اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

صعود يحيى السنوار في حركة "حماس" يمثل تحولًا طبيعيًا لشخص عايش آثار الاحتلال منذ نعومة أظفاره. بدأ مسيرته كمقاوم حين كان طالبًا، حيث نضج سياسيًا وأمنيًا منذ تلك المرحلة. بعد تدرّجه في حركة "الإخوان المسلمين"، شارك في تأسيس "حماس"، وأصبح لاحقًا قائدًا لـ"كتائب عز الدين القسام" ثم رئيسًا لحركة "حماس" في غزة، ثم تولى رئاسة المكتب السياسي بعد اغتيال سلفه الشهيد إسماعيل هنية على يد الاحتلال الإسرائيلي في طهران.

نجح السنوار في بناء بنية عسكرية قوية لحركة "حماس"، وأنشأ شبكة أنفاق كبيرة تحت قطاع غزة. كما قاد التخطيط لعملية "طوفان الأقصى" في 7 تشرين الأول 2023، التي أحدثت صدىً كبيرًا لدى الاحتلال، ثم قاد المقاومة ضد العدوان الإسرائيلي على غزة خلال العام التالي.

وُلد يحيى إبراهيم حسن السنوار في 19 تشرين الاول 1962 في مخيم خان يونس للاجئين. كانت عائلته قد هجرت من مدينة مجدل بعد احتلالها في عام 1948. درس في مدرسة خان يونس الثانوية ثم التحق بالجامعة الإسلامية في غزة حيث حصل على بكاليوس في الدراسات العربية.

تزوج في 21 تشرين الثاني 2011 من سمر محمد أبو زمر، ولديه ابن واحد يُدعى إبراهيم. خلال دراسته الجامعية، كان ناشطًا في "الكتلة الإسلامية" وهي الجناح الطلابي لحركة "الإخوان المسلمين". تولى عدة مناصب في مجلس الطلاب بالجامعة الإسلامية، مما أتاح له اكتساب خبرة أهلته لتولي أدوار قيادية في حركة "حماس" بعد تأسيسها عام 1987.

أسس مع آخرين "منظمة الجهاد والدعوة" في 1986، التي كانت تهدف للكشف عن عملاء الاحتلال الإسرائيلي. تعرض للاعتقال عدة مرات، حيث أُلقي القبض عليه لأول مرة في عام 1982 بسبب نشاطه الطلابي، وظل في السجن لعدة فترات مع عقوبات طويلة.

خلال فترة اعتقاله تولى قيادة “الهيئة القيادية العليا” لأسرى “حماس” في السجون لدورتين تنظيميتين، وساهم في إدارة المواجهة مع مصلحة السجون خلال سلسلة من الإضرابات عن الطعام، بما في ذلك إضرابات أعوام 1992 و1996 و2000 و2004.

تنقل بين عدة سجون، منها المجدل وهداريم والسبع ونفحة، وقضى 4 سنوات في العزل الانفرادي، عانى خلالها من آلام في معدته، وأصبح يتقيأ دماً وهو في العزل.

حاول الهروب من سجنه مرتين، الأولى حين كان معتقلاً في سجن المجدل في عسقلان، والثانية وهو في سجن الرملة، إلا أن محاولاته باءت بالفشل.

في سجن المجدل، تمكن من حفر ثقب في جدار زنزانته بواسطة سلك ومنشار حديدي صغير، وعندما لم يتبق سوى القشرة الخارجية للجدار انهارت وكشفت محاولته، فعوقب بالسجن في العزل الانفرادي.

وفي المحاولة الثانية في سجن الرملة، استطاع أن يقص القضبان الحديدية من الشباك، ويجهز حبلاً طويلاً، لكنه كشف في اللحظة الأخيرة.

تعرّض لمشاكل صحية خلال فترة اعتقاله، إذ عانى من صداع دائم وارتفاع حاد في درجة الحرارة، وبعد ضغط كبير من الأسرى أجريت له فحوصات طبية أظهرت وجود نقطة دم متجمدة في دماغه، وأجريت له عملية جراحية على الدماغ استغرقت 7 ساعات.

حرم خلال فترة سجنه من الزيارات العائلية، وصرح شقيقه غداة الإفراج عنه أن الاحتلال منعه من زيارة يحيى 18 عاماً، كما أن والده زاره مرتين فقط خلال 13 عاماً.

