اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

ماذا يريد بنيامين نتياهو أن يفعل أكثر مما فعله حتى الآن؟ باحثون في "معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى" يقولون أن بعض أركان اللوبي اليهودي يدعونه الى احتساب خطواته، من الآن وصاعداً، بمنتهى الدقة لأن الاستمرار في السياسات الراهنة، وفي منطقة تتقاطع فيها التفاعلات التاريخية والتفاعلات الايديولوجية، قد يضعه، ويضع اسرائيل، عند مفترقات خطيرة. بالحرف الواحد "ليست كل الطرق الأميركية مشرعة أمامك".

باب الزنزانة لم يعد بانتظاره. انه الآن ملك اسرائيل. لا أحد من أنبياء التوراة صنع مثل كل ذلك الخراب. قهقهات يهوه تلعلع في أصقاع الدنيا. العرب اما على وشك التوجه الى أورشليم لتهنئته بعرش داود، أو أنهم يختبئون وراء جثثهم خشية أن تصل اليهم النيران.

هو اللأميركي الذي يجر البيت الأبيض وراءه كما لو أنه يجر كلب العائلة، بل الذي يجر الكرة الأرضية. الدليل أين روسيا، وأين الصين، وأين أوروبا؟ المستشار أولاف شولتس كاد يبعث جيشه للقتال الى جانبه (في فضيحة ألحقت العار بذلك التراث الألماني الفذ).

الأتراك لا يعرفون أين يضعون رؤوسهم، بعدما ظهر "خليفة المسلمين" على شاكلة "جارية السلطان". الايرانيون لم يتركوا باباً الا وطرقوه كي لا يضرب الاسرائيليون منشآتهم النووية أو النفطية، ليبحثوا عن أي طريق، ولو كان طريق الجلجلة، لوقف الكارثة التي يتهمهم الكثيرون بالوقوف وراءها. ما يتردد اسرائيلياً أن الضربة ستترك آثاراً مدوية على النظام الايراني.

أين غزة الآن، وقد سقط يحيى السنوار، ليحل خالد مشعل محله (ما أدراكم ما ومن خالد مشعل)، بعدما تحولت الى ركام. تماماً كما كان يحلم دافيد بن غوريون الذي يصفق الآن من قبره لبنيامين نتنياهو؟ وأين هي الضفة التي أذا ما ثارت لا بد أن يصيبها ما أصاب القطاع؟ وأين هو لبنان، وقد تحولت مدن، وقرى، "البيئة الحاضنة" الى أرض يباب، ليبقى الرهان على أولئك الرجال الذين يواجهون، بمفردهم، كل آلهة الجحيم؟

الكثير يتردد وراء الضوء، وفي أكثر من حاضرة عربية ودولية، حول تفاصيل المحادثات الأميركية ـ الايرانية للحيلولة دون اسرائيل وتدمير المفاعلات النووية، وكذلك المنشآت النفطية، ما يمكن أن يزعزع النظام الذي لطالما هدد باخراج "الشيطان الأكبر" من الشرق الأوسط فاذا بـ"الشيطان الأصغر" يهدده باخراجه من الشرق الأوسط.

خط طويل من علامات الاستفهام. لا تعنينا "البهورات" والتفاهات، التي يتقيؤها ببغاءات، أو غربان، الشاشات. هل حقاً أن الأميركيين أبلغوا ايران أنهم سيقاتلون الى جانب اسرائيل اذا ما حاولت الرد على الضربة الاسرائيلية، وهم الذين يستعدون لخطوتهم الأولى نحو صياغة شكل جديد للشرق الأوسط، وفق الرؤية الأميركية لا وفق الرؤية الاسرائيلية (هل من فوارق في الرؤية؟) وسواء عاد دونالد ترامب الى البيت الأبيض أم انتقلت كامالا هاريس، ببضع خطوات، الى المكتب البيضاوي.

لندع السفراء الأميركيين في بعض دول المنطقة ينقلون الى كبار المسؤولين فيها الشروط الجيوسياسية التي فرضتها الادارة على ايران لقاء تعيين الحدود القصوى للضربة الاسرائيلية.

لعل مرجعيات لبنانية باتت على علم بتلك الشروط التي يمكن تلمّسها في كلام مصادر ديبلوماسية أطلسية حول المسارات الاستراتيجية الجديدة في الشرق الأوسط. لن نسأل أين، وكيف، ستكون ايران التي اكتشفت، بعد تلك التجربة العاصفة، في اي زمن نعيش. لم يعد الحديث عن العصر الأميركي وانما عن... الزمن الأميركي!

وأين سيكون لبنان ليأتينا الرد "ان اقتلاع جبل صنين من مكانهه أكثر سهولة من اقتلاع المقاومة من مكانها"؟ على الضفة الأخرى "هونغ كونغ لا هانوي".

بطبيعة الحال ما بعد الحرب (أياً كان شكل الحرب) ليس كما ما قبل الحرب. بعد لحظات من استشهاد السيد حسن نصرالله (وقد شعر الكثيرون لكأنه موت العالم) قالت "فوكس نيوز" "اذاً... انه الشرق الأوسط الآخر". ولكن متى لم تكن المنطقة محظية أميركية؟ نتنياهو، رغم كل شيء، لاعب على الجزء الأمامي من المسرح. ثمة لاعب آخر على الجزء الخلفي. هو من يدير الرسوم المتحركة.

الآن بدأت الصورة تظهر تدريجاً كما يفترض أن تظهر. نصائح أوروبية الى الساسة اللبنانيين ليكونوا بمستوى المرحلة التي ستكون أكثر من دقيقة، وأكثر من خطيرة. أي لبنان يريد اللبنانيون لا أي لبنان يريد الأميركيون...

الأكثر قراءة

من الكهوف الى الملاهي الليلية