسيوم الضروري لبناء العظام والحفاظ عليها. النيكوتين، وهو المادة الفعّالة في السجائر، يعيق عملية امتصاص الكالسيوم في الأمعاء، مما يؤدي إلى انخفاض مستويات الكالسيوم في الدم. هذا النقص يسبب ضعفًا في تكوين العظام وزيادة خطر الإصابة بأمراض مثل هشاشة العظام، وهي حالة تصبح فيها العظام هشة وقابلة للكسر بسهولة.

- تأثير التدخين في الخلايا البانية للعظام: التدخين يؤثر أيضًا في نشاط الخلايا البانية للعظام (الأوستيو-بلاستس)، وهي الخلايا المسؤولة عن تكوين الأنسجة العظمية الجديدة. النيكوتين وغيره من المواد الكيميائية الموجودة في السجائر تؤدي إلى تقليل نشاط هذه الخلايا، مما يعيق تجديد الأنسجة العظمية. نتيجة لذلك، تصبح العظام أضعف وأقل قدرة على التجدد والتكيف مع الضغوط اليومية، مثل الحركات البدنية أو الإصابات.

- زيادة خطر الكسور وضعف التئام الجروح: التدخين يزيد بشكل كبير من احتمالية التعرض للكسور، خاصة في مناطق مثل الورك، العمود الفقري، والمعصمين. المدخنون يكونون أكثر عرضة للإصابة بكسور بسبب ضعف بنية العظام. ليس ذلك فحسب، بل يؤثر التدخين في عملية التئام الجروح بعد الإصابات أو العمليات الجراحية المتعلقة بالعظام. حيث يتسبب التدخين بتقليل تدفق الدم إلى العظام والأنسجة المحيطة بها، مما يبطئ من قدرة الجسم على إصلاح الأضرار.

- العلاقة بين التدخين وهشاشة العظام: التدخين يُعتبر من أهم العوامل التي تسهم في تطور هشاشة العظام، وهي حالة تحدث عندما تفقد العظام جزءًا من كثافتها وتصبح أكثر عرضة للكسر. تشير الدراسات إلى أن المدخنين، خاصة النساء بعد سن اليأس، يكونون أكثر عرضة للإصابة بهشاشة العظام مقارنة بغير المدخنين. هذا يرجع إلى أن التدخين يؤثر في مستويات هرمون الإستروجين الذي يساعد في حماية العظام. نقص الإستروجين يؤدي إلى تسارع فقدان الكتلة العظمية، مما يزيد من خطر الإصابة بالكسور.

- تأثير التدخين على المفاصل: إلى جانب تأثيره على العظام، يُسهم التدخين في تدهور صحة المفاصل. حيث يزيد من خطر الإصابة بالتهاب المفاصل التنكسي (Osteoarthritis) والتهاب المفاصل الروماتويدي (Rheumatoid Arthritis). هذه الحالات تؤدي إلى تآكل المفاصل وزيادة الألم وصعوبة الحركة. كما أن التدخين يعيق تدفق الدم إلى المفاصل، مما يقلل من قدرة الأنسجة على التجدد ويحرمها من العناصر الغذائية الضرورية.

- تأثير التدخين في العظام في مراحل النمو: التدخين يؤثر بشكل خاص في العظام في مراحل النمو، حيث ان الشباب والمراهقين الذين يدخنون يكونون أكثر عرضة لمشاكل ضعف نمو العظام. في هذه المرحلة الحرجة، يكون الجسم في حاجة ماسة الى العناصر الغذائية لبناء عظام قوية وصحية، والتدخين يعطل هذه العملية. كما أن الأشخاص الذين يبدؤون التدخين في سن مبكرة يعانون من ضعف كثافة العظام عند بلوغهم مرحلة البلوغ، مما يجعلهم أكثر عرضة لمشاكل العظام في المستقبل.

- الإقلاع عن التدخين وتحسين صحة العظام: على الرغم من التأثيرات السلبية العديدة للتدخين في العظام، فإن الإقلاع عنه يمكن أن يُحسّن صحة العظام بشكل ملحوظ. حيث تظهر الدراسات أن الأشخاص الذين يقلعون عن التدخين يقل لديهم خطر الإصابة بالكسور، كما أن عملية بناء العظام وتجديدها تتحسن تدريجيًا. تعزيز النظام الغذائي بمصادر غنية بالكالسيوم وفيتامين D وممارسة التمارين الرياضية المنتظمة يمكن أن يساعد في تعويض الأضرار التي سببها التدخين وتعزيز قوة العظام.

إنّ التدخين لا يؤثر فقط في صحة القلب والرئتين، بل يمتد تأثيره إلى العظام، مما يسبب ضعفها وزيادة خطر الإصابة بالكسور وأمراض العظام التنكسية. الحفاظ على صحة العظام يتطلب الابتعاد عن التدخين وتبني نمط حياة صحي يشمل نظامًا غذائيًا متوازنًا ونشاطًا بدنيًا منتظمًا. الإقلاع عن التدخين ليس فقط خطوة ضرورية لتحسين صحة العظام، بل هو استثمار في صحة الجسم بشكل عام، مما يضمن حياة أطول وأكثر حيوية.


الأكثر قراءة

رئيس آخر لجمهوريّة أخرى