استثمر يحيى السنوار فترة السجن التي استمرت 23 عاماً في القراءة والتعلم والتأليف، تعلم خلالها اللغة العبرية وغاص في فهم العقلية الإسرائيلية، وألف عدداً من الكتب والترجمات في المجالات السياسية والأمنية والأدبية.

أُطلق سراح يحيى السنوار في عام 2011، وكان ضمن مجموعة من أكثر من ألف أسير تم تحريرهم مقابل الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط في صفقة عُرفت باسم "وفاء الأحرار".

تمت الصفقة بعد أكثر من خمس سنوات من احتجاز شاليط في غزة، ولم تتمكن "إسرائيل" من إنقاذه خلال العدوان الذي شنته على القطاع في نهاية 2008.

بعد الإفراج عنه، انتُخب السنوار عضوًا في المكتب السياسي لحركة "حماس" خلال الانتخابات الداخلية في 2012، وتولى أيضًا مسؤولية الجناح العسكري "كتائب عز الدين القسام"، حيث نسق بين المكتب السياسي والقيادة العسكرية للحركة.

لعب دورًا محوريًا في التنسيق بين الجانبين السياسي والعسكري خلال العدوان الإسرائيلي على غزة في 2014، وأجرى تقييمات شاملة للأداء القيادي بعد انتهاء العدوان، مما أسفر عن إقالة قيادات بارزة.

في عام 2015، عُين مسؤولًا عن ملف الأسرى الإسرائيليين وقيادة المفاوضات معهم، وفي نفس السنة، وضعت الولايات المتحدة اسمه في قائمة "الإرهابيين الدوليين"، كما أدرجته "إسرائيل" ضمن المطلوبين في قطاع غزة.

انتُخب في 13 شباط 2017 رئيسًا للمكتب السياسي للحركة في قطاع غزة خلفًا لإسماعيل هنية. خلال تلك الفترة، حاول تحسين العلاقات مع السلطة الفلسطينية بقيادة "فتح" بهدف إنهاء الانقسام السياسي، لكن محاولاته لم تنجح.

عمل أيضًا على تعزيز العلاقات مع مصر، حيث التقى بوفد أمني مصري في القاهرة عام 2017، وتم التوصل إلى اتفاقات حول الأوضاع الإنسانية والأمنية.

في مارس 2021، انتُخب رئيسًا لحركة "حماس" في غزة لولاية ثانية مدتها أربع سنوات.

تعرض منزله لقصف متكرر من قبل طائرات الاحتلال، حيث دُمر بالكامل في 2012، ثم تعرض للقصف مرة أخرى خلال العدوان في 2014 وأيضًا في مايو 2021.

يُعرف السنوار بأنه شخصية حذرة، قليل الكلام ونادر الظهور، لكنه يمتلك مهارات قيادية قوية ويترك تأثيرًا كبيرًا على أعضاء الحركة.

بعد عملية "طوفان الأقصى" في 7 تشرين الاول 2023، أصبح السنوار المطلوب الأول للاحتلال الإسرائيلي، جنبًا إلى جنب مع محمد الضيف، القائد العام لـ"كتائب عز الدين القسام". اعتبره المسؤولون الإسرائيليون العقل المدبر للعملية.

لم يظهر علنًا خلال الحرب، لكنه التقى بعض الأسرى الإسرائيليين أثناء احتجازهم وأخبرهم بلغة عبرية سليمة بأنهم في مكان آمن.

في 6 كانون الاول 2023، أعلن رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، عن محاصرة منزل السنوار، لكن لم يتمكن الجيش من الوصول إليه، مع مزاعم بأنه يدير العمليات من داخل شبكة الأنفاق التي أنشأها.

في 31 تموز 2024، اغتيل إسماعيل هنية، وبعد دفنه في قطر، انتخبت هيئة الشورى في الحركة، يحيى السنوار رئيسًا جديدًا للحركة في 6 آب 2024.

الكلمات الدالة

الأكثر قراءة

حزب الله يُحذر من الخروقات «الإسرائيليّة»: للصبر حدود الجولاني مُستقبلا جنبلاط: سنكون سنداً للبنان