اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

"كاميرا"، صرخة من قلب المسرح الأردني يتردّد صداها عالياً للمطالبة بإحقاق الحقّ الفلسطيني ضدّ الباطل الإسرائيلي. وعلى مدار 75 دقيقة، شهدت خشبة "المركز الثقافي الملكي" في العاصمة الأردنية عمّان، عرضاً يؤرّخ للقضية الفلسطينية منذ ثورة العام 1936 وصولاً إلى "طوفان الأقصى".

فن مقاوم

عبر استعراض 7 لوحات فنية، تعدّدت الحكايات وتنوّعت وتشابكت الروايات وتفرّعت، لكنها عادت لتلتقي مجدداً في مربّع الألم والأمل.

في حديثها أكدت مخرجة المسرحية، مجد القصص، أن "الفن جزء لا يتجزأ ولا يقل أهمية عن المقاومة المسلحة".

وأشارت إلى أن "المقاومة الناعمة هي وسيلة لإيصال الرسائل المقاومِة عبر تثقيف العقول وتنويرها، ولا سيما الأجيال الصاعدة"، مضيفة أن إدراج قصة الفتاة "وصال" التي فقدت والديها في مجزرة صبرا وشاتيلا، ومن ثمّ تمّ تبنّيها في تونس؛ لتعود وتبحث عن أصلها الفلسطيني، "جاء عن سبق إصرار لتأكيد أن مجازر "إسرائيل" عصية على النسيان ولا تسقط بالتقادم.

وتضيف القصص أنه "لا بدّ من إبراز معاناة فلسطينيّي الشتات والمهجر وإيصال السردية الحقيقية، فالمسرحية هي صرخة في وجه المظلومية التي تتعرّض لها فلسطين".

المسرحية، التي جمعت بين الأداء المسرحي والمشاهد الوثائقية والأداء التعبيري والغناء، ركّزت على طغيان الاحتلال وصمود الفلسطينيين. تغريبة فلسطينية تجمع الماضي والحاضر عبر خطاب راقٍ وحبكة درامية جعلت المتلقّي ينصهر في بوتقة الأحداث ويتفاعل معها منذ البداية حتى النهاية.

وباتساع المشهد تكبر الصورة. "أمّ علي" تعتلي خشبة المسرح كشخصية فانتازية تجمع بين الواقع والخيال، وتحاول جاهدة أن تلملم أطراف حكاية شعب يسعى الاحتلال لاقتلاعه من أرضه فيزداد تجذّراً وتشبّثاً بها أكثر فأكثر. يغيب في حضور "أم علي" الزمان والمكان، وتبقى شاخصة تمثّل برمزيتها فلسطين: القضية العادلة من أجل الحرية والتحرير.

في هذا الإطار، تقول الفنانة الأردنية، نهى سمارة، التي أدّت شخصية "أمّ علي"، إن "ما يجري من تطهير عرقي وإبادة جماعية في غزة لا يتطلّب إلقاء الضوء عليه فنياً فقط، بل يستوجب العودة إلى بدايات الصراع، والتركيز على ما شهدته فلسطين على مرّ الزمان من إجرام وتهجير".

وتضيف "معادلة الصمود الأسطوري الذي تعيشه غزة تؤكد للقاصي والداني أن صاحب الحقّ لا يتخلى عنه بل يدافع ويدفع الغالي والنفيس من أجله. لذلك تجلّت جلّ المشاهد التي أدّتها "أمّ علي" بأنها رغم النار والدمار ترفض التهجير. وجملة "مش طالعة" يتردّد صداها في المسرح طوال عرض المسرحية فهي لا تعرف الخنوع أو الخضوع".

ظلام سجن وظلم سجّان

إحدى اللوحات الفنية المؤثّرة التي ألقت المسرحية الضوء عليها هي معاناة الأسيرات الفلسطينيات اللاتي يقبعن خلف قضبان السجّان عبر شخصية "مريم"، المرأة الحامل التي سجنت بتهمة الاعتقال الإداري، ووضعت مولودها في السجن. فالمسرحية ركّزت على العذاب الذي تتعرّض له الأسيرة لتؤكد أن ظلام السجن وظلم السجّان الإسرائيلي لا يقفان أمام إرادة الفلسطيني في معركته من أجل البقاء، وتثبت أن إرادة صنّاع الحياة تنتصر على عشّاق الموت وأن فلسطين ولّادة.

حضور بارز أيضاً للمرأة الفلسطينية في المسرحية. خنساء فلسطين تجسّدت عبر شخصية "أمّ رضوان" التي قدّمت 5 شهداء من أبنائها قرابين على مذبح الحرية والتحرير وتقول هل من مزيد. لا تبكي وهي تودّع شهداءها وإنما تطلق الزغاريد كيلا يفرح الاحتلال، فتضحك وتغني رغم الحزن الساكن فيها ليل نهار.

التصوير ممنوع

تتمحور فكرة المسرحية في رصد مراسل إخباري ومصوّر صحافي لأبرز الأحداث التي عاشها ويعايشها الشعب الفلسطيني الذي يرزح تحت نير الاحتلال منذ عقود طويلة - وعلى وجه التحديد - قطاع غزة، وبما تتضمّنه من معاناة بطعم الحنظل وعذابات بنكهة العلقم.

وبين الحين والآخر، يقفز المستوطنون الإسرائيليون إلى خشبة المسرح؛ ليمنعاهما من توثيق الأحداث لكنهما يرفضان ويستمران في إماطة اللثام عن جرائم الاحتلال، وعرض الحقيقة بأبلغ وأصدق ما يكون العرض بالصوت والصورة.

يقول مؤلف المسرحية، زيد خليل، في حديث مع "الميادين الثقافية" إنه كان لا بدّ من تجسيد استهداف "إسرائيل" المتعمّد لمن يمتهن الصحافة، مهنة المتاعب في كل مكان وزمان؛ لكن صاحبة الجلالة في فلسطين لا تزرع رعاياها في قلب المتاعب وعلى حد الخطر فحسب بل تغرسهم في عين الموت.

ويضيف "كيلا ينسى العالم الذي يتشدّق بحرية الرأي والتعبير وجب التركيز على استهداف الصحافي الشاهد والشهيد، الذي يصرّ على نقل الحقيقة حتى وإن غدا في ذلك هو نفسه الخبر".

يذكر أن المسرحية ستعرض قريباً في تونس كجزء أساسي في ميدان النضال الفلسطيني ولتأكيد أن الفن والمقاومة متصلان. 

الأكثر قراءة

ما قضيّة لبنان ما لبنان بعد الحرب ؟