هل ما جرى ويجري في لبنان في الاشهر القليلة الماضية، أمر عادي وطبيعي ومقبول؟
قد يبدو السؤال في ظاهره سخيفاً وروتينياً. ولكن نعود ونكرره. إذ يتسمر اللبنانييون يومياً امام شاشات التلفزة، وبعضهم يحضرها "لايف" على الساحة، ليشاهدوا الغارات والقصف والضرب في البقاع، حيث لم تنج اي بلدة من بلداته من العدوان، والجنوب الذي سويت منازله ومؤسساته بالارض، والضاحية الجنوبية لبيروت، بالاضافة الى اماكن متفرقة. ويستشهد يومياً العشرات ومن بينهم نساء واطفال وشيوخ، ويجرح المئات. وفي اليوم التالي تغص الطرقات بالسيارات في بعض الامكنة التي حصلت فيها الإعتداءات. هذا اذا لم نتكلم على الاوقات التي تقصف فيها القرى والبلدات بعشرات الصواريخ ليل نهار، وفي الوقت عينه يقيم اللبنانيون الحفلات واللقاءات في المطاعم والمقاهي القريبة والبعيدة وكأن الامر طبيعي.
سألني احد اقربائي في الخارج: لماذا استمرت الحرب عندكم اكثر من أربعين سنة؟ فأجبته: لأن اللبناني يفتخر بأن لا عقبات تقف امامه ومنها القصف والضرب، حتى ولو كان يعمل في النهار، ويتابع سقوط القذائف والصواريخ ليلاً، كما كان يحصل في الثمانينات. وبالتالي في هذا الشارع "يجنز" الأهل موتاهم، وفي الشارع المقابل الحياة طبيعية والمطاعم والمقاهي تعمل بصورة عادية.
وبالتالي، ما نخشاه اليوم ان يكون الشعب اللبناني قد تعود أخبار القصف والتدمير في مناطق معينة، ويعتبر الامر روتينياً وطبيعياً، مع فارق مهم وهو ان الرئيس الشهيد رفيق الحريري ليس موجوداً ليجول على دول العالم ويطالبها بوضع حد للعدوان، وهي التي تضع شعاراً مهماً يتعلق بحقوق الإنسان، في حين ان المسؤول الحالي يجول على بعض الجمعيات الخيرية.
في كتابي حول طرائف ومواقف القضاة والمحامين، اوردت في الصفحة 11 منه مثلاً اعطاه المرحوم عبدالله الحاج لعميد الكتلة الوطنية المرحوم ريمون إده، وهو مأخوذ اصلاً عن مجلة الحوادث، جاء فيه: "عندما انتخب المحامي ريمون إده عميدا للكتلة الوطنية كان كثير الحماسة والأهتمام والشكوى و "النرفزة"، فجاءه المرحوم عبدالله الحاج وقال: يا عميد كفى ركضا و "نرفزة"... ان الشعب اللبناني لا يشعر بالمصيبة الا اذا اصابته هو شخصياً".
وروى عبدالله الحاج كيف انه عندما كان طفلا شاهد عملية دمغ البقر بخاتم ملكية والده لها، اذ كانت البقر منهمكة في تناول علفها وهي واقفة في صف واحد الى جانب بعضها بعضا، وكان الشخص الذي يحمل الخاتم وهو ملتهب بالنار يغرزه في جلد البقرة التي تصرخ من الالم، فيما تستمر جارتها الى جانبها في التهام العلف، وكأن ما جرى لا يعنيها، وكأن النار لن تأتيها!
فهل نتعلم من الماضي، ونتكاتف ونتضامن بصدق لإنقاذ ما يمكن انقاذه؟
نقيب المحامين السابق في بيروت
يتم قراءة الآن
-
إنذار سعودي أخير وخطير للبنان
-
المخاطر تتزاحم: «إسرائيل»... أمن المخيمات... والخطر السوري؟ واشنطن تصرّ على تهميش باريس... ولا تفعيل للجنة وقف النار تفاهم «ثلاثي» على تعيينات قضائية ومالية في الحكومة اليوم
-
لبنان بين الوصاية السوريّة والوصاية "الإسرائيليّة"
-
هل سيستقبل لبنان الشيباني بعد تهديدات الشرع؟ موسم الاصطياف ينعش لبنان رغم شائعات الحرب قانون الانتخابات محور الصراعات الكبرى والجنوب محاصر بالمسيّرات
الأكثر قراءة
عاجل 24/7
-
10:54
السفير السعودي وليد البخاري وصل إلى المقر البطريركي في البلمند، للقاء البطريرك يوحنا العاشر
-
10:51
تايوان تنشر صواريخ هيمارس الأميركية في تدريبات سنوية
-
10:33
شبكة ABC: حصيلة قتلى فيضانات ولاية تكساس ترتفع إلى 129 و166 في عداد المفقودين
-
09:51
الأونروا: يجب رفع الحصار والسماح لنا باستئناف إيصال المساعدات الإنسانية بما في ذلك مستلزمات النظافة إلى غزة
-
09:34
مسيّرة "إسرائيلية" استهدفت بصاروخين بلدة الخيام جنوبي لبنان
-
09:29
وزير الخارجية الأوكراني: تعرض مدن تشيرنيفتسي ولفيف ولوتسك الغربية لهجوم مروع وتضرر مناطق أخرى بالقصف الروسي
